مما لا يخفى عن الجميع ما يحدث في مجتمعنا من «بذخ وإسراف» غير مبرر في مصاريف الزواجات، وما يعقب ذلك من أضرار مادية تقع على الفرد والمجتمع على حد سواء، وتحد هذه الأضرار من بناء المجتمع وتغير عاداته التي وصفت بالمجحفة بحق الزوج المقبل على تكوين حياة جديدة. وتتجلى هذه التكاليف في العديد من المظاهر من خلال المبالغة في الإسراف والتبذير في شتى مصروفات الأعراس مثل: الطعام والشراب والقاعات والدعوات والمبالغة فيها، إضافة إلى لباس العروس وغير ذلك، حتى أصبحت الأفراح ميداناً للسرف والمباهاة. وتكمن المشكلة في تقليد بعض الأسر ذات الدخل المحدود لذلك الإسراف والتبذير من احتفالات مكلّفة وملابس للنساء والأطفال بأسعار باهظة وبنود استهلاكية تثقل كاهل ميزانية الأسرة وخاصة الزوجين وهما في مقتبل حياتهما الأسرية، وما ذلك إلا لتلبية دواعي الاستعراض الاجتماعي وحب التقليد والمباهاة والظهور الاجتماعي والمحاكاة. وفي استطلاع ل«اليوم» ضمن الملف الشهري السابع عشر «الأعراس.. والتكاليف الخفية»، أوضح فيه علي الصائغ - عميد ركن متقاعد في الأسطول البحري الشرقي -أن أشكال الإسراف المختبئة تحت مظلة الزواج تضر المملكة العربية السعودية وشعبها، لما قد يتحمل الفرد من دوين لصرف تلك الأموال الطائلة لإتمام عملية الزواج. وقال الصائغ: في الآونة الأخيرة تعدى الأمر من كونه تبذيرا وإسرافا إلى كونه عادة اجتماعية، وعلى إثرها قد يُعاب الشخص في مجتمعنا إن لم يقم بأخذ القروض ودفع كل ما يملك من أجل البروز الاجتماعي، مما قد ينتج عنه أضرار في التخلص من الأطعمة المتبقية جراء البذخ والإسراف في ليلة الزواج، وعندها يذهب الطعام هباء منثورا. وأضاف: «قد ينجم عن ذلك سلسلة من العواقب الاقتصادية، ولذا قامت حكومتنا بقيادة الملك سلمان -حفظه الله- باستحداث حلول لمواجهة هذه الآفة الخطيرة (الهياط) من خلال جمعيات خيرية كثيرة لمعالجة ذلك، وأخذ المتبقي والتصدق به، مع أن ذلك يعد من الايجابيات إلا أن المسألة مسألة فكر، ويجب على المجتمع الاتجاه إلى ذلك السلوك». مردفاً بقوله: «لذا وجب توعية المجتمع من نتائج ليست في حسبانهم، ومن الأضرار التي تمس الفرد بشكل كبير هي: المبالغ الطائلة والقروض التي يصرفها في إسعاد الجميع وإتعاس نفسه والدخول في دوامة أزمة مادية لا تنتهي إلا بعد سنوات من الزواج، مما يؤثر في السنوات الأولى على مشوار الحياة الزوجية». الحلول المقترحة ويرى العميد ركن علي الصائغ، أن أحد هذه الحلول هي الأعراس الجماعية التي ترعاها جهات خيرية وجمعيات أهلية التي كانت وما تزال أفضل الحلول كونها تكفل كافة أو جزءا كبيرا من تبعات الزواج من مهر ونفقات ومراسم حفل جماعي للعرسان، وأيضاً تعد وسيلة مهمة في تكريس التضامن الاجتماعي والمسئولية الإنسانية. وتتنوع أهداف هذه الجمعيات الخيرية من خفض تكاليف الزواج والحث على الزواج وتقديم العون للشباب في تخفيف أعبائه، والإسهام في الاستقرار الاجتماعي والشعور بالمسؤولية، إلى جانب توعية المجتمع بأهمية مساعدة الشباب على الزواج، وزيادة الألفة والترابط بين أفراد المجتمع، وفتح المجال لرجال الأعمال للمساهمة. ويذكر العميد ركن علي، مثالا على الجمعيات التي تعنى بذلك وهي الجمعية الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج والتوجيه الأسري بجدة، والتي تأسست عام 1409ه تحت إشراف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ورسالتها تتلخص في تيسير الزواج والمساهمة في تأسيس حياة زوجية مستقرة من خلال شراكات فعالة وفريق عمل متميز. وبصدد ذلك فإن الجمعية لها استقرار مالي واستدامة مالية تضمن لها الاستمرار في تأدية رسالتها وتمكنها من تمويل أعمالها وبرامجها وأنشطتها الأساسية ذاتيا، وتحتوي الجمعية على بيئة عمل إلكترونية بلا أوراق تدار بالأهداف وتعتمد على إدارة الأداء وإدارة المعرفة وتستخدم المنهج العلمي لتحسين الأداء، والجمعية ذات ثقافة مؤسسية جاذبة وأداء متقن وكفاءة عالية تستغل كل الموارد المتاحة وتدعم التميز وتشجع الإبداع وتركز على خدمة العملاء وأصحاب العلاقة وتحافظ على النمو المستمر. وأضاف: ان للجمعية صفا ثانيا من القيادات المؤهلة والمتفرغة وبنك معلومات محدثا باستمرار يحتوي على أكفأ الموارد البشرية الممكنة لاستقطابها حال الحاجة إليها، وتحالف الجمعية شركات قوية ومثمرة مع الجهات الحكومية والقطاع الخاصة والجمعيات الخيرية التي يمكن التعاون معها لتحقيق أهدافها وتنفيذ برامجها، كما أن الجمعية على تواصل دائم مع المجتمع بمختلف قطاعاته وتحوز على اهتمامه وتعاطفه حاصلة على أنواع مختلفة من الدعم والتعاون. تبعات قروض الزواج وفيما يخص ذلك، فقد أوضح عبدالعزيز الشعبان، لواء بحري ركن متقاعد ومستشار بحري دول مجلس التعاون سابقا، أن الزوج يتكبد مبالغ مادية وقد تكون أحيانا أقساطا متراكمة لفترة طويلة من السنوات حتى يتم تسديدها ويصبح بذلك الفرح عبئاً نفسياً ومادياً للزوجين، بحيث لا يستمتع الزوجين من السنوات الأولى من الزواج، كما تبنى على أساس ذلك قرارات منها: تأجيل الإنجاب وماله من تبعات بين العائلتين. وأضاف اللواء: ان العادات والتقاليد قد تطغى على ترتيبات الزواج منها المعتمدة على الشرع بوسطيته ولينه، وذلك من خلال اتفاق العائلتين على تكاليف معقولة أهمها المهر ومراسم حفل الزواج، إلا أن الكثير من العائلات تفرض شروطا ومبالغ ضخمة تساهم في رفع تكاليف الزواج والمهر، فضلا عن أن هذه العادات والتقاليد تختلف من منطقة إلى أخرى بالمملكة، وبذلك يعتبر البعض العادات والتقاليد سببا من أسباب تأخير الزواج. مجموعة من المدعوين أثناء تناول وجبة العشاء في إحدى الزواجات بهرجة الزواجات وذكر اللواء الشعبان، أن الزواج قديما كان يعتمد أساسا على الاحتياجات الضرورية للزواج، إلا أن الزواج اليوم أصبح استعراضا لتفاصيل وبهرجة تفوق مصاريفه مصاريف المطالب الأساسية للزواج، مثال ذلك: الصالات الفخمة بأنوار وبهرجة وشموع وأطعمة وورود وأشكال بطاقات الزواج المنمقة، بحيث يكون بعضها بخطوط ذهبية ونقوش فضية زيادة عن الواقع. كما نوه اللواء عبدالعزيز الشعبان، أن وجبة العشاء لها نصيب الأسد من البذخ والتباهي بكميات اللحوم وضيافات المكلفة، وقال: «مع الأسف، ما يتبقى من هذه الوجبات في نهاية المطاف وبعد انتهاء تلك الحفلات يكون من نصيب حاويات النفايات». وأضاف الشعبان: كل هذه المظاهر أشار إليها الشرع وحذر منها من خلال النهي عن الإسراف، وأكد على الاعتدال في المهر وتكاليف الزواج فقال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31. الزواجات الجماعية ولم يعتبر اللواء عبدالعزيز، أن الزواجات الجماعية حل في حد ذاته، إلا أنها تقلل من بعض التكاليف والمصروفات، وعلى العائلتين الاتفاق بكل ما هو أساسي وضروري لجمع الزوجين وإسعاد الحضور ولم شمل الجميع، وبذلك يتحقق التواصل العائلي وبداية نجاح علاقة زوجية ناشئة. كما يظن اللواء عبدالعزيز، أن الدورات التوعوية للزوجين قبل وبعد الزواج هي مطلب، لكن كيفية ذلك يبقى حسب ظروف المقبلين على الزواج، ومدى تجاوبهم لذلك، وأهمية مخرجات هذه الدورات، كما يعتبر أن التنظير لا يفيد بقدر ما يفيد التوجيه المباشر من العائلتين قبل الزواج والاتفاق بالصراحة المطلوبة وإتمام ما تعهد به الزوجان بعد الزواج. وأضاف: «التركيز على التدريب والتأهيل وتقليص نسب الطلاق في المنطقة واستقبال حياة زوجية وفتح بيت مليء بالمحبة والاستقرار من أولويات الوزارة، وذلك يأتي تلبية لقرار مجلس الوزراء الموقر رقم 144 المتضمن أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بإعداد وإقامة برامج ودورات توعوية للشباب والفتيات المقبلين على الزواج». المهور بين الماضي والحاضر وفي سياق آخر، بين المأذون الشرعي عبدالله الجيزاني، أن التوسط والاعتدال هو الأصل العام الذي ينبغي أن يحكم الإنسان في نفقته، كما هو الأصل العام الذي يجب أن يحكمه في حياته قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67. كما أن النقود اليوم قد هبطت قيمتها نتيجة لعدة عوامل، فالشيء الذي يساوي 100 ريال سابقا - مثلا - يساوي اليوم أضعاف ذلك، فإذا تم القياس على المهور سابقا فقد لا تعتبر مغالى فيها، وربما تعلل أولياء البنات بهذا وادعوا أن ما يعطى للزوجة من مهر لا يقوم بما تحتاجه لتستعد بما يلزم لزواجها من الأثاث والملابس وغيرها. وبين الجيزاني، أن التوسط والاعتدال لا يعني مبلغا معينا أو حدا معينا إذا تجاوزه المرء يكون مسرفا أو قصر عنه يعد بخيلا مقترا، بل يختلف باختلاف حال الشخص من الغنى أو الفقر أو حاله في النفقة المعتادة أو الأمر الطارئ وهكذا، أيضا يختلف باختلاف المكان والزمان ونحو ذلك. مشيراً إلى أن الحكم الإسراف فيما يخص هذه النفقة لا يعد إسرافا ويراعى في ذلك كله، قال الله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ، وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا، سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) الطلاق/7. الإسراف محرم شرعا وأوضح الجيزاني، أن حفل الزواج من الأمور التي يشرع فيها إظهار الفرح والسرور وإدخاله على الأهل والزوجة، لكن ذلك لا يعني أن يقع الإنسان في الإسراف أو إنفاق ما لا يحتاج إليه أو يمكن إتمام الأمر بدون تكلفة لأجل أن ذلك يكون مرة واحدة، فالإسراف بحد ذاته ممنوع ومحرم شرعا، كما أن الإسراف أكثر من مرة، هو تكرير للوقوع في الممنوع المحرم. وأردف الجيزاني قائلا: إن أهل العلم لا زالوا ينبهون على ترك الإسراف في حفلات الزواج، وما يتعلق بأمره بصفة عامة من النفقات، ويشيرون إلى أن ذلك من أسباب تعقيد أمر الزواج على الراغبين فيه ومن آثار ذلك هو ازدياد العنوسة بين الفتيات. وأضاف: «تكمن هذه الآثار الناجمة من ارتفاع هذه التكاليف في تأخير الزواج إلى أبعد مدى ممكن، وعزوف الشباب عن الزواج، وانتشار العزوبية في المجتمع، وهذا ينتج عنه انحرافات نفسية واجتماعية والاتجاه إلى الجريمة، لأن الزواج هو حصانة للشباب والشابات، وللانحراف آثار وأضرار اقتصادية على الفرد والمجتمع، يضعف الإنتاجية ويكثر من الجرائم ويؤدي إلى تعطيل شريحة هائلة من المجتمع». وذكر أنه قد يلجا البعض إلى إطالة فترة الخطبة بسبب تكاليف الزواج التي قد تتسبب بنشوء خلافات من جراء ذلك، إضافة إلى تكاليف سيل الهدايا التي لا تتوقف والآثار الاقتصادية المنبثقة من ذلك، مبيناً أن كثيرا من الشباب يقفون عاجزين تماماً عن تتويج مسيرة خطوبتهم الطويلة بالزواج بسبب التكاليف الباهظة للزواج، كما أن تراكم الديون بسبب ارتفاع تكاليف الزواج يؤدي إلى خلافات زوجية وفقدان الاستقرار والهدوء النفسي في بداية الزواج. وبالإشارة إلى ما سبق، فإن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ترى أن الإسراف والتبذير من الأمور المذمومة شرعاً، قال الله تعالى (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ، وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/27، وإنه لمن أبشع أوصاف المبذر وصفه بأنه أخ للشيطان، أعاذنا الله جميعاً. هناك تكاليف إضافية على الزواجات تزيد من الفاتورة ترشيد الانفاق ولذلك فالمطلوب من المسلم أن يقتصد ويتوسط في أموره كلها، قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67، وقال ابن كثير رحمه الله: «أي ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدلاً خياراً، وخير الأمور أوسطها». كما نصح سماحة المفتي ابن باز جميع الإخوان المسلمين ألا يقيموا الأعراس في الفنادق ولا قصور الأفراح الغالية، بل تقام إما في قصر نفقته قليلة أو في البيوت، فهذا لا بأس وأبعد عن التكلف والإسراف. وعندما سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- عن رأي الشرع في غلاء المهور، والإسراف في حفلات الزواج خاصة الإعداد لما يقال عنه «شهر العسل»، بما فيه من تكاليف باهظة، أجاب بأن المغالاة في المهور وفي الحفلات مخالف للشرع، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة. وكلما قلت المؤونة عظمت البركة، وهذا أمر يرجع في أكثر الأحيان إلى النساء، لأن النساء هن اللاتي يحملن أزواجهن على المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع، وهو يدخل تحت قوله سبحانه وتعالى: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )، وكثير من النساء يحملن أزواجهن على ذلك أيضاً ويقلن إن حفل فلان حدث به كذا وكذا. شهر العسل ولكن الواجب في مثل هذا الأمر أن يكون على الوجه المشروع، ولا يتعدى فيه الإنسان حده ولا يسرف لأن الله - سبحانه وتعالى - نهى عن الإسراف، وقال: (إنه لا يحب المسرفين)، أما ما يقال عن شهر العسل فهو: «أخبث وأبغض» لأنه تقليد لغير المسلمين، وفيه إضاعة أموال كثيرة، وفيه أيضا تضييع لكثير من أمور الدين خصوصاً إذا كان يقضى في بلاد غير إسلامية فإنهم يرجعون بعادات وتقاليد ضارة لهم ولمجتمعهم، وهذه أمور يخشى منها على الأمة، أما لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارة المدينة فهذا لا بأس به إن شاء الله. رأي هيئة كبار العلماء وقد بحثت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية هذه المسائل المتعلقة بتمادي الناس في المغالاة في المهور، والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج، وبتجاوز الحد في الولائم وما يصحبها من إمضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال، ولهو وغناء بآلات طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طوال الليل حتى تعلو في بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح، وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القران، كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والاعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير. وقالت الهيئة موصية فيما يتعلق بذلك، لما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده وما يصاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا أقيمت الحفلات فيها، مما يعد من أفحش المنكرات ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج. بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الوضع معالجة جادة وحازمة، ويرى مجلس هيئة كبار العلماء منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج، بما يصحبه من آلات اللهو وما يستأجر له من مغنين ومغنيات وبآلات تكبير الصوت لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله. كما يرى منع اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها، ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا من المنكر. ومنع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام، وأن يرغب الناس في تخفيف المهور ويذم لهم الإسراف في ذلك على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام. وبالإضافة لذلك يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافا بيناً وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم ليعزر من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماح الناس عن هذا الميدان المخيف. ويشيد المجلس بالحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابر المساجد وفي وسائل الإعلام وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير. يرى البعض أن البذخ ما هو إلا نوع من الكرم والضيافة فقدان الحوار يمثل 75 % من أسباب الطلاق مستشار أسري يطالب بربط دورات الزواج بعقود النكاح سعود الحواس - الرياض طالب مستشار أسري أن يُربط عقد النكاح بحضور دورات تدريبية للزوجين قبل الزواج، بحيث تصبح إلزامية مع الفحص الطبي، وبرر ذلك بأنها تعتبر أمرا مهما في تثبيت الزواج، ومن العوامل التي تقضي على الطلاق، لافتاً إلى أن كثيراً من الشباب الذين حضروا دورات المقبلين على الزواج وجدوا المنفعة المرجوة والفائدة لجميع الأطراف. وأوضح عبدالله الطويل، أنه خلال الفترة الأولى من الزواج يجب ألا يصدر الزوجان أحكاما سريعة على بعضهما، وأنه من الجميل أن يتعلما كيف يتحاوران، لأن 75% من أسباب الطلاق هي فقدان الحوار، منوهاً أنه يجب أن يتعلما كيف يحترم كل منهما الآخر، واحترام رأي الآخر، ومن المهم أن يتقبل الزوجان بعضهما البعض، فهذه المرحلة تقوم على التجمل والمجاملات والخيال. وحول أسباب المشكلات الزوجية المتعلقة بهذه المرحلة، ذكر الطويل، أن إطلاق الوعود من قِبل الزوج ثم عدم الوفاء بها بعد الزواج، كذلك مشكلة ممارسة الحقوق الزوجية في هذه الفترة لأنه قد يحصل وفاة أو خلاف ثم يحصل انفصال فتقع الزوجة في مشكلة، أيضاً عدم المبالغة في الهدايا وفي تكرارها حيث تكاد تنعدم بعد الزواج، وكذلك الزيارات. أما فيما يتعلق بالقسم الثاني، وهو ما بعد حفل الزواج، ففي الأشهر الأولى تكون المجاملات والخيال والتجمل، ثم بعد ذلك يظهر كل طرف في وضعه الطبيعي أي تخلع الأقنعة، وتبرز سلوكيات كل طرف أمام الآخر، وقد يتفاجأ أحد الزوجين بسلوكيات غير مرغوب فيها، ولذلك يحتاج الزوجان إلى أن يتقن كل منهما مهارة التعامل مع السلوك المرفوض. التعامل بالمزاجية كذلك من المعتقدات الخاطئة وهي من أسباب الطلاق في هذه المرحلة، هي التفكير في السيطرة على الآخر، ومن أسباب المشكلات في هذه المرحلة أن تتعامل الزوجة مع زوجها بناء على رغبتها هي أو العكس، ومن أهم ما يحتاجه الزوجان في هذه المرحلة هو تحريك سلوكيات الحُب عند الطرف الآخر، وهو الاهتمام، أي أن يقرر أن يهتم بالطرف الآخر. ومما يحتاجه الزوجان، إتقان مهارة التغافل، لذا من الجميل أن يكون بين الزوجين عقد اتفاق يرجع إليه عند الخلافات وهو مهم في هذا الوقت بالذات، أيضاً يستحسن أن يكون للزوجين مستشار أسري يتم التواصل معه بشكل دوري إذا لم يكن هناك خلاف، أما إذا كان هناك خلاف فمن باب أولى. بداية الزواج وفيما يخص الزوجين في بداية حياتهم، قال عبدالله الطويل: «دعنا نقسم هذه المرحلة إلى قسمين، القسم الأول: هو ما بعد العقد وقبل حفل الزواج، والقسم الثاني: ما بعد حفل الزواج إلى السنة الثانية من الزواج، أما القسم الأول، فهو: مرحلة ما بعد العقد، ويعتقد فيها الزوجان أن كلا منهما يحب الآخر حبا حقيقا، والصحيح أن هذا يسمى وقوع في الحب أو هوس عاطفي، أو انفجار المشاعر وليس حبا حقيقيا». وأردف بقوله: «لذلك تجد أن كثيرا من الأزواج يبني حياة على هذه المرحلة لما يجد من المجاملات والخيال، وبعد الزواج يتفاجأ أن الوضع تغير، وتعتبر هذه المرحلة مهمة للزوجين، ولكن لا يُبنى عليها شيء، ومن الجميل جدا في هذه المرحلة أن يستكشف كل من الزوجين الآخر». المهور بالمملكة وقال عبدالله الطويل: إن مهور الزواجات في المملكة تعتبر معقولة إلى حد ما، لافتاً إلى أن المتعارف عليه أن المهر عادة يكون في حدود 20 – 30 ألف ريال، أما إذا تم تحديد سقف أعلى للمهر فذلك من شأنه أن يُصعب الأمور عند البعض بسبب عدم وجود ضوابط تقيده. وبين عبدالله الطويل، أن المهر المعمول به في بعض المناطق لا يتجاوز ال30 ألف ريال، وهذا العرف يمثل نحو 75% من الزواجات التي تمت خلال الفترة الماضية لمن يبحثون عن تيسير أمور الزواج وعدم تعقيدها في الطلبات الكثيرة والتي تثقل كاهل الزواج منذ بداية حياته الزوجية. وأضاف: «المهر في حدود هذا المبلغ ليس مشكلة، وإنما المشكلة التي تسببت في تأخير الزواج عند الشباب هي حفلات الزواج والإسراف المصاحب لها، فتجد شابا من ذوي الدخل المحدود - وغالبية الشباب من هذه الفئة - يقيم حفل زواج لمدة ستة أو سبعة ساعات بتكلفة تتجاوز 100 ألف ريال». واستطرد: «تجده تحصل على هذا المبلغ إما عن طريق قرض من البنك، أو أنه أجل زواجه لسنوات حتى يتوفر له هذا المبلغ، وعندما نتأمل الوضع نجد أنه من الممكن أن يقيم الشاب حفل زواج راق بتكلفة أقل، فكل عائلة يوجد بها عدد من الشباب مقبلون على الزواج، وقد يتراوح العدد من أربعة إلى خمسة عرسان». واقترح الطويل، أنه في حالة اجتمع هؤلاء العرسان في زواج واحد فإننا نجد أن كل واحد سيدفع من 20- 25 ألف ريال، وبالأخير نجد أن كل عريس دفع 50 ألف ريال ما بين مهر وحفل زواج راق، وبذلك نستطيع أن نقضي على عدد من المشكلات وهي: المشكلة الأولى، عدم تأخر الزواج عند الشباب، والثانية تقليل تكلفة حفل الزواج، والثالثة تقليل النفقة من قبل الأسر المدعوة إلى الزواج الجماعي العائلي، فبدل أن تنفق الأسرة على خمس زوجات متفرقة تنفق على زواج واحد وهو: «الزواج الجماعي العائلي». حفلات الخطوبة أما حفلات الخطوبة وتوديع العزوبية، فهذه من السلوكيات السلبية التي وفدت إلى المجتمع وتقبلها بعض أفراد المجتمع بكل سرور، وتسببت في حدوث مشكلات زوجية أدى بعضها إلى انفصال الزوجين وهم في فترة الملكة، وكذلك أدت إلى قطيعة بين أسرة الزوج والزوجة. إما بسبب قلة الإنفاق على الحفل، أو أن القاعة غير مناسبة، أو الهدايا متواضعة، أو بسبب مخالفة العادات أو العرف أو الشرع، وتكلفة هذا النوع من الحفلات من الناحية المالية مكلف جدا، بل أصبحت تمثل ثقلا كبيرا على أهل الزوجة والزوج، وباتت تكلفة مثل هذه الحفلات تفوق تكلفة الزواج في كثير من الأحيان.