فقدت الأسرة التربوية يوم الثلاثاء الماضي 3 جمادى الأولى 1427ه قائداً تربوياً فذاً وابناً باراً عزيزاً من أبنائها، وهو الأخ القدير والمربّي الفاضل الأستاذ عليوي بن خضر القرشي -رحمه الله- مدير عام التربية والتعليم بالعاصمة المقدسة بمنطقة مكةالمكرمة والذي انضم إلى صف قيادات العمل التربوي في الوزارة عبر بوابة كليات المعلمين حيث أمضى فيها سنوات ليست بالقليلة محاضراً بكلية المعلمين بالطائف تجلت فيها علامات نبوغه الفكري ومعرفته التربوية وحصافة رأيه وجودة أدائه في القول والعمل ليتدرج بعد ذلك في محطات وظيفية كثيرة مسطراً فيها إبداعات ونجاحات في كل المواقع التي شرفت بقيادته، فقد كان الأستاذ عليوي القرشي -رحمه الله- مدرسة في العلاقات الإنسانية ونموذجاً في الابداع والتميز، كما كان بحق بيتاً للحكمة والخبرة، عرفته قبل ربع قرن من الزمان إنساناً طيب القلب نقي السريرة محباً للجميع لا تغادر الابتسامة محياه، كريم اليد، صاحب طرفة مهذبة تزيل عبوس المحتقن كما كان صاحب فكر تربوي فذ عاشقاً لمهنته مخلصاً ومحباً لدينه ومليكه ووطنه، مما أهّله لأن يتقلد عدداً من المواقع التربوية في إدارتي تعليم الطائف وينبع بكل ثقة واقتدار إلى أن تم تكليفه مساعداً لمدير التربية والتعليم بالعاصمة المقدسة ثم مديراً عاماً لها. لقد عمل أبو ياسر -رحمه الله- بهمة عالية، وجهد دؤوب لتصريف شؤون التعليم في أطهر بقاع الأرض كما حظي بشرف خدمة ضيوف الرحمن لسنوات عديدة من خلال متابعته الجادة والدقيقة لأعمال الفرق الكشفية أيام موسم الحج متنقلاً من مخيم إلى آخر بين أبنائه الطلاب يرفع من معنوياتهم ويشجعهم ويشد من أزرهم مجسداً بذلك أروع الأمثلة في الإخلاص والبذل والتضحية في خدمة الله عز وجل ثم المليك والوطن.. هذا إضافة إلى الكثير من الأعمال والإنجازات التي نفذها في تعليم العاصمة المقدسة والتي ستبقى شاهداً يخلد الذكرى العطرة له ولقيادته التربوية الفذة. رحل عنا (أبو ياسر) بصمت، لافظاً أنفاسه الأخيرة على مكتبه بعيداً عن أهله وأولاده ومحبيه وسط أوراقه وزملائه، وبين أعماله وإنجازاته وأسرته التربوية الكبيرة التي طالما أحبها وأحبته فأبت إلا أن يقضي نحبه وسطها.. فرحمك الله أيها الغالي رحمة واسعة وأجزل لك المثوبة وألهم أهلك وأبناءك وذويك وزملاءك الصبر والسلوان وزادهم صبراً لتحمل ألم فراقك وفقدك وهم الذين قال الله في أمثالهم {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وختاما فإن أسرتنا التربوية وهي تعيش هذا المصاب الجلل في فقد الأستاذ عليوي القرشي - رحمه الله- فإن عزاءها فيه هو أن الله قد ختم له باثنتين من أجمل ما يمكن أن يختم فيهما لعبد مثله، أولاهما أنه قد ذهب إلى لقاء ربه في مهنة هي من أشرف المهن عند الله عز وجل بعد رسالة النبوة وهي مهنة التربية والتعليم وثانيهما أن الله قد توفاه على ذلك وهو في أطهر البقاع وأشرفها عنده عز وجل.. فيا له من شرف عظيم قد حازه وهنيئاً له ما قدم وما أخر.. أما نحن فلا يسعنا إلا أن نقول ما يرضي ربنا على فقده موقنين بقضاء الله وقدره.. مرددين (وإنا على فراقك يا أبا ياسر لمحزونون). والله المستعان.