عندما يفتح معرض ديترويت الدولي للسيارات أبوابه الأسبوع المقبل تتعلق أنظار منتجي السيارات الأمريكيين بالفرصة التي ربما تكون الاخيرة لكي يودعوا خلال العام الحالي سنوات الخسائر التي عانوا منها. والحقيقة أن هذه الدورة من المعرض الشهير يمكن أن تقدم صورة واضحة الملامح للأوضاع الصعبة التي تمر بها صناعة السيارات الأمريكية منذ عدة سنوات أدت إلى نزيف خسائر شديد في الشركات الكبرى مثل جنرال موتورز أكبر منتج سيارات في العالم وديلفي أكبر منتج لمكونات السيارات في العالم. ومهما كانت محاولات شركات السيارات الأمريكية الكبرى جنرال موتورز وفورد وكرايسلر لاضفاء شيء من البريق على أوضاعها من خلال سياراتها المشاركة في المعرض فإن الحقيقة تقول إن الشركات الثلاث الكبرى تعتزم إغلاق العديد من مصانعها وتسريح عشرات الآلاف من عمالها في أمريكا الشمالية مع استمرار تراجع حصتها في أسواق السيارات سواء في العالم أو حتى داخل الولاياتالمتحدة. ويقول خبير اقتصاديات السيارات فرديناند دودنهوفر: إن كرايسلر تقف بمفردها تغرد خارج سرب الخاسرين حيث مازالت قادرة على تحقيق أرباح في حين تخوض جنرال موتورز وفورد معركة من أجل البقاء بعد استمرار نزيف الخسائر العام الماضي. وفي الوقت نفسه يسافر منتجو السيارات الالمان إلى ديترويت تراودهم مشاعر متضاربة؛ فمعهد (بي.دي. فوركاست إنستيتيوت) يتوقع إعلان تراجع حصة السيارات الالمانية في السوق الأمريكية من 5.2 في المائة عام 2004 إلى خمسة في المائة فقط خلال 2005 بسبب تدهور أداء سيارات فولكسفاجن أكبر منتج للسيارات في أوروبا بشكل أساسي. وتواجه فولكسفاجن أزمة حقيقية في السوق الأمريكية بعد تراجع مبيعاتها هناك منذ كانون ثان/يناير الماضي إلى تشرين ثان/نوفمبر الماضي بنسبة 15.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق عليه حيث بلغ إجمالي مبيعاتها حوالي 198 ألف سيارة. ورغم أن فولكس تستعد لطرح سيارتها الفارهة الجديدة فايتون في السوق الأمريكية الصيف المقبل فإنها تتوقع تراجع تجارتها مع الولاياتالمتحدة بمقدار مليار يورو ما يعادل 1.18 مليار دولار كما حدث العام الماضي. وربما تبدو الصورة أفضل بالنسبة لشركة بي.إم.دبليو الالمانية المتخصصة في صناعة السيارات الفارهة حيث أنها تتجه مع تابعتها الاصغر ميني إلى تحقيق مبيعات قدرها 300 ألف سيارة وهو رقم قياسي جديد. ومن المنتظر أن تقدم شركات السيارات الالمانية خلال معرض ديترويت مجموعة من السيارات الجديدة التي تثير اهتمام العملاء. وتستعد ديملر كرايسلر الأمريكية الالمانية العملاقة للسيارات لرفع الستار عن سيارتها الجديدة مرسيدس بنز جي.إل وهي سيارة فارهة شديدة الاتساع. وفي حين تبدو شركات السيارات الالمانية وقد استنفدت طاقتها في السوق الأمريكية تتحرك شركات السيارات اليابانية بحيوية مفرطة في هذه السوق حيث تكسب حصة جديدة هناك كل يوم. وأصبحت السيارات اليابانية أكثر جاذبية في السوق الأمريكي خلال الفترة الاخيرة بفضل انخفاض استهلاكها للوقود وهي الميزة التي لم يكن الأمريكيون يتوقفون عندها في الماضي عندما كانت أسعار الوقود منخفضة نسبيا. ولكن الموقف تغير بعد الطفرة التي شهدتها أسعار الوقود في الولاياتالمتحدة العام الماضي الامر الذي دفع الكثيرين من الأمريكيين إلى التخلي عن سياراتهم الأمريكية التقليدية ذات الاستهلاك المرتفع للوقود والاتجاه نحو السيارات اليابانية. ولذلك حققت شركة تويوتا موتورز اليابانية نجاحا كبيرا في السوق الأمريكية بفضل سياراتها الهجين التي تعمل بالوقود والكهرباء الامر الذي يعني أنها أقل استهلاكا للوقود من السيارات التقليدية بنسبة كبيرة. ومن المنتظر أن يشهد معرض ديترويت منافسة قوية في مجال السيارات الهجين بعد أن تزايد الاقبال عليها حيث يتوقع خبراء وصول مبيعاتها إلى 400 ألف سيارة العام المقبل مقابل 190 ألف سيارة خلال 11 شهراً الأولى من العام الماضي.