عديدة هي الإشكاليات التي سببها فوز (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية؛ وبالتالي تنصيبها طرفاً ثانياً في معادلة مسيرة السلام الإسرائيلية - الفلسطينية. بالنسبة إلى الإسرائيليين فقد أسهمت أفعالهم غير المسؤولة في إضعاف حركة فتح؛ وبالتالي فرض عليهم العمل مع (حماس) حتى وإن أظهروا تمنعاً، وحاولوا محاصرة (حماس) وإلغاءها من المعادلة. من أبرز الإشكاليات التعامل الأمني؛ فكيف ستتصرف إسرائيل عندما تكون الشرطة الفلسطينية المشاركة في الرقابة تديرها (حماس)? وكما أظهرت الأيام الماضية فإن المرحلة الأمرّ والأهم ل(حماس) هي كسب الوقت. (حماس) تحتاج إلى الهدوء كي تنظم نفسها، وتعزز صفوفها، وتفرض الأسلمة، وتطور النصر النادر والأولي، الذي في أعقابه قام حكم إسلامي سُني. وإذا ساد الهدوء فسيكون بوسع (حماس) منع مواجهات داخلية وحرب أهلية فلسطينية. في مثل هذا السيناريو يمكن ل(حماس) أن تعمل بشكل أفضل حيال محافل دولية وتحظى باعترافها؛ ولهذا فلا ريب أن (حماس) ستبعث المرة تلو الأخرى بالمبعوثين إلى إسرائيل مع الرسائل التالية: نحن مستعدون لأن نوفر اليوم الهدوء لإسرائيل ولسكانها، وفي المقابل الحصول على الهدوء من جانبها. هذا الهدوء لن يكون في إطار اتفاق يفصل الواجبات على الطرفين، بل هو هدوء يمكن ل(حماس) أن تخرقه متى شاءت مثلما حدث في مرات عديدة سابقة خرقت فيها تفاهمات حول وقف إطلاق النار مع السلطة الفلسطينية. الخيار الأول: الفصل أمام إسرائيل ببضعة خيارات للتصدي للمشكلة الناشئة في أعقاب الانتخابات في السلطة. هذا الخيار يمكن وصفه ب(الفصل بين الأفعال والأقوال). المؤيدون لهذا الخيار هم فلسطينيون معتدلون ومحافل أوروبية ينتقدون الأيديولوجيا الحربية ل(حماس)، ولكنهم يبحثون عن السبيل لمنع مواجهة عسكرية بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي الإدارة الإسرائيلية لا توجد شخصيات بارزة تؤيد هذا الخيار الذي من شأنه أن يضلل الرأي العام؛ فهو يضمن هدوءاً لفترة ما، يحسن فيها أوضاع البورصة والاقتصاد السياحي. بحسب الخيار الأول فإن على إسرائيل أن تفصل بين ما تقوله وتعلنه (حماس)، وبين ما تفعله ضدها؛ في الأقوال وفي التصريحات ستبقى (حماس) متطرفةومهددة؛ فالحركة لن تلغي ميثاقها، ولن تعترف بإسرائيل، ولن تتبنى الاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية معها، بل إن (حماس) تعتبر أن من حقها انتهاج العنف؛ رداً على خرق الحكومة الفلسطينية! وفي المقابل، في الحياة اليومية، ستمتنع (حماس) عن أعمال العنف ضدّ إسرائيل. وبحسب المؤيدين لهذا الخيار فإن هذا هو الأمر المقرر. ويقول مؤيدون عرب لهذا الخيار إن هذا الخيار مفيد لإسرائيل؛ لأن (حماس) لن توقف فقط العنف، بل ستفرض ذلك على منظمات مثل الجهاد الإسلامي؛ وذلك لمنع ردّ شديد من جانب إسرائيل على أعمال العنف ضدها. هذا الخيار سيوفر على إسرائيل التوقيع على اتفاقات تستوجب تنازلات كثيرة، تتضمن تفكيك مستوطنات ومواجهة مع المستوطنين، كما أن (حماس) تفضل هذا الخيار؛ ومن هنا نقيصته؛ فالحركة لا تتنازل عن شيء وتحصل على زمن باهظ الثمن لتنظيم نفسها وتعزيز قوتها، وهي ستحافظ على الهدوء إلى فترة معينة فقط، وفي هذه الأثناء ستتسلل عناصر متطرفة، مثل الإيرانيين، إلى المناطق الفلسطينية. غداً.. الخيار الثاني.