لاشك أن المواطن في هذه البلاد المباركة هو الهدف للتنمية ومصلحته هو الهاجس في كل ما تم ويتم من إنجازات قدمتها دولتنا الرشيدة. فالدعوة لترشيد الاستهلاك بدأت تتعالى مراهنة على وعي المواطن وتفهمه طبيعة المرحلة والعصر، فالترشيد في حد ذاته قيمة إسلامية وأخلاقية واجتماعية يجب أن تتضافر كل الجهود من أجل غرسها وتكريسها في نفوس النشء ابتداءً من المدرسة ومروراً بالأسرة لخلق الشخصية السوية التي تأبى التبذير. فالترشيد كما أسلفنا قيمة إسلامية وأخلاقية الالتزام به يعني تطبيقاً إسلامياً وقد حذرنا من الخروج عليه القرآن والسنة في أكثر من موضع، فالفهم الصحيح للترشيد يعني الاستخدام الصحيح في كل شيء ومنها القدرات العامة والخاصة بما يضمن الاستفادة المثلى منها. فما يحصل على سبيل المثال من تبذير وبهرجة زائفة لا معنى لها في مقدراتنا الخاصة مثل حفلات الزواج والمناسبات الخاصة بنا والتي يختلط فيها مفهوم الكرم ومفهوم التبذير. أنا لست ضد الكرم بأي حالٍ من الأحوال فهو إرثنا الجميل من الآباء والأجداد وطبيعة مجتمعنا توارثناها جيلاً بعد جيلٍ لكنني ضد الخلط الذي لا يتوقف أمامه بعضنا وتبدو ملامحه بارزة فيما يقيمونه من ولائم الحفلات للزفاف فيهدرون بسببه ألوف الريالات على أطعمة يكون مصير معظمها إلى الحاويات إن لم تجد من يحملها من العاملين في اللجان الخيرية إلى الفقراء والمحتاجين. نظرة واحدة على بعض هذه الولائم وجميعنا من حاضريها تدعونا إلى قليل من مراجعة النفس حيث إن معظم أصحاب هذه المناسبات يلجؤون إلى الاستدانة من أجل إقامة هذه الحفلات للمباهاة وماهي إلا أشهر قليلة حتى تنعكس الأمور وتصبح عكسية وتبدأ مرحلة سداد الديون، هذه المرحلة التي تكون نتائجها سلبية على الحياة الأسرية. فعلينا أن نعي هذه السلبيات التي لا معنى لها ونتلاشاها بالوعي والاقتداء بكتاب الله وسنة رسوله ماذا لو نظرنا عند إعداد دعوات المناسبة في إعداد من ندعوهم لولائمنا من الأصدقاء والأقارب بهذا نتلافى الفائض المهدر وعلى افتراض أننا أمام أمر واقع وزادت الأطعمة وهي حتماً ستفيض، فالأجدى التنسيق المبكر مع إحدى الجمعيات الخيرية لتوزيعه على الفقراء والمساكين، وبهذا تحول الشيء إلى نقيضه بالتكامل والترابط والوعي والعمل الخيري. أخيراً أنا لست ضد الكرم فهو ارثنا الجميل ولست ضد ولائم الأفراح فهي من عاداتنا الأصيلة لكنني فقط مع الترشيد ووضع المفاهيم في أنصبتها. * وقفة أحيي بعض الأسر والأفراد في منطقتي الجوف على وعيهم ومبادرتهم للترشيد في مناسباتهم، فهذا الوعي منهم هو حجر الزاوية في الحفاظ على مكتسباتنا الوطنية والذاتية.