تختلف مقاييس الفكر والعقل والذكاء والفطنة من شخص إلى آخر، فهذا فطن وذلك عاقل وآخر مفكر، ورابع ذكي إلى آخر ما في قائمة الصفات الحسية وغير الحسية. وإذا ما اتحد الفكر والذكاء تحت مظلة العقل فإنه يتمخض عن ذلك إبداع في عمل كل ما يحتويانه احتواء طبيعياً ليس للتصنع أو التلقين فيه أية ظاهرة ملحوظة. وعامل تقدم السن هو أقرب للتأثير على نشاط الفكر ونتائجه ولا إخال متقدماً في السن إلا ويشكو من تدني الفكر المتمثل في ضعف التركيز على تصور الحلول وبسطها على بساط البحث، وتسبب النسيان الذي يصاحب الكبر في عدم نجاح حلول المشكلات المستعصي حلها. وكان لي وقفة شعرية إزاء ذلك التغير الذي يطرأ على الفكر بسبب التقدم في السن قلت فيه: أيها الفكر لماذا لا تجوب الأفق حولي وترى ما كنت قبلا فيه غريداً يسلي أم ترى عزمك أمسى شاكياً من فرط هزلي وطوى نشرك دهر طي بردٍ أو سجل فغدوت الطير مكسو ر الجناح المستذل وغدا ما كان حلواً في فمي كالصبر يغلي وغدا مشيي هوينى وشكا دربي ثقلي لم يعد ذاك الذي قد كان باللحن يهلي بغناءٍ مستباح فيه أنغام التجلي ينشد الأشعار لحناً من على النجم المطل ** آه يا عمري ويا ده ر بدا يسحب حبلي أين شمس اليوم من شم سي في الأمس وظلي ضاق أفق الفكر حتى وهن العظم فقل لي يا نديمي كيف كنا من علو في تدلي وعن السبق بدأنا بانسحاب وتخلي ** أيها الفكر أعرني أذنا تسمع نقلي لا تكن مني شروداً منكراً أسوار عقلي ها هو الركب ببابي وأنا أخصف نعلي جاهز والخطو مني من أقل في أقل أمره كان لزاماً وبه علّقت رحلي فسلام لك من عق لي وإحساسي وكلي وتحيات لماض كنت فيه (مسفهلي)