تعقيباً على ما أمر به خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - من مكرمة بإطلاق بعض السجناء من ذوي الحق العام والمعسرين ممن تنطبق عليهم الشروط أود أن أعقب بالقول بأن تهيئة المجتمع بكافة مؤسساته وفئاته لاستقبال الخارجين من السجن بتفهم كبير ومساندة معنوية متواصلة أهم ما يكون وأحوج ما يطلب لحمايتهم من العود السلوكي غير المنضبط وأول المسؤولين هم الأسرة والأقارب بإحاطة العائدين بسياج القرابة والرحمة والتواد خشية عودة إلى الطريق والسلوك غير المتزن في محيط المجتمع ومن ثم مؤسسات المجتمع المدني والتي يوكل لها ترتيب العودة بتوفير العمل وخصوصاً لمن تلقوا تدريباً مهنياً ومعرفياً في داخل السجون الإصلاحية التي تحظى بالدعم من قِبل المسؤولين بإعادة تهيئة وتدريب وتعليم المحكومين من خلال الدورات التدريبية. والنقطة الأهم هنا هو أن يرسم الخارج من المحكومية طريقاً واضحاً وصريحاً بحيث يعلم نفسه ويتعلم من غيره ضرورة الثبات وعدم التأثر بالمغريات وعدم الاستسلام السريع وطرد الإحساس بالعجز والفشل لمجرد التعثر في بداية البحث عن عمل أو تكوين علاقات طيبة ومتزنة مع أفراد المجتمع والنظر بجدية إلى ما يخص حياته الشخصية إن كأنما يتعلق بحياته وحياة أولاده وعمله وعمله الذي هو مصدر رزقه ومعاشه. عن دخول الجهات الإصلاحية والمراكز التأهيلية لا يعني نهاية العالم بل إن الخروج منها هو بداية حياة جديدة وقرار جديد يتحمل مسؤولية اتخاذه صاحبه وحده وهو لن يعدم الدعم النفسي والمادي متى ما وجد المجتمع المحيط به من أقاربه ومن مؤسساته الجدية ولمس في تخطيطه الجديد سلامة في التصور للوضع الذي هو عليه وما يجب أن يكون عليه المهم في القضية هو اتخاذ القرار فالقرار المتخذ هو بمثابة تأشيرة الدخول لحياة جديدة تتطلب الجدية في الممارسة والقناعة بما هو موجود وطلب المزيد من النجاح بعيداً عن الاتكالية والأنانية والعجز والاعتماد على غيره والحياة بما فيها من عراك حاد وتضاد وتنافر وتوافق في أحيان كثيرة تجعل الإنسان بالكاد يبحث ويهتم عما يخصه هو فقط وبالتالي فإنك قد يصعب عليك أن تجد في قادم الأيام من يأخذ بيدك ويرشدك إلى مصلحتك سواء في تعامل أو عمل أو علاقة أو زواج ما لم يجدوا ويلمسوا جدية ومبادرة منك لست وحدك بل وجميع أفراد المجتمع فالطريق إلى النجاح أو حتى الوصول إلى أولى عتباته يتطلب الجهد والمثابرة والكفاح بالعلم والعقل وحسن النية وسيظل المجتمع بكافة أطيافه يقدر التغيير والمتغير ويثني على إيجابيته ويرفض سلبيته أياً كانت ومن أي شخص كانت.