مؤسسة (إي سي نيلسن) العالمية المختصة بإجراء البحوث على الاستهلاك في العالم قامت بدراسة عن تأثير زيادة أسعار الوقود الأخيرة بنسبة 30% في الإمارات العربية المتحدة على عادة استخدام السيارات لدى العائلات.. وأشارت الدراسة إلى أن النتائج أسفرت عن أن نسبة مالكي السيارات في الإمارات هي الأعلى على مستوى العالم! وأن سكان الإمارات يشعرون بالقلق من جراء ارتفاع أسعار الوقود مما حدا بهم إلى التخفيف من استخدام المركبات، وذلك بتجميع المهام وإنجاز أكبر عدد ممكن منها خلال رحلة واحدة.. وهذا الأسلوب يستخدمه أكثر من 40% من سكان العالم. وتُشكِّل أعداد السيارات في العالم حتى نهاية 2004م (630) مليون سيارة خاصة.. وتتوقع الدراسة ارتفاع نسبة مستخدمي المواصلات العامة في الإمارات، فيما استبعد المشاركون في الدراسة استخدام الدراجات النارية لقضاء متطلباتهم، بينما يُشكِّل استخدامها نسبة 13% من سكان البرازيل. ونحن هنا في المملكة نرى الشوارع مزدحمة بالسيارات، ولو تمعنت لوجدت أن أكثرها ذات راكب واحد، أو سيدة مع السائق! وأحياناً تجد طفلاً أو مجموعة من الأطفال برفقة سائقهم، وأصبح من النادر أن ترى أحداً يخرج للتسوُّق من البقالات القريبة من مسكنه مشياً على الأقدام، فلو كانت المسافة عدة أمتار لركبوا السيارة لإحضار الأغراض! بل صار من غير المستغرب أن ترى سائق الأسرة يقطع مسافات مجدولة بالسيارة لإحضار متطلبات أفرادها، فكلما تذكَّر فردٌ أمراً أرسل السائق لإحضاره دون التفكير في جمع كل المتطلبات وجلبها دفعة واحدة في وقت واحد!! وعلى الرغم من انتشار الأسواق الغذائية والتموينية والصيدليات والمحلات ذات البضائع المختلفة في جميع الأحياء إلا أنك ترى سيلاً من السيارات تجوب الشوارع والطرقات يتجه أصحابها للشراء من محلٍ أو مركزٍ بعينه قد يبعد كثيراً عن مقر سكنهم، فقد أصبح الناس لا يأبهون ببعد المسافة، فتجدهم يطوفون بالشوارع لشراء مستلزمات من محلٍ بعيدٍ بحجة أنه أرخص ثمناً من المكان القريب لمقر سكنهم ولو حسبوا تكاليف الوقت والجهد عدا استهلاك الطرقات والبنزين وعمر السيارة لما قطعوا تلك المسافات! والأمر يتطلَّب أن نفكر ملياً في الوضع الحالي باستخدام السيارة، لا سيما مع صغار السن الذين لا يقدِّرون قيمة السيارات.. أما المرخِصون لأرواح الناس الذين يستخدمون الطريق ساحة سباق، فهؤلاء لا يقدِّرون قيمة النفس البشرية فتجدهم لا يقيمون وزناً للمشاة من السيدات والأطفال والشيوخ وحتى الرجال، إلى أن أصبح الدهس ظاهرة لدينا، وصار الواحد منا لا يجرؤ على السير على قدميه خوفاً من المتهوِّرين.. وتبعاً لذلك نشأت لدينا ظاهرة المطبات الصناعية للحدّ من تهوُّر بعض السائقين وسرعتهم الجنونية حتى أصبحت الشوارع مرتفعات ومنخفضات تشكِّل ضغطاً على السيارة بسبب التحويل الدائم لناقل الحركة والفرامل، وضغطاً نفسياً على الراكب الذي لا يجد فيها راحته، فهو يتمايل يمنة ويسرة وكأنه يمتطي ظهر جمل! وإننا نأمل - والحالة كذلك - الإسراع في إنشاء قطارات الأنفاق (المترو) في الطرق الرئيسة داخل المدن للتقليل من أعداد السيارات الهائلة والحد من تكاثرها في الشوارع، إضافة إلى ضرورة تدشين فكر جديد وإعداد برامج توعية تحث على الاعتماد في قضاء الاحتياجات الخاصة من خلال السير على القدمين لما لذلك من فوائد صحية للإنسان حماية له من الأمراض، وللبيئة تخفيفاً من التلوث. ويجدر بالقائمين على المرور احترام حقوق المشاة بإنشاء أرصفة مناسبة لهم ومنع أصحاب المحلات من اقتطاع الأرصفة لبناء درج وسلالم لمحلاتهم أو وضع معروضاتهم أو لوقوف السيارات.. وعلى المرور وضع إشارات مرورية خاصة بالمشاة أسوة بباقي دول العالم.. ويحسن بنا تشجيع المشي والقضاء على عامل الخوف من اللصوص أو المعاكسين، الذي يلازم من يرغبون السير على أقدامهم.. وعلى البلديات المسارعة بإضاءة الطرق والشوارع الداخلية ليلاً.. كما أن على الجهات الأمنية نشر أعدادٍ كافية من رجال الأمن فيها بشرط عدم استخدامهم السيارات والاكتفاء بالدراجات النارية مع تكثيف الحملات التوعوية!! ص.ب 260564 الرياض 11342