لا أحد ينكر العلاقة بين قطاع الاتصالات وبين التقدم الصناعي والتقني في دولة ما, ولا أحد ينكر التأثير الذي يفرضه زيادة أو انخفاض أسعار الاتصالات بشكل عام على تسريع أو إبطاء النمو الاقتصادي والصناعي في دول العالم إذ يؤدي انخفاض أسعار الاتصالات الى زيادة الاتصالات بين القطاعات الانتاجية الاستهلاكية المختلفة، ويؤدي إلى زيادة انتاجية القطاع الخاص والعام وزيادة الاستفادة من تبني الثورة المعلوماتية بصورة مكثفة. هذا بالاضافة الى أهمية قطاع الاتصالات في الاستقلالية الأمنية والوطنية لكونه قناة يمر عبرها جميع لأوامر والتعليمات والاسرار والتوصيات. ولأهمية هذا القطاع فقد كان قرار خصخصة شركة الاتصالات السعودية هو قرار صائب وفي الاتجاه الصحيح وكان الهدف منه هو الرقي بهذا القطاع وتطويره الى وضع أفضل بتحريره من القيود والامراض المصاحبة للمؤسسات الحكومية التي تتسم بالبطء وبيروقراطية الإدارة والبطالة المقنعة الى شركة حية وسريعة المرونة للتغيرات، تستخدم التقنية الحديثة لتخفيض التكاليف ولزيادة الفعالية, وهذا بدوره سينعكس على رفاهية المواطن وتطوير الوطن بشكل كبير,, ومما يجب الاشارة اليه هو أن الشركة كانت في وضع سيئ عندما تم تحويلها الى شركة مساهمة، فالكل منا يعرف كم كانت تستغرق عملية الحصول على خدمة الهاتف وكيف كان التذمر كبيرا في الكثير من خدمات الشركات وإذا أخذنا هذا في الاعتبار واخذنا التحديات الكثيرة التي واجهت الشركة الذي وجدت نفسها امامه عند تحويلها الى شركة مساهمة كدخول الانترنت وكزيادة الطلب على الخدمة، فنستطيع القول إن خدماتها تحسنت بشكل أفضل عن ما كانت عليه في السابق, ولكن يلاحظ ان الهدف المراد تحقيقه من تخصيص هذا القطاع لم يتم التوصل اليه بعد لم يلمسه المواطن بشكل واضح حتى الآن وما زال الفارق كبيرا في أسعار الخدمة الهاتفية في المملكة ومثيلاتها من الدول الصناعية او حتى الدول المجاورة الاخرى. ففي الدول الصناعية مثلا تتراوح نسبة الهواتف الساكنة الى السكان بين 35 الى 50 هاتف لكل 100 شخص بينما في المملكة تتراوح هذه النسبة بين 8 10 هواتف لكل 100 شخص وفي الدول الصناعية تتراوح نسبة الهواتف الجوالة للسكان بين 25 الى 35 جول لكل 100 شخص بينما في المملكة فتتراوح نسبة الهواتف الجوالة للسكان بين 63 جوال لكل 100 شخص. هذا من جهة مدى توفر الخطوط اللازمة ومدى انخفاض تكاليف تأسيسها إذ قد تصل اسعار تأسيس الجوالات الى اسعار متدنية جدا تصل أغلبها الى المجان! مشروط بتوقيع عقد سنوي لاستخدام الخدمة مع ملاحظة ان هذه النسب ستتغير قليلا بعد تخفيض قيمة رسوم الجوال الأخيرة, ومن جهة اخرى وهي اسعار المكالمات في الدقيقة الواحدة فتصل اسعار الشركات الموجوة في الدول الصناعية وغير الصناعية الى اسعار منخفضة جدا فتصل الى 13 هللة تقريبا في الدقيقة الواحدة في إسرائيل للهاتف الجوال الى حدود 30 هللة في بعض الدول المجاورة وتصل المكالمات الدولية في بعض البلدان كبريطانيا وامريكا الى حدود 10 15 هللة في الدقيقة الواحدة, وبقدر ما اسوق هذه الامثلة فإنني أحاول التركيز على المشكلة التي جعلت قطاع الاتصال عندنا يعتبر من القطاعات التي تكلف أكثر مقارنة بالدول الاخرى. وهذه المشكلة في نظري هي عدم وجود المنافس الداخلي لهذه الشركة مما أدى الى احتكارها لهذا القطاع المهم وهذا الاحتكار يكون واضحا من خلال الزيادات الاخيرة على المكالمات المحلية المحتكرة وتخفيض المكالمات الدولية غير المحتكرة. وفي الاسبوع القادم سنركز على إعطاء بعض الامثلة العالمية التي تؤكد على اهمية تغيير الوضع الحالي الى وضع تنافسي للرقي بخدمة هذا القطاع وتطوير بنيته وتقنيته الى وضع افضل ليكون عنصرا فعالا في تطوير الوطن ورفاهية المواطن. الصفحة الإلكترونية http://i.am/qmd/