نحو الشجر النامي عبر الآل وسياط الشمس تُقرّحنا ببقايا تلك الأسمال يشوينا الرحل فلا نخشى أشباح الليل البرية يحدونا شوق التجوال للمدن المعدن لزهور تنبت في الحال أذكر إذ أوغل في ذهني وتدق الذكرى في البال *** أذكر أنك يا عنود البراري الجميلة كنت تقودين (وانيت) أبيك الأحمر الحديث وكنت صبيّة (يطرخ) برقعها في الريح كجناح العُقاب من نافذة (الموتر) وكنت تحدقين بالشباب كشاهينة متحفزة ثم تطلقين قهقهة باتجاه السماء وتواصلين العدو في الصحراء كغزالة تطاردها الذئاب في سهل يضيئه البرق. *** كان ذاك السهل أخضر (زي قلوب العاشقين والخدود وردية خمري والشفايف توت وتين) كما كان يقول عمنا الشيخ امام بكلمات صديقه الحميم -آنذاك- أحمد فؤاد نجم. أقول كان ذاك السهل أخضر وكنت غزالة من ضوء تجري تحت سماءات القلب ولكنك لا تأبهين. *** بعد ذلك شرّدتنا المنافي يا عنود وبقيت في الروح تعبق ولم تزل رسائلك الوردية العابقة بنفل البوادي الفساح، وكان أن التقينا في مدائن الزجاج والقلق في مهنة واحدة -غير الحب- ثم هاجرت إلى مدائن الضباب وانقطعت الصلات. وقبل عامين بالضبط رأيتك ثانية في ذات الصحراء وذات الربيع ولكن بعد عشرين عاماً بالتمام. حينها صرخت من سويداء القلب لكي أسمع الأشجار والأحجار والفضاء: أبعد ما عشرين عام. منذ افترقنا يا عنود ما زلت في نفس الجمال نفس الغزال نفس العيون السود نفس الحواجب إذ تقطّب في الغضب نفس الشفاه الراعشات المدهشات نفس الخدود إلا ال(... ود) ليس ال(... ود) هي ال(.. ود).