وفق دراسة لباحثين من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس فإن الأطفال ذوي التوحد يفتقدون نشاطا دماغيا أساسيا يساعدهم على فهم مشاعر ورغبات الآخرين. وقد أوضح بحث جديد بالرنين المغناطيسي أن النظام العصبي الانعكاسي Mirror Neuron System لدى الأطفال ذوي التوحد لا يؤدي وظيفته بخلاف الأطفال الطبيعيين عندما يقلدون أو يلاحظون تصرفات غيرهم. وتدعم هذه الدراسة التي نشرت يوم الأحد الماضي في صحيفة Nature Neuro science الدليل على أن المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالتوحد سببها خلل عصبي. وتقول ميريلا دابريتو قائدة البحث والمؤلفة للدراسة والأستاذة المساعدة المقيمة في علم النفس والعلوم السلوكية الحيوية Biobehavioral: نحن سعداء إذ إن هذا البحث يدعم بحق أعراضا متعددة رئيسية للتوحد، وعادة فإن الانعكاسات العصبية تحدث عندما يقوم الشخص بعمل أو مراقبة نفس العمل عندما يقوم به الآخرون. على سبيل المثال عندما تلعب البنت لعبة نط الحبل فإن الانعكاسات العصبية تنطلق من منطقة الذاكرة والتركيز في مقدمة الدماغ، وعندما يشاهد طفل غير توحدي هذه البنت فإن انعكاساته العصبية تنشط أيضا. وتبين دراسات جديدة أن مثل هذا النشاط الدماغي يمكننا من أن نفهم بشكل تلقائي ما ينوي الأشخاص القيام به وكيف يشعرون، أما الأطفال التوحديون على أية حال فهم في الغالب يسيئون فهم التعابير الشفوية وغيرهم مثل الإشارات المعبرة عن الغضب أو الفرح أو العواطف الأخرى التي لدى الآخرين، وباختصار فإن الأطفال التوحديين ينقصهم الحس الناضج للتعاطف مع الآخرين. وقد وجد الباحثون أنه كلما أظهر الأطفال التوحديون ذوو الكفاءة الأعلى high- functioning أعراض توحد أكثر قلت وظيفة الجهاز العصبي الانعكاسي لديهم. وقارن الباحثون في معهد Semel بين عشرة أطفال توحديين من ذوي القدرات العالية تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عاماً مع أقرانهم الطبيعيين، وذلك باستخدام الرنين المغناطيسي MRI لقياس نشاطهم الدماغي. وأثناء الدراسة طلب من كل طفل أن يقلد ويلاحظ 80 صورة تبين إعلانات مختلفة تعبر عن مشاعر الغضب والخوف والسعادة والحزن، وبخلاف الأطفال ذوي النمو الطبيعي فإن الأطفال التوحديين لم يظهروا أي نشاط يذكر في جزء الدماغ المسؤول عن وظيفة الانعكاس العصبي. وقالت دابريتو إن هذه الدراسة أثبتت أن الجهاز العصبي الانعكاسي في التوحد وعند الأطفال المصابين بالتوحد لا يؤدي وظيفته وإن هذه الدراسة تفتح الطريق أمام أفكار وعلاجات جديدة ونظرات أعمق للتوحد. وقد أثنى معلمو الأطفال التوحديين على هذه الدراسة الجديدة وذكروا أنها ستساعد على التشخيص والتدخل المبكر للتوحد وقالوا أيضا إن نتائج الدراسة يمكن أن تساعد على تمويل أبحاث أكثر حول اضطراب طيف التوحد، وقالت إخصائية علم النفس لورا ستيفنس التي تترأس برنامج اضطراب طيف التوحد التابع لمجموعة HELP والتي تدير ثلاث مدارس للأطفال التوحديين في Sherman Oaks إن هذه الدراسة ستساعد الناس على فهم ما هو العائق الذي يقف في طريق الأطفال ذوي التوحد، وتضيف أن ما توضحه هذه الدراسة في الواقع أن ما يمكن لهؤلاء الأطفال القيام به هو تقليد تعابير الوجه، أما ما لا يمكنهم القيام به فهو التعبير عن عواطفهم، إذ يستطيع الأطفال ذوو التوحد القيام بعمل الأساسيات ولكنهم لا يستطيعون أن يفهموها.