أثار المسلسل السوري (الحور العين) الذي عرض على m.b.c ردود فعل واسعة النطاق تعدت في حدودها شاشة الفضائيات لتدخل في كواليس الأوساط الفنية العربية الذين وصف بعضهم العمل بأنه لم يرتق إلى مستوى الدراما الاجتماعية المأمولة لمسلسل بحجم (الحور العين) الذي وصلت تكلفته لأكثر من 6 ملايين ريال, كما أنه يحمل أخطاء وملاحظات بالجملة في حين رآه البعض مسلسلاً جريئاً بغض النظر عن الأخطاء التي وقع فيها. ورغم أن الآراء أجمعت على أن الدراما السورية أثبت تفوقها هذا العام في مجال الأعمال التاريخية إلا أنها عندما تتجه لتناول القضايا الاجتماعية مثل مسلسل (الحور العين) تصاب بخلل وفقدان توازن فالمسلسلات التاريخية السورية تتميز بفخامة الديكورات والإنتاج والتصوير ويشيد بها الجميع ولكن مع عرض المسلسل الاجتماعي (الحور العين) للمخرج نجدة أنزور صار جدل واسع مع عرض أولى حلقاته ووجهت اتهامات عديدة للمسلسل منها استهزاؤه بحقائق الدين وأنه يسخر من العلماء والمتدينين الأمر الذي دفع قناة m.b.c لإصدار بيان تنفي فيه هذه الاتهامات وتؤكد حرصها على الحفاظ على القيم والمبادئ الإسلامية... وإلى آراء الفنانين والنقاد والمخرجين: سناء يونس: اعترضت ولكن.. تقول الفنانة سناء يونس أحد أبطال المسلسل وتجسد دور زوجة مصرية أظهرها المسلسل ثرثارة وسليطة اللسان أن المخرج نجدة أنزور تحدث إليّ في البداية وقال إن العمل يناقش قضية الساعة وهي الإرهاب وطلب مني المشاركة وترشيح الممثل الذي يقوم بدور زوجي من خلال هذا العمل وقد رحبت بالمشاركة في البداية لأنني أدركت أهمية العمل لأنه يناقش ظاهرة الإرهاب المنبوذة بكل أشكالها ومستوياتها وفي المسلسل أجسد دور بهية الزوجة المصرية المغتربة مع زوجها في المملكة العربية السعودية وهي امرأة عاقر وتعيش على أمل أن تنجب أطفالاً ولكن هذا الأمل يضيع وتعيش هذه المرأة دائماً تحت خوف وتهديد أن يتركها زوجها ويتزوج بأخرى هذه هي حدود الدور وقد حاولت قدر استطاعتي إظهار أن هذه المرأة (بهية) تتعرض لإرهاب نفسي قائم على الصمت والاحتمال ولكني فوجئت بوجود اتجاه لإظهار تلك المرأة بأنها ثرثارة وفضولية وسليطة اللسان وهي صفات اعترضت عليها ورأيتها ضد جوهر الشخصية التي تقوم فلسفتها على الاحتمال والصبر ولكن مع إصرار المخرج وتأكيده أن له رؤية أخرى مضت هذه الشخصية في طريقها كما هو مرسوم لها من قبل المخرج الذي قال إن الشخصية تعد وحيدة ومغتربة وليس غريباً أن تبدو كذلك وأؤكد هنا أن مشاركتي جاءت لتأكيد موقفي الرافض للإرهاب. محمود عبدالعزيز: شخصيات مقهورة ويقول الفنان محمود عبد العزيز لقد تابعت عدداً من الحلقات لهذا المسلسل وقد لاحظت أن كل الشخصيات مقهورة وداخل كل بيت يتواجد نوع من أنواع القهر والإرهاب سواء النفسي أو الاجتماعي ولا يوجد توازن في العمل فيتعرض الابن الأردني لإرهاب نفسي شديد من والده كما تتعرض الزوجة المصرية لنفس القهر والإرهاب والمرأة اللبنانية ضعيفة وإن كانت مغلفة بالقوة والزوج المغربي محدود الثقافة أمام زوجته والزوجة المصرية فضولية تذم الآخرين بغير حساب وبغير ضرورة درامية فكل الأسر ظهرت بها عيوب ومواطن ضعف إلا الأسرة السورية مما يشي بالتحيز. ورغم أن الحور العين يتعرض لحادثة واقعية هي التفجيرات الإرهابية التي تعرض لها مجتمع المحيا السكني بالرياض الذي قام بتفجيره بعض الإرهابيين إلا أن المسلسل لم يتعرض إلى جذور هذه الظاهرة بالشكل الصحيح الذي يكشف الحقيقة كما أن كل الأسر العربية الموجودة بالمسلسل بها عيوب يظهرها المسلسل في أحيان كثيرة مختلفة. محمد صفاء: خلل درامي المؤلف والسيناريست محمد صفاء عامر يقول إن الدراما السورية بشكل عام تؤكد حضورها القوي في الأعمال التاريخية فهي تمتلك مميزات كثيرة منها التصوير والديكور والإخراج ولكن ما إن تقترب الدراما السورية من الأعمال الاجتماعية سرعان ما تظهر اضطرابها واختلالها ويتضمن العمل الكثير من مواطن الخلل لأن الدراما الاجتماعية يجب أن يكون أصحابها متمرسين فيها ولديهم البراعة في تقديم النماذج الغربية من الواقعية لأنها تجسد نماذج من وسط الجماهير وداخلهم وتعبر عنهم ومسلسل (الحور العين) يتعرض لظاهرة الإرهاب ويتناول حادثة واقعية شاهدها الناس وأحسوا بها عن قرب كما أن المسلسل لا بد أن يتعرض بالضرورة إلى الأبعاد الاجتماعية والنفسية والتاريخية والاقتصادية لكل شخصية والتركيز على بعد واحد يعد خطأ درامياً وتركيز المخرج السوري نجدة أنزور على بعد واحد وإهمال الأبعاد الأخرى يعد قصوراً في المسلسل وإن أراد إظهار أهداف أخرى من وراء شخصياته أو التركيز على شيء أيضاً لا بد أن يكون التعامل مع هذه الشخصيات بحساسية كبيرة فالمسلسل يناقش قضية اجتماعية شديدة الأهمية وتطرح لأول مرة بجرأة كبيرة فالمسلسل يعرض قصة تفجيرات مجمع المحيا من خلال فتاة من الريف السوري تتزوج عن طريق الخاطبة وتترك التعليم وتعيش في السعودية في حي سكني بمدينة الرياض وهذا الحي يضم أسرة مصرية وأخرى مغربية وأخرى لبنانية وهذا التجمع يعني مادة خصبة لأي مخرج أن يبرز الكثير من الإيحاءات والدلالات والتناقضات. مصطفى محرم: في مهب الريح الناقد الفني مصطفى محرم يرى أن مسلسل (الحور العين) حاول التصدي لأحداث شهدها الناس وقريبة الصلة من حياتهم وهذا مما جعله في مهب الريح كما يقولون فالمسلسل به أخطاء عديدة منها محاولة المخرج إرجاع وتحليل ظاهرة الإرهاب بشكل يحمل انتقادات كثيرة كما أن محاولة تجميع عائلات عربية في أحد الأحياء السكنية محاولة لم تكتمل حيث تم التركيز على ما يدور بداخلهم ولم يكن هناك وجود لأي شيء خارج عنهم ولا تتم الاندماجات أو المقابلات إلا مع بعضهم فلا وجود للشارع السعودي بكل أطيافه وفئاته العمرية ولم نشاهد روابط إنسانية عميقة مع هذه العائلات بالشارع السعودي وهذا على عكس الواقع فتوجد ارتباطات كثيرة مع المصريين لأن علاقات السعوديين والمصريين تاريخية وقديمة ولها علاماتها التي لا يمكن إغفالها. علي إدريس: شخصيات بميل واحد المخرج على إدريس في البداية يجب التأكيد أن مسلسل (الحور العين) من المسلسلات التي لفتت الانتباه إليها منذ بداية عرضها سواء بحالة الإبهار التي حملتها في الديكورات والخلفيات أو بموضعه الذي يتناوله وهي ظاهرة الإرهاب ولكن تضمن بعض الملاحظات التي يمكن ملاحظتها بسهولة وتأتي في مقدمتها إظهار شخصيات المسلسل ذات اتجاه أو ميل واحد فلا يوجد حالة الاتزان التي تسود حتى لبعض الوقت داخل الشخصية ذاتها، فالزوجة المصرية على سبيل المثال هي سليطة اللسان وفضولية وهذه الصفة لا تطغى على غيرها طوال المشاهد ومن هنا ينشأ حالة عدم الاتزان ورغم ذلك أؤكد ان المسلسل يسجل موقفاً ضد الإرهاب ولا بد أن يكون للفنان موقف ضد هذه الظاهرة البغيضة. رفيق الصبان: لا يحمل إساءة وعلى العكس من ذلك يرى الناقد رفيق الصبان أن المسلسل لا يحمل إساءة للسعوديين مشيراً إلى أن ما أظهره المسلسل يعبر عن حالة شديدة الطيبة والمحبة تسود المجتمع السعودي وتطغى هذه الحالة على العائلات العربية المتواجدة والتصدي لتناول ظاهرة الإرهاب عبر عمل درامي خطوة جريئة تحسب لأنزور والقائمين على هذا العمل والمسلسل يدعو للتفكير والتأمل للبحث عن الحياة الأفضل والقضاء على هذه الظاهرة البغيضة والتصدي لها باجتثاث جذورها من المجتمع بسيادة ثقافة التنوير والحب والتسامح.