بعثت مجموعة من الاجتماعات نظّمتها الشخصيات الكبيرة في تيمور الشرقية الأمل في أن تلك الدولة الصغيرة توشك أن تنفض عنها غبار أيام من الاشتباكات التي أودت بحياة العشرات وتركت الآلاف بلا مأوى ووضعت 65 ألف شخص في معسكرات اللاجئين. وساد العاصمة ديلي هدوء هش فرضه أكثر من ألفي أسترالي وماليزي ونيوزيلندي وبرتغالي دعاهم منذ أسبوعين الرئيس زانانا جوسماو. وبينما تجري قوات حفظ السلام مفاوضات لاستسلام الجنود المتمردين والشرطة فإنّ الزعماء السياسيين في البلاد اجتمعوا لحل الصراع على السلطة بين جوسماو ورئيس الوزراء مرعي الكاثيري. وكانت أعمال العنف اندلعت في البلاد عقب قيام رئيس الوزراء مرعى الكاثيري بفصل 600 جندي من جنود الجيش في آذار - مارس الماضي كانوا قد نظموا اضرابات واحتجاجات بسبب مزاعم حول تجاهلهم وتخطِّيهم فى الترقيات لصالح زملائهم الذين ينتمون إلى الجزء الشرقى من تيمور الشرقية. وانضم أفراد من الشرطة إلى الجنود المتمردين المطرودين من الخدمة. ووقعت اشتباكات مسلحة ومذابح وعمليات هروب جماعية من الخدمة بالجيش والشرطة واكتملت الأحداث المأساوية باجتياح العصابات العرقية المسلحة للعاصمة والقيام بأعمال نهب وإحراق للمبانى. وتسببت الأزمة التي تُعد الأسوأ من نوعها التي تشهدها تيمور الشرقية منذ الاستقلال عن اندونيسيا قبل أربع سنوات مضت، في قيام الرئيس جوسماو بالمطالبة بقوات حفظ سلام دولية للحيلولة دون اندلاع حرب أهلية .. يذكر أن تيمور الشرقية، وهي مستعمرة برتغالية سابقة، أصبحت جزءاً من إندونيسيا في عام 1975 بعد غزو القوات الإندونيسية لها بحجة إخماد حرب أهلية. وفي عام 1999 صوّت سكان تيمور الشرقية بصورة ساحقة لصالح الاستقلال عن جاكرتا في استفتاء أجري بإشراف الأممالمتحدة وهو ما فجّر أعمال عنف دموية من جانب عصابات موالية لجاكرتا تلتها نشر قوات متعددة الجنسية بقيادة استراليا. وأمس السبت وصل وزير الخارجية الأسترالي الكسندر داونر إلى تيمور الشرقية حيث تقود بلاده قوة تدخُّل وذلك لإجراء لقاءات مع مسؤولين محليين مخصصة للجهود التي تبذل من اجل تحقيق المصالحة في هذا البلد. وكان في استقبال داونر قائد القوة الأسترالية مايك سلاتر الذي يقود 2200 جندي وشرطي انتشروا نهاية الاسبوع الماضي في العاصمة ديلي التي تجتهد للتعافي من أعمال عنف متفرقة. وسيجري وزير الخارجية الأسترالي محادثات مع مسؤولين من الأممالمتحدة وآخرين في الحكومة التيمورية. وقال قبل مغادرته استراليا (سوف اشدد على اهمية اجراء مصالحة سياسية لأنها مفتاح الحل للأزمة الحالية) .. مضيفاً (سوف اشجع المسؤولين على مواصلة بسط سلطة القانون والدستور). ويطالب عسكريون متمردون وقسم كبير من الشعب برحيل رئيس الوزراء مرعي الكاثيري المتهم بأنه حرض بشكل غير مباشر على اعمال العنف ولكن الكاثيري يرفض الاستقالة وكذلك رئيس الدولة كسانانا غوسماو. هذا ومن المقرر أن تكون كتيبة برتغالية من 120 دركياً قد وصلت تيمور الشرقية للانضمام إلى القوات الأسترالية والنيوزيلندية والماليزية التي تحاول اعادة الهدوء إلى المنطقة. وستكلف الكتيبة البرتغالية فرض الأمن في العاصمة ديلي وضواحيها والمساهمة في تدريب الشرطة التيمورية. وقال وزير الخارجية البرتغالي ديوغو فريتاس دو امارال خلال مؤتمر صحفي في لشبونة يوم الجمعة (نتمنى ان يعود الأمن سريعاً كي تتمكن القوات التي ارسلت إلى تيمور من العودة في اسرع وقت ممكن). واوضح ان بلاده رفضت وضع كتيبتها تحت إمرة القيادة الأسترالية في تيمور الشرقية.