القرارات التي يتم تنفيذها بعد دراسات ومباحثات مستفيضة تظل قرارات صائبة وإن لم تؤت أكلها كل حين، طالما أنها انبثقت عن دراسات.. بخلاف قرارات تنفّذ على عجل، لم تسبقها جلسات تباحث ومراجعة. وقرار استقالة مجلس الإدارة بنادي جدة الثقافي الأدبي أعقل خبر ثقافي تلقيته حتى الآن ليس لقصور ناتج في مجلس الإدارة بقد ما أنه يحاكي شريحة المثقفين، وطبقة الأدباء والأديبات والمثقفات، ولم يكن الخبر مستغرباً على نادي جدة بقيادة المثقف العملاق الرمز الأستاذ: عبدالفتاح أبو مدين الذي في عهد رئاسته للنادي ربطنا بمثقفي وأدباء الداخل والخارج من خلال دوريات النادي (الراوي - نوافذ - علامات - جذور - عبقر) وعدة إصدارات على رأسها كتاب (الأدب العربي الحديث - تاريخ كيمبردج للأدب العربي) تحرير الدكتور: عبدالعزيز السبيل من استحق تمكينه وكيلاً خاصاً للثقافة في وزارة الثقافة، أبو بكر باقادر، محمد الشوكاني. فإن ترجل العملاق في أوج عطاء النادي وتميزه عن باقي الأندية في نشاطه الطباعي، والثقافي، والسردي.. فهو ترجل متعقل، حيث إن مجالس الإدارة لابد وأن تجري فيها دماء جديدة بثقافة وفكر متجدد، ونشاط حيوي شاب وواعٍ ومتمرس.. والأستاذ: أبو مدين لا ينقصه العطاء، ولم ينضب نشاطه الحيوي طوال فترة ترأسه للنادي، ولكنه رأى وثلة معه - بفكر حصيف - أنه لابد من إحلال من يكملوا الرسالة الثقافية والأدبية للنادي وهو في أوج ازدهاره، وبالنشاط ذاته والعطاء نفسه، ولكن من دماء أخرى تضخ بتجدد. الأندية الأخرى أقل نشاطاً من نادي جدة.. وأضعف حركة ووهجاً، وأبطأ، ولكن لم تحرك ساكناً في أمر الترجل (حفظاً لماء وجه رؤسائها!!) فهل ننتظر لنستمع أخباراً تسر، خصوصاً وأن نادي جدة هو النادي الرائد في إنشاء الأندية الأدبية أساساً.. حيث كانت البداية حينما تقدم الأستاذ محمد حسن عواد، وعزيز ضياء بطلب من سمو الأمير فيصل بن فهد الموافقة على إنشاء نادٍ أدبي بجدة فأتت موافقته - رحمة الله عليه - ثم انبثقت بعد ذلك الأندية الأدبية. وترجل العملاق ليس توقفاً لعطائه مع النادي، بل فتح فرص لفكر آخر مع المتابعة والتشجيع والدعم وتوجيه الرأي وعرض الخبرات والعثرات التي يتوقع المرور بها والتعرض لها. ولعل في قرار الاستقالة، وبوجود معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد بن أمين مدني مراجعة بنود عدة، ورؤى، وأفكار تمس وتتعلق بشريحة لا يستهان بها من المثقفات السعوديات والأديبات فيكون لهن دور ريادي في الأندية الأدبية كعضوات ومقترحات ومقررات أسوة بعضويتهن في هيئة الصحفيين السعوديين.. فالمملكة تزخر بثلة أدبيات تسنّمن عدة مناصب ثقافية، وإعلامية، وإدارية، واجتماعية، وتعليمية، ونلن أعلى الدرجات العلمية، وحصلن على شهادات وجوائز تقديرية أكدت تفوقهن ووقوفهن بجانب أخيهن الرجل حتى أصبح لها ما له في المجتمع وعليها ما عليه. فماذا لو ضم صوتها بمعية صوته، ووضع كرسيها بمحاذاة كرسيّه، وكان لها حق حتى في ترشيحها لمنصب رئيس مجلس إدارة نادٍ ثقافي وأدبي؟.. وأظن معالي وزير الثقافة والإعلام.. والأستاذ الدكتور عبدالعزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة أول الواقفين في صف المثقفة والساعين لإعطائها حقها غير منقوص.. وقد أثبت الدكتور عبدالعزيز السبيل ذلك وهو رئيس تحرير دورية الراوي التي تشهد له بذلك في نشر نصوص لعدة أديبات ومثقفات شجعهن وآزرهن كنت إحداهن. ص.ب 10919 - الدمام 31443