ونواصل الحديث عن أخبار الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - التي تزيدنا يقيناً على يقين حتى نتحقق بأن كل ما أخبر به من أمور الدنيا والآخرة لا محالة ومن ذلك: * ما جاء في الصحيحين عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله). * وفي هذا الحديث من الإعجاز: 1- أنه أخبر بأن ملك الفرس سوف يزول بموت ملكهم فلن يأتي بعده كسرى. 2- أنه أخبر بأن ملك الروم سوف يزول بموت قيصر فلن يأتي بعده قيصر. 3- أقسم بأن كنوز الدولتين سوف تُنفق في سبيل الله. وقد تحقق ذلك كله فمن أين له عِلم ذلك؟ * وفي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم هل لكم من أنماط قلت وأنى يكون لنا الأنماط قال أما إنه سيكون لكم الأنماط فأنا أقول لها يعني امرأته أخرى عني أنماطك فتقول ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم إنها ستكون لكم الأنماط فأدعها. * وفي لفظ مسلم: عن جابر بن عبد الله قال: لما تزوجت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذت أنماطاً قلت وأنى لنا أنماط قال أما إنها ستكون قال جابر وعند امرأتي نمط فأنا أقول نحيه عني وتقول قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون. فقد وقع الأمر كما أخبر عليه الصلاة والسلام. * وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالساً في بيته منكساً رأسه، فقال: ما شأنك، فقال: شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى بن أنس: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال اذهبْ إليه فقل له إنكَ لستَ من أهل النار ولكن من أهل الجنة. * وفي هذا الحديث من الإعجاز: أن ثابت بن قيس رضي الله تعالى عنه يموت على الإسلام وقد وقع ذلك كما أخبر، فقد قُتل رضي الله تعالى عنه شهيداً يوم اليمامة. * وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمةً ورحماً أو قال ذمةً وصهراً. * وفي هذا الحديث من الإعجاز: أن مصر سوف تُفتح، وقد تحقق هذا الخبر، وفُتحت مصر في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمن أعلمه بذلك سوى الله. * وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته وقدمها في بشر كثير من قومه فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها ولن تعدو أمر الله فيك ولئن أدبرت ليعقرنك الله وإني لأراك الذي أريت فيك ما رأيت فأخبرني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما فأُوحي إليَّ في المنام أن أنفخهما فطارا فأولتهما كذابين يخرجان بعدي فكان أحدهما العنسي والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة. * قال النووي - رحمه الله تعالى - في شرحه على صحيح مسلم ج15 - ص 33: قوله : (ولئن أدبرت ليعقرنك الله) أي إن أدبرت عن طاعتي ليقتلنك الله والعقر القتل وعقروا الناقة قتلوها وقتله الله تعالى يوم اليمامة وهذا من معجزات النبوة. * وصدق الله إذ قال: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} سورة النجم 3 - 4. * ونكمل خطواتنا نحو حق اليقين في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى. (*) عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بالرياض