تقدم مستدام واقتصاد متجدد 10 سنوات من الحكم الرشيد تطلق النمو الاقتصادي وتحقق التنمية    قائد استثنائي    نائب أمير تبوك يطلع على تقرير التدريب التقني    الدكتور العرفي: تحديد مجالات وتحديات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في الإعلام الرقمي    اختفاء القيادات يثير تساؤلات اليمنيين    غارات إسرائيل بلبنان تقتل مسؤولين في حماس    تغييرات في الجبهة الداخلية الإسرائيلية.. نتنياهو يتوعد إيران    النصر يكتسح العروبة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    القيادة تهنئ سلطان بروناي دار السلام    أليسون يغيب عن المباراتين المقبلتين للبرازيل في تصفيات كأس العالم للإصابة    القادسية يهدي قميص النادي لوزير الإعلام    ضبط شخص في جدة لترويجه (8) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر    وزير الإعلام يزور معرض "الرياض تقرأ"    الإدارة العامة للمجاهدين تشارك ضمن جناح وزارة الداخلية في معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2024 بمَلْهَم    الألفة مجلبة للتعاون على البر والتقوى    المدبر هو الله.. لا تقلق    مدير هيئة الأمر بالمعروف بنجران يزور رئيس الجامعة بالمنطقة    أول ترخيص لمشروع زراعي تجاري بالسعودية    ماكرون يطالب بالكف عن تسليح إسرائيل    ساديو ماني يواصل توهجه مع النصر    الحرفش: ظهور أنماط مستجدة من الجرائم تهدد أمن الأفراد.. والتعاون القانوني الدولي ضرورة لمكافحتها    التعاون يصالح جماهيره بالفوز على الفتح    التأمينات الاجتماعية تطلق منصة بيانات مدعمة بالذكاء الاصطناعي لخدمات دعم التوظيف    تعليم جازان يشارك في اليوم العالمي للمعلم 2024 تحت شعار "تقدير أصوات الجميع، نحو عهد اجتماعي جديد للتعليم"    الأباتشي تحلق بذهب الألعاب    وزير الحج يستقبل وزير السياحة والآثار المصري    «هيئة العقار» تُعلن بدء التسجيل العيني لأكثر من 87 ألف قطعة عقارية بمدينة الدمام ومحافظة الخبر    إطلاق تقويم فعاليات شتاء السعودية    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير خارجية أمريكا    لقاء علمي يبحث الوقاية من فيروس الجهاز التنفسي المخلوي    آل عقيل وآل زيد يحتفلان بزفاف عبدالإله    القوة الدافعة وراء تشكيل جيل قادر على التنافس عالميًا    قاعدة الملك فيصل الجوية بالقطاع الشمالي تحتفل باليوم الوطني 94    آل زلفة: الصدفة قادتني ل 1000 وثيقة في متجر لبيع الصحون وقدور الطبخ!    ضبط (22094) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    زيلينسكي: سأطرح "خطة النصر" في اجتماع الحلفاء في ألمانيا    "سلمان للإغاثة" يدشّن مشروع توزيع المساعدات الغذائية للأسر الأكثر احتياجًا في جمهورية قرغيزستان    جمعيتي "طويق" و"العمل التطوعي" تحتفلان باليوم الوطني بعشرة أركان تفاعلية    ثاني أكبر روافد نهر الأمازون بالبرازيل يسجل أدنى منسوب للمياه بسبب الجفاف    اليوم عرسك    السجن مدى الحياة ل«مغتصب التلميذات» في جنوب أفريقيا    خوفاً من الورثة.. مغربية تحتفظ بجثة والدتها !    6 توصيات لتعزيز الهوية الثقافية ودعم الاستثمار في تعليم اللغة العربية محلياً و دولياً    عبدالعزيز بن سلمان يشارك في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة    جمعية الأدب تعتمد 80 سفيراً في 30 مدينة    محافظ الطائف يعزي أسرة الحميدي في فقيدهم    مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي القاضي وآغا في فقيدتهم    الجيش الأميركي يعلن قصف 15 هدفا للحوثيين في اليمن    انطلاق حملة الحي يحييك للاحياء السكنية بالمنطقة الشرقية    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    أحلام على قارعة الطريق!    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    2238 مصابا بالناعور في 2023    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    وزير الداخلية يعزي ذوي شهيد الواجب أكرم الجهني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات وأحاسيس نامت على عضد الزمن 3
مع الشيخ عبدالعزيز التويجري في كتابه
نشر في الجزيرة يوم 20 - 05 - 2000


(1) ذكريات لا أملّ تداعيها
هذا هو المقال الأول في مجموعة هذا الكتاب، وسوف تتبين فيه الروح التي سيطرت على مقالات المؤلف هنا، وأبانت عن الناحية النفسية التي كان عليها وهو يكتبها.
تتضح في هذه المقالة بعض الصبغات التي تتردد في مقالاته، فلابد أن يؤكد شيخوخته، وهو يريد أن يقدم عذراً، ولا يدري أنه في الحقيقة، يطمئننا أننا سوف نقرأ لرجل ناضج عرك الحياة، وما سوف يقول هو عصارة تلك الحياة، سواء أبان وأوضح، أو ألغز وألمز، وصبغة ثانية هو يريد أن يحملنا معه في العربة فنرى حيرته التي لم تفارقه في أي الطرق يسلك، وهو في أول مفترق الطرق، وهو يخشى، وله الحق في الخشية، أن ما عنده من بضاعة لايقبلها المتردد المديم على سوق اليوم، في عهد النفط وتداعياته، لذا فالكاتب يخشى وهو يعرض بضاعته ان يكون في رفضها رفض للقيم التي أغلاها هو وجيله، وتأبى هذه القيم إلا أن تطل برأسها، فالصبر في الماضي دواء الملل والضجر، والوعظ مثله، وكذلك حكايات الأمهات، وعجائز البيوت.
ثم يصل بالعربة إلى قريته، وهي نموذج لكل قرية في بلادنا، فيكشف القناع عن القناعة التي كانت تسودها، فالناس لاينظرون الى ما هو خارج قريتهم، حركتهم الدائبة لاتخرج عن فلكها، يتحدث عن صلة الناس بعضهم ببعض، فكل بيت فيه قريب لساكن كل بيت، اي أن القرية أسرة واحدة، يعرف بعضهم بعضا أبا عن جد، النسمة إذا مرت بالبيوت عرف عنها الصغير والكبير، لو مر طائر غريب عرف عنه كل فرد، يعرف عن المولود حين يولد، وعن الشيخ حين يمرض أو يموت.
يعطي صورة دقيقة واضحة لصلات الناس الطيبة بعضهم ببعض، فلا كره، ولا ريبة، ولا بغضاء، وهو يلتذ الآن بصور هذه القرية، وبالذكريات المتداعية عنها اليوم، ويتألم وهو يرى في الواقع ما آلت إليه، مبانيها وأناسها وحيوانها، لقد شاخت كما شاخ هو, صورة بديعة ترسمها يد فنان، لكل قرية من قرانا، قد لا يدرك دقتها إلا من عاش ذاك الزمن وهذا الزمن.
الكاتب يسأل شابا قابله اسلئة هو يعرف جوابها، ولكنه أراد أن يسمعنا صوتا غير صوته، وكأنه يريد شاهداً على ما يروي، وإلا فالشاب المسؤول ليس بأعلم من السائل، الذي كان من جملة الراحلين عن القرية، وأحد الذين تسببوا في أن تلبس ثيابها البالية، لتأتي حفيدة لها تجلس على مرتفع يداعبه النسيم، دون خوف من غاز، أو ذعر من مُهاجم تنير الكهرباء جوانبها، حتى أصبح ليلها مثل نهارها، تتنافس مع مثيلاتها أي منهن تزيد فيه المدارس، والمستشفيات، والمستوصفات، وحتى صالات الافراح، التي أصبحت مظهراً حديثا ليس في البنايات، ولكن فيما تطور إليه أمر الزواج، والعادات والتقاليد.
ولا يستطيع الشيخ عبدالعزيز أن يُخلي فكره من الصحراء، ومحتوياتها، ولهذا عندما تنهد، بعدما رأى من حال القرية، تنهد شعراً كل مافيه صحراء:
أما الخيام فإنها كخيامهم
وأرى نساء الحي غير نسائها
ثم لا يبعد كثيراً ، فتأتي كلمة قافلة وكلمة فلاة وكلمة القمر وكلمة مواشي ، والنزول والارتحال، تعابير صحراوية.
نزلنا ههنا ثم ارتحلنا
كذا الدنيا نزول وارتحال
ويريد ان يعطي عظة، ويهدي عبرة، فيأتي بها على لسان شيخ يدب على عصاه، لايُدرى من أين أتى، ولا أين ذهب، ولكن حكمته بقيت، وموعظته وُعيت، ونال إعجاب الكاتب فلم يبخل علينا بما وعاه منه، وما استفاده، وقد تنبأ له بأن تغيراً سوف يحدث، وان لكل امرىء نصيباً منه، واليوم قد تغيرت القرية الى مدينة، وعرف كل إنسان نصيبه منها.
وأبو الطيب المتنبي شاعر لم يفارق أهل نجد في حياتهم، يعرفه منهم العالم والجاهل، وكان هو سمير الأدباء والمتأدبين، من لا يعرف المتنبي وأشعاره وحكمه، فهو خارج عن هذا الوجود، وابو عبد المحسن من المعجبين به، ولعله وأمثاله،كانوا ممن حبب الناس للمتنبي، ولهذا اشعاره في الحكم حاضرة في ذهنه، تنتظر ان يفتح لها الباب، وها هو أحد أبياته يخرج بعد ان جاء دوره للخروج، واستدعي لذلك:
جوهرة يفرح الكرام بها
وغُصة لا تستسيغها السَّفَلَة
ثم يستفيد أبوعبدالمحسن من هذا البيت، ويلبس وصف السفلة من يختارهم: والسفلة هم هوامش التاريخ ومنافقوه ومزوروه .
ومن هذا ينفذ قوله إلى فكرة منزوية في ذهنه، قربها الحديث في هذا الشأن، فيتساءل متى ينخل التاريخ، ويُصفّى، ويُخرِج منه ما يخالف الحقيقة، ويبقى ما يمكث في الارض، مما يكون مرآة ناصعة تهدي الى الحقيقة، ليتعظ الناس، وليطمئنوا الى ان فكرهم لم يجرح، وانه قد احترم من المؤرخين، وان عهد الاستهوان بالعقول قد ولّى.
كلمات تحمل هموم كثير ممن يؤمن بأن الحقيقة هي اجمل مايتحلى به الكاتب، ولكن طبيعة الحياة، وظروف كتابة التاريخ، وظروف الإنسان تأبى إلا ان تغلب على الأماني والآمال, وسيبقى تلوين التاريخ ما بقي في الدنيا لون، وما بقي عند الإنسان حب للزخرف، وتمتع به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.