المبالغة في تكاليف إقامة ولائم الزواجات، مباهاة ومفاخرة، تستنزف أموالاً طائلة، تكون عبئاً يؤرق الزوج، مما يضطر معه إلى الاقتراض من البنوك، أو من غيرها، أو طلب المعونة من الجمعيات الخيرية أو من المحسنين، والوقوف بأبوابهم، وحجة أحدهم أن الزواج لا يكون إلا مرة في العمر، فيريد الفرح به، وجعله يوماً لا ينساه مدى حياته، وهذا لا يُسلَّم له، فقد يتزوج المرء عدة مرات، فيكون فرحه بأيام زواجه متكرراً، وأما إرادته للفرح ذلك اليوم، فهو أمر مطلوب، لكن لا بد أن يضبطه بحالته المادية، لا أن يرهق نفسه ويحملها أكثر مما تحتمل بالاقتراض والسؤال، فتلاحقه الهموم والمكدِّرات إلى أن يتم سداد دينه. كذلك فإن من حجج المبالغين في تكاليف ولائم الزواج قولهم: لسنا أنقص من غيرنا، من فلان ومن آل فلان، وليسوا زائدين عنَّا في شيء، وفي هذا القول مجاراة لا ينبغي أن تكون، فالمرء يُضيِّف المدعوين بما يستطيع لا فوق ما يستطيع، مما يضطره إلى الاقتراض أو الوقوع في شَبَك التقسيط، لا لشيء إلا للمفاخرة والمباهاة أمام الناس. إنَّ الوعي المجتمعي بأهمية تغيير ما يسير عليه كثير من الناس، من عادات التكاليف الباهظة لولائم الزوجات، يُحتِّم النظر بعين الاعتبار بمراجعة ما عليه الناس اليوم من توسعهم فيها إلى الاقتصار على القرابة القريبة لا البعيدة، والاكتفاء بوضع الوليمة في البيت أو في قاعة -استراحة- ذات إيجار معقول، تكون أهون على الزوج من أن يدفع أضعافها في صالات وولائم كبرى. إنَّه من الأهمية بمكان الترشيد في ولائم الزواج، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلم يكن في ولائم زواجاته صلى الله عليه وسلم مبالغة في تنويع الأطعمة كما عليه حال كثير من الناس الآن. فهل يراجع المسرفون ما هم عليه من بذخ وتبذير وسرف؟ تنويعاً للأطعمة وتكثيراً لها، ويستبدلون ذلك، بالاكتفاء بنوعين أو ثلاثة بما يفي بحاجة المدعوين، لئلا يبقى منها شيء يكون مصيره الرمي! إن العود إلى ما كان عليه آباؤنا في ولائمهم لهو عود حسن، إكراماً للنعمة وصيانة لها، فمتى يأتي اليوم الذي نرى فيه اقتصاداً وترشيداً في طعام الولائم والمناسبات؟ أمَّا من وسَّع الله عليه رزقه، فأولم بما يتناسب مع حالته المادية، فعليه أن يحذر من الإسراف والتبذير، وأن يقتصر على ما يكفي المدعوين. Your browser does not support the video tag.