نسي الناس المشي.. وقد استغرق النسيان عشرات السنين، الخبراء يعتقدون ان تعلم المشي من جديد قد يستغرق مدة اطول. ولكن اذا لم يتغير شيء، يقول باحثون ان الناس سيستمرون في تخزين الوحدات الحرارية التي ينبغي ان يحرقوها وبذلك سيهيئون انفسهم للاصابة بامراض السمنة كالسكري وامراض القلب. ويأتي هذا التشخيص المنذر في اعقاب جملة من التقارير حول تفضيل الناس ركوب السيارات بدلا من المشي او استعمال الدراجات الهوائية، ويعتبر الباحثون ان الاستعاضة عن القدمين بقوة المحرقات هو احدى الطرق التي تم بها طرد النشاط البدني الصحي من العيش الطبيعي، وان الوقت قد حان لهندسة عودتها. ويقول ريتشارد كيلينغوورث، مدير برنامج الحياة النشيطة في جامعة نورث كاليفورنيا: ما نحاول ان نفهم الناس هنا هو ان البيئة قد توفر لهم فرصا افضل لتحقيق نمط صحي اكثر. غير ان هندسة العودة لن تكون سهلة. فقد استغرق الوصول الى المستوى السيء عشرات السنين، والتغيير حسب كيلينغوورث يحتاج الى توفر الارادة عند الناس طيلة عقود قادمة للتخلص من حالة السوء. وقد اشرف كيلينغوورث على دراسة قارنت بين مناطق سكنية مديدة وشاشعة معتمدة على السيارات، وبين مساحات سكنية مكتظة ومدن يضطر سكانها الى المشي. واظهرت الدراسة ان وزن الاشخاص اكبر في المدن المديدة الشاسعة. وقال ريد ايوينغ، المصمم المديني في المركز الوطني للتنامي الذكي في جامعة ماريلاند، ان المناطق الاكثر اتساعا وتمددا لديها نسب اعلى من البالغين المصابين بارتفاع ضغط الدم والسمنة. وقد انجز ريد دراسته بارتفاع في اثناء وجوده في جامعة راتغرز واشرف على تحرير الدراسة التي نشرت عدد ايلول تشرين الاول للمجلة الامريكية للترويج الصحي. ويقول جون بوتشر الباحث واستاذ التصميم المديني في جامعة رتغرز ان امريكا ليست صديقة المشاة وراكبي الدراجات. وان قطع مسافة ميل سيرا اكثر خطورة 23 مرة من قطع نفس المسافة بالسيارة. وتظهر احصاءات الحكومة الفدرالية ان 4.598 من المشاة و 740 راكب دراجات لاقوا مصرعهم في العام 2000. والمشاة الامريكيون اكثر احتمالا بثلاث مرات للموت على الطريق من المشاة الالمان وست مرات من المشاة الهولنديين، مع ان الاروبيين يمارسون المشي وركوب الدراجات اكثر من الامريكيين، كما جاء في تقرير بوتشر. يمثل المشي وركوب الدراجة حوالي نصف الرحلات المدينية في هولندا وثلث الرحلات في المانيا، ولكن اقل من 10 في المائة من كافة الرحلات في المدن الرئيسية الامريكية، حسب التقرير. واحد اسباب هذا الوضع - كما يقول بوتشر - هو ان اوروبا تسهل مثل هذه المشاوير في حين ان امريكا تصعبها. وقبل عشرين سنة على الاقل اتخذ القادة السياسيون الاوروبيون خطوات شجعت المشي وركوب الدراجات، مما ادى الى انخفاض حالات الموت والاصابة بجراح على الطرقات انخفاضا دراماتيكيا. وقد انفق الاوروبيون مبالغ كبيرة لبناء طرق مخصصة للدراجات ومسارات خاصة بالدراجات على الطرق الرئيسية، وبقاع خاصة للمشاة لاجتياز الطرق العريضة، وجسور الاجتياز المرتفعة والمعلمة بوضوح. ويقول بوتشر ان السائقين الاوروبيين يتعاطفون مع المشاة وراكبي الدراجات، وان حتى اولئك الذين يسوقون سياراتهم معظم الوقت يمارسون المشي وركوب الدارجات في الساعات الاخرى. اضف الى ذلك حقيقة ان المشاة وراكبي الدارجات يقترعون في الانتخابات واعدادهم كبيرة لا يغفلها السياسيون، في حين انه في الولاياتالمتحدة، كثيرين من السائقين لا يمارسون المشي ولا يركبون الدراجات، ولا يرون العالم الا عبر زجاج النافذة الامامية للسيارة كما يقول بوتشر.