فحلو,, وأما وجهه فجميل هذا البيت من الشعر في نظري يعدل قصيدة,, بل قصائد من هذه التي لا يكون لها عمق هذا البيت ورقته وشموله. فكلمة المعروف هذه جامعة لكل خصال الخير سواء كانت قولا او فعلا,, وسواء كانت متعلقة بخالق هذا الكون او بخلقه. فعمل المعروف قد يكون ببذل الجاه,, وقد يكون ببذل المال,, وقد يكون بالكلمة الطيبة بالبشاشة في وجه قريبك أو أخيك المسلم. انني كلما قرأت هذا البيت سُحرت بسلاسته ورقته وعذوبته,, وشموله، فالامر بالمعروف حث عليه ديننا الحنيف وذكر في مواضع كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله,, والنهي عن المنكر كان قرين الأمر بالمعروف,, وهو ينبغي ان يكون نهيا عن المنكر بالمعروف الا يكون بالشدة والعنف والقوة,, لان القوة والشدة قد يكون لهما رد فعل يجانسهما. وأذكر في هذا المجال ان رجلا متشددا في دينه مر على فلاح في حجر احدى النخلات لجني شيء من تمرها, وكان أثناء عمله يغني باحدى الأغاني ليتسلى أثناء عمله,, فمر به هذا المتشدد في دينه وقال له بعنف,, اذكر الله,, الله لا يذكرك بالخير، فلم يكن من هذا الذي يغني الا ان يرد عليه بنفس اسلوبه ,, ويقول له انت الذي لا ذكرك الله بالخير. ومضى هذا الرجل المتشدد في طريقه وبعد قضاء حاجته عاد أدراجه فوجد الرجل الذي في رأس النخلة لا يزال يغني,, فقال بلهجة عذبة رقيقة: اذكر الله يا أخي فأنت في رأس هذه النخلة وقد تسقط منها فتكون خاتمة حياتك بالاغاني، فلم يكن من رجل النخلة الا ان يقول : جزاك الله خيرا,, وانت خير من الذي مر بي منذ قليل,, والذي مر به منذ قليل هو الذي مر به أخيرا,, انه شخص واحد ولكن اللهجة هي التي تغيرت. وأعتقد ان الاحسان بالنقود والمواد الغذائية من افضل الأعمال لأنها تدل على الكريم,, وربنا كريم يحب الكرماء من عباده وقد ورد في الآثار ان الكريم قريب من الله قريب من الناس بعيد عن النار,, وعكسه البخيل فانه بعيد من الله بعيد من خلقه قريب من النار والعياذ بالله. والكرم لمن وسع الله له في رزقه يغطي العيوب ويكفر الذنوب ويكسو المرء ثياب المعزة والمحبة والتقدير,, ولو لم يكن من فضائل الكرم الا ان الله يحبه,, فالخلق عيال الله,, وأحبهم إليه ابرهم بعياله.