طالعت ما نُشر في جريدة الجزيرة في عددها رقم 12193 بتاريخ 16 من محرم 1427 هجرية، حيث إنه تم نشر المواد التي يتضمنها (ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم)، حيث أوضح ذلك معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله بن صالح العبيد... ولي مع ما تم نشر عدة وقفات آمل من الوزارة الانتباه لها وأخذها بالاعتبار إذا ما أردنا أن ندعم ونعزز هذا الميثاق المهم جداً.... نصت المادة الثانية على عدة نقاط منها: الإسهام في تعزيز مكانة المعلم العلمية والاجتماعية.. فهل يا تُرى أن وزارة التربية والتعليم قامت بما من شأنه ضمان تحقيق تلك النقطة المهمة؟ وهل بالفعل قامت الوزارة بما من شأنه تعزيز مكانة المعلم العلمية والاجتماعية؟! أعتقد أن هذه النقطة بالذات ما زالت حبراً على ورق!! فمكانة المعلم الاجتماعية ما زالت مهزوزة أمام الجميع وخصوصاً أمام طلابه في ظل غياب أنظمة تعزز مكانة المعلم، وما نراه الآن من تجاوزات كثير من الطلاب على معلميهم وتلك القصص المؤلمة التي تحدث للمعلمين لهي أكبر دليل على ذلك، فالمعلم الآن لا يملك تلك المكانة الاجتماعية التي تؤهله لأن يمارس مهنته كما يجب!! فالمعلم الآن مطالب بأن (يبلع) تلك الإهانات وتلك التجاوزات التي تحدث له من قِبل طلابه وأولياء أمورهم!! والأمر كذلك بالنسبة للمعلمات.. أما فيما يخص مكانة المعلم العلمية فللأسف أن المعلم السعودي والمعلمة السعودية يفتقدان لما يمكنهما من تعزيز تلك المكانة!! حيث نجد أن المعلم تنتهي علاقته بالقراءة وبالكتب بمجرد تخرجه من الجامعة أو الكلية التي كان يدرس فيها!! في ظل غياب تام لدور وزارة التربية والتعليم بما من شأنه تثقيف المعلم بما يستجد على الساحة التربوية والتعليمية، فليس هناك دورات أو ورش عمل توفرها الوزارة للمعلمين والمعلمات ليطلعوا على كل جديد فيما يخص الأساليب التربوية والتعليمية، إضافة إلى غياب شبه كامل لإصدارات الوزارة من الكتب والمنشورات والمطويات التي تعزز مكانة المعلم السعودي العلمية سواء تجاه ما يخص التربية والتعليم أو أي جانبٍ آخر يخص ثقافة المعلم بما يعود على مكانته العلمية بالخير والفائدة لينعكس ذلك إيجابياً على أداء المعلم في مدرسته!!! كما أن المكتبات المدرسية في حالة يُرثى لها فأغلب مكتباتنا المدرسية إما أنها قد تحولت إلى غرفة معلمين أو أنها قد أصبحت قاعة اجتماعات في المدرسة أو أنها أصبحت مستودعاً للكتب المدرسية القديمة!! كما أن أغلب المكتبات المدرسية لا تحوي تلك الكتب التي يمكن أن يستفيد منها الطلاب والمعلمون!!!! وكذلك نجد أن المادة السابعة تضمنت عدة نقاط منها: - أن يدرك المعلم أن احترام قواعد السلوك الوظيفي والالتزام بالأنظمة والتعليمات وتنفيذها والمشاركة الإيجابية في نشاطات المدرسة وفعالياتها المختلفة، أركان أساسية في تحقيق أهداف المؤسسة التعليمية.... فهذه النقطة المهمة جداً تطالب المعلم بأن يحترم السلوك الوظيفي وأن يلتزم بالأنظمة والتعليمات وتنفيذها!! وهذا كلام سليم، ولكن أما كان من الأولى بالوزارة أن تكون قدوة لذلك المعلم لتقوم بتطبيق الأنظمة كما يجب ليقتدي بها المعلم وليستشعر بأن وراءه وزارة تطبق ما سنته من أنظمة وتعليمات!! ألا تعلم الوزارة بأن الأنظمة والقوانين تنص على أن المعلم يستحق المستوى الخامس أثناء تعيينه!! ولكننا نجد أنها تقوم بتعيين المعلمين على مستويات أقل وصلت الآن إلى المستوى الثاني!! بل إنه في عام 1420 هجرية تم تعيين المعلمين على بند 105 وما زال معلمو عام 1420 يعانون من هذا التعيين فهم إلى الآن لم يصلوا إلا إلى المستوى الثالث!! على الرغم من تجرعهم لمرارة التعيين على البند 105 فهذا لم يشفع لهم بسرعة تحسين مستوياتهم لنجد أنهم لا يزالون على المستوى الثالث فقط بعد تلك السنوات!!!! فأين الوزارة من التقيد بالسلم الوظيفي للمعلمين الذين يستحقون المستوى الخامس؟!! ألا تعلم الوزارة كذلك بأنه يجب عليها تشجيع المعلمين المتميزين الذين يقومون بأعمال مفيدة للطلاب وللمدرسة عموماً!!! وذلك تماشياً مع نظام ومبدأ تحفيز وتشجيع المعلم!! ولكن للأسف أننا نجد أن هناك معلمين متميزين يقومون بأعمال رائدة وجليلة في مدارسهم ولكن تلك الأعمال وللأسف لا تجد صداها عند المسؤولين ليصاب ذلك المعلم بالإحباط نتيجة ذلك التهميش لأعماله العظيمة!! ألا تعلم كذلك وزارة التربية والتعليم أن الأنظمة والقوانين تنص على توفير جميع ما تحتاجه المدارس من أدوات وأثاث مدرسي!!! ومع هذا نجد أن الكثير من مدارسنا تفتقد إلى أهم التجهيزات المدرسية من مختبرات وأثاث لنجد أن كثيراً من مديري المدارس يقومون بمهمة تجهيز مكاتبهم على نفقتهم الخاصة!!! وكذلك الأمر بالنسبة للمعلمين الذين يقومون بمسؤولية تغطية النقص من الأثاث الذي هو أساس من واجبات الوزارة!!! لذا نجد أن وزارة التربية والتعليم مطالبة بأن تكون قدوة للمعلم فيما يخص التقيد بالأنظمة والتعليمات والقيام بواجباتها كما يجب، لينعكس ذلك إيجابياً على المعلم!!!! نصت المادة الثامنة على عدة نقاط منها: - المعلم شريك الوالدين في التربية والتنشئة فهو حريصٌ على توطيد أواصر الثقة بين البيت والمدرسة. كما أنه ورد في النقطة الثانية: - المعلم يعي أن التشاور مع الأسرة بشأن كل أمر يهم مستقبل الطلاب أو يؤثر في مسيرتهم العلمية وفي كل تغير يطرأ على سلوكهم أمر بالغ النفع والأهمية.... أتساءل هنا وباستغراب شديد: هل المعلم وحده هو من يجب أن يكون حريصاً على توطيد الثقة والعلاقة بين البيت والمدرسة؟!! وهل هناك أنظمة وقوانين تعين ذلك المعلم على التواصل مع الأسرة؟!! لتعلم الوزارة أن مسألة توطيد أواصر الثقة والعلاقة بين البيت والمدرسة هي مسألة كبيرة جداً لا يستطيع المعلم وحده أن يقوم بها في ظل غياب تام لأنظمة وتعليمات تسنها الوزارة ويكون من شأنها توطيد الثقة والعلاقة بين البيت والمدرسة، ولعلي في مقالات سابقة لي نشرت في جريدة الجزيرة قد تناولت مشكلة الفجوة بين البيت والمدرسة هذه المشكلة القائمة التي من خلالها نرى أن المدرسة تعمل بمعزل عن البيت والذي هو الآخر يعمل بمعزل عن تلك المدرسة، فتلك الفجوة تسببت في وجود الكثير من المشاكل التي يواجهها الطلاب ويعاني منها المعلمون، فكم هي كثيرة تلك المشاكل التي يواجهها الطلاب والتي بدأت أساساً في البيت لتنتهي في المدرسة والعكس صحيح، ومع هذا فما زالت تلك الفجوة تكبر شيئاً فشيئاً بين المدرسة والبيت في ظل غياب أنظمة من شأنها تنظيم تلك العلاقة بشكلٍ يجعل من المدرسة والبيت وكأنهما مؤسسة واحدة تعمل من أجل تربية وتعليم هذا الطالب، فنحن نجد أن أولياء الأمور لا يأتون إلى المدرسة إلا عندما تنتهي الامتحانات ويأتي دور توزيع النتائج على الطلاب أو عندما يشتكي أحد الطلاب من معلمه بأنه ضربه أو أنه قام بمجرد جرحه بكلمة بسيطة كانت بقصد التأديب وردع ذلك الطالب عن سلوك سلبي قام به!! فالمعلم هنا محاسب وبدقة من قِبل الوزارة ومن قِبل المجتمع أيضاً، فالجميع الآن يعرف حقوق الطلاب ولكن للأسف أنه لا أحد يعي ما هي حقوق المعلم وكيفية التعامل مع هذا المربي الفاضل!! لنجد التجاوزات تقع عليه من طلابه بشكلٍ مستمر أصبح مع مرور الوقت أمراً عادياً!!! فمسألة توطيد العلاقة بين المدرسة والبيت هي بحاجة إلى أن تقوم الوزارة بسن أنظمة قوية وواضحة من شأنها إلزام أولياء الأمور بعملية التواصل مع المدرسة - حتى ولو كان ذلك على فترات - ولقاء المرشد الطلابي ومدير المدرسة وتفعيل مسألة الخطابات التي تبعثها المدرسة لأولياء الأمور ومتابعتها حتى يتم الكشف عن المشاكل التي يواجهها الطلاب كمسألة التأخير الدراسي أو الغياب أو العنف الذي يمارسه الطلاب ضد معلميهم أو ضد بعضهم البعض.... إضافة إلى أهمية تفعيل دور أولياء الأمور في المدرسة من خلال عقد اللقاءات الدورية بين أولياء الأمور وبين العاملين في المدرسة لمناقشة أبرز المشاكل التي يواجهها الطلاب ويفضل ألا تكون تلك اللقاءات أثناء اليوم الدراسي بل يُخصص لها وقت آخر يكون مناسباً لمناقشة تلك القضايا. فعلى الوزارة أن تفكر بكيفية اختيار طريقة مناسبة لجذب أولياء الأمور إلى المدرسة غير تلك الطرق المعتادة لإحضارهم، وذلك من خلال حضورهم آخر العام لاستلام نتائج أبنائهم!!!!! لعل المعلمين لا يرون أولياء أمور الطلاب إلا في هذا الوقت المتأخر كثيراً!!!!! فهل المعلم مطالب بأنه هو من يجب أن يتواصل مع المجتمع والأسرة بمفرده وباجتهادات فردية منه في ظل غياب أنظمة تعينه على هذا التواصل!!! أعتقدُ أن الأمر قد يكون في غاية الصعوبة على هذا المعلم!!.. أعتقدُ أن على وزارة التربية والتعليم المزيد مما يجب عمله تجاه التعليم بصفة عامة وتجاه ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم بما يضمن تعزيز هذا الميثاق ليعين المعلم على التجاوب الإيجابي مع هذا الميثاق. آمل من المسؤولين في الوزارة تقبل ما جاء في مقالي هذا بصدر رحب وأن يسعوا إلى الاستفادة مما تضمنه هذا المقال، فوالله أنني لم أكتب هذا المقال إلا بدافع المساهمة بما من شأنه القضاء على سلبياتنا التعليمية التي يجب أن نتعاون جميعاً على القضاء عليها والمساهمة بما من شأنه الارتقاء بالتعليم في بلادنا.. مع تقديري للجميع.. فايز بن ظاهر الشراري - الجوف - طبرجل