يمثِّل قطاع العقار في المملكة أحد أهم الروافد الاقتصادية التي يشهد الوطن، بين فينة وأخرى، تعاظماً في حجمها بسبب المساحة الهائلة للبلاد التي تتطلّب تكثيف الجهود من قِبل العقاريين ليوفروا ما يحتاجه المواطن، إذ إنهم أهل خبرة استثمارية، فكان لزاماً عليهم العمل على بناء حضارة الوطن والمواطن على حد سواء. وتشير معلومات مجال العقار الصادرة مؤخراً إلى حاجة الوطن لملايين الوحدات السكنية، وأن هناك ثغرة ما زالت قائمة في العقار تتطلّب جهوداً وتهدي فرصاً لا يقبل عليها إلا قلة من المجتهدين. ولعل عدداً من رجال الأعمال الذين لم تكن لهم اهتمامات في هذا القطاع قد لا حظوا هذا الفراغ وبدؤوا يسارعون الخطى بالتكتل نحو الاستثمار فيه ليقينهم التام بأنه ما زال بكراً. (الجزيرة) ناقشت بعض ما يتعلّق بالعقار من هموم وعقبات وظواهر توجس الخيفة في مساحاته والوجع الذي يسكن جسده مع مسؤولين ومستثمرين فيه... إيمان بالحاجة للتنظيم وسن الأنظمة في البدء، يتحدث رئيس اللجنة العقارية بمجلس الغرف التجارية السعودية المهندس محمد الخليل مفصحاً أنه بعد صدور قرار مجلس الوزراء بإضافة المساهمات العقارية ضمن أعمال هيئة سوق المال سجلت اللجنة العقارية بغرفة الرياض زيارة للهيئة واجتمعت معها فبيّنت اللجنة أنها بصدد دراسة التنظيم التنفيذي الخاص بالمساهمات العقارية متمنيا من الهيئة الإسراع في هذا الأمر لأن تعطيله يتسبب بربكة في السوق العقارية ويقلل من النهضة فيه. ويرى الخليل أن هيئة سوق المال قد أثبتت وجودها في الساحة الاقتصادية وتعمل بشكل مؤسسي رفيع المستوى وعند إرادتها الجمع بين متابعة سوق الأسهم وسوق العقار فإنه مطلوب منها إضافة طاقم كبير من الموظفين ممن لهم معرفة بالمجال العقاري وهو ما يتمنى أن يكون موجودا حاليا فيها أو هي بصدد إيجاده، مشيرا إلى أنهم سيعلمون عن ذلك في اجتماعاتهم القادمة مع الهيئة، مؤكدا أنهم في اللجنة مستعدون بدعم الهيئة بكل ما يستطيعون لتحقيق الأهداف المرجوة لاقتصاد الوطن. وأكد الخليل على ضرورة إيجاد العديد من الأنظمة التي على رأسها هيئة عليا للعقار تعنى بمشاكل العقار وهمومه تكون مرجعية مركزية للسوق العقارية خصوصا في ظل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وكذلك الطفرة التي تشهدها، مشيرا إلى أن هذا المطلب كان قد بحث منذ زمن ولا زال العقاريون يتمنون تحقيقه وإنشاء الهيئة على غرار السياحة والاستثمار لافتاً إلى إمكانية توفير هذا الأمر لتوفر بعض المقومات مثل كتابة العدل وإدارة الأراضي في وزارة الشؤون البلدية والقروية وشؤون المساهمات العقارية في وزارة التجارة وهيئة سوق المال فمن الممكن ضم هذه الإدارات لهيئة العقار إن وجدت ممتدحا مطالبة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بضرورة إيجاد هيئة للعقار بأسرع وقت ممكن. وواصل الخليل حديثه قائلاً: إنه لاشك أن العقار يعتبر على رأس الهرم بالنسبة للاقتصاد الوطني بعد البترول غير أنه ينقصه التنظيم بشكل كبير؛ فلا الأنظمة القديمة قادرة على أن تواكب التقدم الحاصل في البلاد ولا التأهيل المطلوب من العقاريين موجود أيضاً، كاشفا أنهم في اللجنة قد أخذوا في خطوة تصنيف المكاتب العقارية بإقرار من وزارة التجارة، مؤكدا على ضرورة دعم هذا التوجه بحيث تصنف هذه المكاتب حسب تأهيلها في ثلاث فئات هي مكاتب التسويق العقارية ومكاتب إدارة الأملاك بالإضافة إلى التسويق العقاري ومكاتب الاستثمارات العقارية وهو ما يتطلب وجود تأهيل جيد عند أصحاب هذه المكاتب لتقوى الثقة بالسوق فيكون مؤهلا ومدروسا ومقننا بلا بيروقراطية. وبين الخليل أنهم في اللجنة يهدفون لإنشاء وصناعة عقارية متميزة الأداء ومتطورة الأدوات واعية لدورها الاجتماعي والاقتصادي تكون حلقة وصل قوية بين القطاع العقاري والقطاع العام والخاص كالكهرباء والمياه والهاتف و القطاع التشريعي المتمثل في مجلس الوزراء الموقر ومجلس الشورى ووزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية. وأوضح الخليل أن من أهم هموم العقاريين قضية الرهن العقاري المهم تواجده في هذه الفترة حسب قوله لأنه مربوط بالتمويل العقاري الذي من دونه يصعب النهوض بالسوق، مضيفا أن صناعة العقار في المملكة توفر رؤوس أموال ومدخرات عالية وهناك محدودية في المنافسة بين دول الجوار في ظل إمكانات المملكة. واعترف الخليل بما يعانيه المستثمرون من بطء في الإجراءات المتعلقة بمخططاتهم وقال إنهم بحثوا ذلك كثيرا مع أمانات المدن، مؤكدا أن هذه الإشكالية ذات شقين أحدهما يخص العقاريين أنفسهم لعدم توفر مكاتب هندسية متخصصة في الجانب التخطيطي وهو نقص حاصل في البلد ومعروف، أما الشق الآخر فهو متعلق بعدم توفر الإمكانات الكافية لدى الأمانات من حيث عدد الموظفين فالملاحظ حسب ما يرى أن معظم الأمانات منذ خمسة عشر عاما لم يزد فيها عدد الموظفين ولو بنسبة 10% فهذا عائق كبير للتنمية فإمكانات الأمانات لم تواكب الزيادة في النمو بشكل عام مطالبا الأمانات بطلب وتأهيل موظفين أكفاء بأعداد منطقية كافية لمواكبة نهضة العقار. ولم ينف الخليل التجاوزات في العقار مشيرا أنه كباقي القطاعات الكبيرة التي تحصل بها تجاوزات موضحا أن 99% من الجهات العاملة في السوق هي مكاتب وبالتالي لابد من كيانات كبيرة مدروسة وتحمل رؤية واضحة ذات شفافية واستراتيجية ومؤهلة بقيادة إدارية تستطيع تحقيق الأهداف باستمرار فليس الهدف -حسب قوله- جمع أموال الناس وإقامة شركات بل الأهم هو التخطيط نحو النجاح والاستقرار. عدم توحد المساهمين يعيق إنهاء مشكلة المساهمات المتعثرة يتحدث الأستاذ عبدالعزيز بن محمد العجلان رئيس اللجنة العقارية بغرفة الرياض في هذا الموضوع ويقول بأنه بعد صدور الأمر السامي بتنظيم المساهمات العقارية وبعد إيقاف المساهمات العقارية من قبل وزارة التجارة وقد لعبت المطالبات من قبل اللجنة العقارية بغرفة الرياض دوراً فيه فقد أناط الأمر السامي بوزارة التجارة بإيجاد الحلول المناسبة لإنهاء مشاكل المساهمات العقارية المتعثرة علماً بأنه يوجد لجنة أخرى بإمارة منطقة الرياض باسم لجنة المساهمات العقارية المتعثرة والتي عُدِّل مسماها مؤخراً إلى لجنة المساهمات العقارية التي أتشرف بأن أكون نائباً للرئيس فيها حيث يرأس اللجنة مندوب من إمارة منطقة الرياض وهي تختلف عن اللجنة العقارية بغرفة الرياض وكلا اللجنتين تعقد اجتماعاتها في مقر الغرفة التجارية الصناعية بالرياض. وحسب العجلان فإنه من الواجب أن يكون هناك تعاون ما بين وزارة التجارة ولجنة المساهمات بإمارة منطقة الرياض وأن يتم حصر المساهمات العقارية المتعثرة ومواجهة أصحابها وأن يكون هناك حزم في جانب على المتلاعبين ومد يد المساعدة للمغتربين لأسباب خارجة عن إرادتهم من جانب آخر وحصر المعوقات وإيجاد الحلول المناسبة لها. ويشير العجلان إلى أن ما يعيق إنهاء مشاكل المساهمات المتعثرة حالياً هو عدم توحد المساهمين وتوكيلهم معاهم للمطالبة بحقوقهم لأن معظم أصحاب المساهمات العقارية يطلبون اللجوء إلى القضاء ولا أحد يستطيع أن يردهم وهناك يكون في مواجهة مع القاضي دون وجود دفاع للخصم الآخر وهو للمساهم وبالتالي فإن من ضمن الحلول المناسبة تفويض اللجنة العقارية بإمارة منطقة الرياض بأن تكون هي من يمثل المساهمين طالما تقدم المساهم إلى اللجنة وقبل أن تطالب نيابة عنه صاحب المساهمة المتعثرة أمام القضاء. ويضيف العجلان قائلاً بأنه قد طالب مؤخراً بأن تكون هناك لجنة عليا للعقار تكون هي المنسق والمشرع الذي يرفع التشريعات للجهات العليا لدراستها واعتمادها وهي التي تقوم بكافة الدراسات التي تشمل جميع مناطق المملكة وتدرس أيضاً الأنظمة العامة التي تناسب العقار بكافة أنحاء المملكة، فالقطاع العقاري في الوقت الحالي تتوزع مسؤولياته بين مجموعة من الدوائر الحكومية مثل وزارة العدل ووزارة البلديات وأمانات المدن والهيئات العليا لتطوير المدن وغيرها. بطء الإجراءات البلدية والمتعلقة بالنزاع همُّ العقاريين يؤكد الأستاذ عبدالرحمن الشقير وهو أحد رجال العقار أنهم في هذا القطاع يعانون من عدة أمور أهمها قضية الإجراءات النظامية للبلديات مثل استخراج المخططات التي تستغرق في بعض الأحيان أكثر من عام وفي المقابل هناك دول خليجية مجاورة لا تستغرق فيها مثل هذه الإجراءات بضعة أيام، مضيفا أنهم أيضا يعانون من الإجراءات المتعلقة بالنزاعات مع الغير التي تطول مدتها على الرغم من وجود صكوك صادرة من محاكم شرعية وأوراق رسمية معتمدة فيؤدي هذا الأمر لقيام مدعي الملكية بالابتزاز على مالك الأرض فإما أن يزيحه بعرض مالي أو تطول مدة القضية. وأشار الشقير إلى أهمية النظر لواقعنا التجاري الحالي إذا ما تذكرنا دخولنا للنظام التجاري العالمي الذي من ضمن أولوياته الإسراع في عملية النهوض الاقتصادي الذي من ضمنه قطاع العقار.