يتميز علماء المملكة ودعاتها بقبول وحظوة لدى أوساط المسلمين، ولا أدل على ذلك من معارض الكتب في العالمين العربي والإسلامي، وأصدق مثال على ذلك مؤلفات الشيخين عبدالعزيز بن باز، ومحمد بن عثيمين - رحمهما الله تعالى - التي ما زال الإقبال عليها كبيراً، وقد ترجمت بعضها لأكثر من عشرين لغة، وإذا كانت المؤلفات العلمية، والدروس والشروحات لأصحاب الفضيلة العلماء في بلادنا تحظى بهذا القبول، فإن الفتاوى التي تصدر عنهم هي محل السؤال الدائم، والمتابعة من المسلمين، لثقتهم الكبيرة بسلامة المنهج، وصحة المعتقد، وتحري الدليل، والبُعد عن الأهواء، ولا عجب فبلادنا وعلماؤها أهلٌ لذلك، ولهم المصداقية في كل أرجاء المعمورة، وبلادنا بلد الإسلام، ومحضنه، والظهر القوي لكل قضايا الإسلام والمسلمين، ومنها انطلق الخير، ولا يزال مستمراً. وإذا كان الناس متعطشين للفتوى في بلدان عربية وإسلامية، وأهل الفتوى بينهم، وعلى مقربة منهم، فإن حاجة الأقليات والجماعات المسلمة خارج العالم العربي والإسلامي أكبر، ولا سيما انه أقدم أناس على الفتوى من غير أهلها، وتجرؤوا، وقالوا على الله بغير علم، وظهروا في وسائل الإعلام من صحافة، وفضائيات، وأحلوا ما هو حرام، وحرموا ما هو حلال، واستجهلوا ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وفُتن فيهم مَنْ فتن، وتبعهم من تبع، ولا سيما أصحاب الأهواء وملتمسي الرخص، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أجرؤكم على الفُتيا أجرؤكم على النار). ومع الحاجة الشديدة الماسة للفتوى يتكرر السؤال الدائم عن أهمية التواصل مع المسلمين في الخارج عبر وسائل الاتصال الحديثة، ذلك أن الإذاعة لا يصل بثها إلى المستمعين في العالم كله ويستدعي الأمر الإفادة من التقنيات الحديثة في وسائط الاتصال، ووسائله ومن ذلك الإنترنت، واتمنى أن يكون هناك موقع لهيئة كبار العلماء في المملكة، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ورئاسة الافتاء، وأن يضم الموقع الدروس العلمية للمشايخ صوتياً، وما يتوافر من فتاواهم صوتاً وكتابة، وان تترجم بعض الفتاوى باللغة الإنجليزية، والفرنسية، وبعض اللغات الحيوية المهمة، كالأوردو، والفارسي، والملايو، والهوسا، وغيرها من اللغات، وكذلك زاوية للإجابة عن الفتاوى التي تبعث عبر البريد الإلكتروني. وفي هذا الزمن الذي يعج بالفتن، ويموج بالمشكلات والاتهامات التي ألصقت بالإسلام عموماً، ومنهج علماء هذه البلاد خصوصاً، ومع النوازل التي تحدث في أنحاء العالم، ونال بلاد المسلمين الشيء الكثير منها، فإن صوت الوسطية، ومثاله لا بد ان يظهر للعيان، ولكافة الملأ، المسلمين وغير المسلمين، ليدحض الشبه، ويرد الاتهامات، ويؤكد بالدلائل والبراهين أن الإسلام والمسلمين براء مما يحدث ويلصق باسم الإسلام، وتوضيح الحقيقة، وكشف القناع عن الوجوه المقنعة التي تسيء للإسلام والمسلمين. إن بلادنا - ولله الحمد - وقد سخرت منذ أمد بعيد كافة إمكاناتها لخدمة الإسلام والمسلمين قادرة - بإذن الله تعالى - على خدمة الإسلام وأهله، وعلى تبني وإنشاء موقع عالمي للافتاء يقدم فتاوى علماء المملكة، ونتاجهم العلمي للملأ، ليمتد إسهامها في خدمة الإسلام والمسلمين عبر وسيلة الاتصال الحديثة (الإنترنت). إنَّ وجود موقع رسمي للجهة المنوط بها الفتوى في بلادنا، وبقدر ما يمكن أن تفيد به المسلمين كما أسلفنا، فإن فيه فوائد اخرى من أهمها أن الموقع سيلغي كثيرا من التقولات والآراء الشاذة غير الصحيحة التي تنقل عن مشايخنا الأفاضل، وتنسب إليهم دون تثبت، وكلنا يعلم بأن هناك مَنْ كتب مقالات، وألّف كتباً، ونسب موضوعات إلى بعض المشايخ، بقصد أو بغير قصد.. وبعرض الموضوعات العلمية والفتاوى عبر الموقع الرسمي من خلال الإنترنت ستصل المعلومة بكل يسر وسهولة وأمان لكل أنحاء العالم.