لم تكن جولات المليك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتفقد أحوال المواطنين وليدة لحظة طارئة بل جاءت امتداداً لما عُرف به -حفظه الله- من حرصٍ على مصالح المواطنين وسهرٍ على سعادتهم وراحتهم، وجاءت متوافقة مع مسعى هذا العهد الميمون لأبناء الملك المؤسس - رحمه الله - على التواصل المستمر مع أبناء الوطن في مواقع عملهم وفي مناطق إقاماتهم حرصاً على الوقوف على ما يهمهم، وما يُهيئ لهم سبل العيش الرغيد في ربوع هذا الوطن، ويجيء ذلك ثمرةً من ثمار تربية صقر الجزيرة -طيَّب الله ثراه- الذي غرس في هذه الدوحة المباركة حبَّ الخير والعمل لسعادة الرعية وتحرِّي ما فيه صالحهم والسعي نحوه ما دام لا يتعارض ذلك الصالح مع ما جاء به الشرع الحنيف، ولعل ذلك هو ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - عندما خاطب أبناء هذا الوطن حين قال: (أعاهد الله ثم أعاهدكم أن اتخذ القرآن دستوري والإسلام منهجي وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وتحقيق العدل وخدمة المواطنين). وها هو ذا -حفظه الله- يبرُّ - كما عُرف عنه - بما عاهد عليه واستمرت يده تمتد بالعطايا لجميع أبناء المملكة لتستمر مسيرة الخير وتتدفق ثمارها في مختلف الميادين، فكانت تلك الرواتب التي تزايدت، وكان ذلك القرار الإنساني الحكيم بتخفيض أسعار الوقود، لتعم المكرمة كل من يعيش على أرض هذا الوطن المعطاء، فلا يُخفى على رجال الاقتصاد كما لا يُخفى على أحدٍ من الناس ما يحدثه هذا التخفيض من آثار إيجابية على الدخل الحقيقي للأفراد وللمؤسسات والشركات فوق أرض المملكة مما يؤدي إلى تدني الأسعار وتخفيضها وتحسين مستوى المعيشة فيها. ومع تعدد المكرمات التي توالت لتحسين الحياة وتطوير جوانبها المختلفة في المملكة، ومع تزايد حرص قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على خدمة المواطنين فقد توجَّهت - وبتوجيهات القيادة - كل الجهود نحو خدمة المواطن وتحقيق رفاهيته وتوجَّهت العوائد المتزايدة من أسعار البترول نحو هذا الهدف النبيل الذي يحرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيقه بأفضل صورة. وفي وسط هذا المناخ المتدفق مع العطايا توجَّه القائد الإنسان نحو فئة من أبناء شعبه وهم السجناء من المعسرين وغير القادرين على الوفاء بما يفك عنهم سجنهم ويطلق سراحهم فكانت تلك المكرمة الإنسانية السخية لهذه الفئة لتدخل البهجة والسرور عليهم وعلى ذويهم ولتعطي الحقوق إلى أصحابها بعد أن تلاشى الأمل فيها بسبب إعسار هذه الفئة حتى جاءت هذه اللفتة الإنسانية والمكرمة الكريمة بتحمل الحقوق وسدادها وفك سجن أولئك المعسرين ولم شملهم بأسرهم وإدخال البهجة على قلوبهم، وبذلك يدخل -حفظه الله- تحت مظلة من بشرهم سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: (مَنْ يسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). وقد امتدّ هذا العون في ساحة العطاء عَبْر اهتمام القائد الإنسان بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وتمثل ذلك في العديد من القرارات التي اهتمت بكل ما يهم ويمسُّ سعادة المواطنين فها هي صناديق التنمية والإقراض تزداد رؤوس أموالها لتقديم خدمات أفضل للمواطنين، ولتتوسع في تقديم خدماتها، وهذا هو سوق المال السعودي يجد من خادم الحرمين الشريفين ما يعيد البسمة إلى وجوه المتعاملين فيه لحرصه -حفظه الله- على تصحيح ما عانت منه سوق الأسهم وانعكس بالتالي على حياة بعض المواطنين. وهكذا اتسم هذا الحرص الشديد من جانبه الكريم بالشمولية في تناول كل ما يهم أمر المواطنين وبالعمق في معالجة قضاياهم بما يخفف معاناتهم ويداوي جراحهم ويدخل الأمل إلى نفوسهم، ويحسن من أحوالهم ويوفر لهم مناخاً من الطمأنينة والسعادة والرفاهية والرخاء. وفي هذا المناخ الذي يسعى خادم الحرمين الشريفين نحو توفيره تجيء زياراته التفقدية للمواطنين في مناطق عزيزة من الوطن، فكانت قلوب المواطنين وأفئدتهم هي التي تستقبله بالحب الذي تنبض به نحوه، فقد أحبهم فأحبوه، وحرص على صالحهم وخدمتهم فجاءت هذه الصورة المتلاحمة المشرقة التي شهدها العالم من حولنا لتلك العلاقة الوطيدة بين القائد والرعية التي تزداد رسوخاً وقوةً يشهد بها القاصي والداني ممن يتابعون مسيرة العطاء على أرض هذا الوطن. إن مَنْ يُتابع ما يحيط زيارات الملك المفدى خادم الحرمين الشريفين لمناطق المملكة ومحافظاتها من محبةٍ وتلاحم ووئام يُدرك عمق العلاقة بين الراعي والرعية التي أرساها الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - حين توجَّه نحو البناء والتوحيد فجعل من هذه العلاقة القوية عموداً من أعمدة التأسيس فلم يغلق باباً في وجه مواطن بل شرع جميع الأبواب أمام الجميع كبيرهم وصغيرهم، وحرص على تلمس حاجاتهم بنفسه وكانت ألسنة الخلق خير شاهد على سيرته العطرة التي تزينت بأخلاقه الحكيمة. وها هم أبناؤه البررة يسيرون على نهجه حتى أصبحت الزيارات التفقدية لأحوال المواطنين نهجاً في سلوكهم في الحكم وبذلك ارتفع البناء واشتد الصرح، وضرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أروع الأمثلة في ذلك، وصارت هذه الصورة المشرقة في لقاءاته بالمواطنين هي السمة المميزة للحكم والإدارة في المملكة ولن تستطيع الكلمات أن تعبّر عنها أو تكفيها حقها مهما أوتيت من بديع الكلام، فالموقف أسمى من الكلمات وأجلُّ من الوصف بعد أن أضحى الخير يحل معه أينما حلَّ والحب يحيط به أينما أقام. كيف لا وهو الحريص على الخير والمؤكد عليه في أفعاله وأقواله ويكفينا هنا ما وجهه للمواطنين بقوله -حفظه الله-: (سوف تبقى مملكتكم بإذن الله تحمل الخير لمواطنيها ولأشقائها ولأصدقائها وللبشرية جمعاء). رحم الله الملك المؤسس والموحد الكبير وجزاه خير الجزاء ورعى أولاده الميامين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين أطال الله في عمرهما ومتعهما بالصحة والعافية، وحفظ الله لنا وطننا وطناً للخير والعطاء.