قال الكاتب الضخم: امسك القلم واسحب الورقة، وانطلق وأسكب ما يجول في خاطري,. قال شيخ البلهاء: وأنا أيضا أفعل مثلك، واكتب ما يجول في خاطري . قال الكاتب الضخم: ولكن ما يجول في خاطرك غير الذي يجول في خاطري . في رضعة الزمن نأخذ الزحف الى منطقة اللاتوازن في حين ينادي الماكثون في دائرة الوعي بوجوب التفكير بهدوء في عصر السرعة . هل تكيف ما يجول في خاطري ؟ حتى لو كان من حطام الهذيان الملون ؟! أودية ورقية تسيل في فضاء المهدومة أو ربما المعمورة ويا خسارة الحبر، ويا ضياع الورق!! كيف نفهم الحكمة الشاردة من ضفاف نهر الراين حين تقول: بناء المواقد أسهل من ابقاء واحدة منها حامية !! ولك ان تشاهد كثرة المواقد مملوءة بكثرة الرماد. (ب) في طفولة الكتابة يسيطر على من يمسك القلم شعور فضائلي طويل,, ويختار لنفسه مقعدا من مقاعد الشمس الوهمية,. وينطلق الى زينته ويأخذها عند كل صحيفة,, مرتديا ثياب الوطنية، وجلباب الواجب ، وزخرف رفع الوعي في طبقات الناس ، ومراهنا على جياد خاسرة من قبل الانطلاق، انه شلل وسيم، هذا الذي يسيطر على الكف والعين والقلم!! لغة خطابية,, تعطي كل شيء، ولا تعطي شيئا محددا، مثل المفتاح الذي يفتح كل الأقفال فلا يعتمد عليه ولا على الأقفال التي يخترقها!! كلمات لا توافقك، ولا تفارقك,, وهذه فاتحة البلوى، وحروف ماتت ودفنت، وتلك خاتمة الشكوى!! تصور حتى الكلمات تغتصب، بل وتفعل ما لا تطيق مع ان منطق الحق، لا يكلف مفردة الا وسعها!! (ج) خذ مثلا,, يقولون سؤال يطرح نفسه ومتى كان هذا، وأين؟ولماذا؟ نطرح الأسئلة ثم نلوذ بالفرار قائلين: هذه ارادة السؤال !! يا ساتر، حتى على الأسئلة نعتدي!! ثم نزعج الآخرين بترهلنا اللفظي، ولكلكتنا الصوتية ثم نرمي أو نرحل هذا الشلل الى اللغة قائلين خانني التعبير، وتعجز الكلمات,, الخ؟ يجدر بنا ونحن الماكثين على بوابة الصمت، الجالسين على مفارش ذاكرة الأمس، المنتحرين في لغتنا، يجدر بنا ان نعيد صياغة المفردات في أفواهنا، وفي أقلامنا، وفي عيوننا، بل حتى في خيالاتنا؟ لم تخنا الا تلك المفردات التي عرفناها، وألفناها بل وأدمناها رحم الله شاعرنا العربي الذي اختصر مسافات الوجع، ومساحات التعب بقوله: وما ضرني الا الذين عرفتهم جزى الله بالخيرات من لست أعرف؟