لم ولن يستغرب على الوزير الشاب الدكتور عادل الطريفي، مواصلة اهتماماته بالمثقفين والأدباء السعوديين، ليس كمسؤول حكومي وزير للثقافة والإعلام، ولكن لأنه أحد المثقفين السعوديين البارزين؛ كاتبا وباحثا وعلامة سعودية وخليجية بل وعربية بارزة في الصحافة والإعلام والثقافة والأدب. وجاء تكريم الوزير الشاب، أخيرا، لواحد من المخضرمين ورائد بارز في الثقافة السعودية عبدالفتاح أبو مدين، عرفانا من (ابن) أصبح مسؤولا عن الثقافة ل (والد) أفنى عمره في خدمة الثقافة والأدب السعودي المؤسساتي، بصياغته طوال ربع قرن من الزمان سياسات أول ناد أدبي سعودي أنشئ في جدة عام 1975 من قبل الراحلين الأديبين محمد حسن عواد وعزيز ضياء، فشهد النادي بذلك العمل المؤسسي توجها وتتويجا وضعه في مقدمة أبرز الأندية الأدبية وأغناها نشاطا. ولعل الوزير الشاب، أراد بهذا التكريم أن يثبت للجيل الجديد من المثقفين والأدباء أن المنصب لا يزيد المثقف إلا تواضعا لأساتذته، إثباتا عمليا بدأت بقراءة فكره الأدبي واختتمت بقبلة من «الوزير» على جبين «الأديب» في آخر لقاء جمع الكبيرين من أجل الثقافة السعودية وتطويرها. وكأن (المكرِّم) و(المكرَّم) يريدان أن يقولا للأدباء الشباب: إن الهموم الثقافية وإبراز مواطن الجمال الفكري والأدبي فيها، وتعزيز أدوارها، وتطوير منظوماتها، ومؤسساتها، وأدواتها، وآلياتها، لا تأتي إلا بتلاقح أفكار «الخبرة» وطموح «الشباب» مع قيام المؤسسة الرسمية بواجبها في الاهتمام بالمفكرين «الكبار» وصولا لرعاية المثقفين «الشباب» ممن يتطلعون لكسب الخبرة، وهو ما سيفتح آفاقا جيدة للعمل الجاد الهادف، خصوصا الثقافي، والارتقاء بخدماتها وبرامجها وفعالياتها ليس للمثقف فحسب، بل من أجل الوطن وثقافته وإنسانه وفكر أبنائه. وعند استقراء ذلك (التكريم) وتلك (القبلة)، فإن للثقافة السعودية انطلاقة إضافية ونوعية من أجل صناعة العمل الثقافي المؤسساتي بمختلف جوانبه للوصول إلى «جودة المخرج»، خصوصا أنه شهد مزيدا من الاهتمام والدعم من خادم الحرمين الشريفين ونائبه وولي ولي العهد. هذا التكريم من الوزير «الشاب» للأديب «المخضرم»، عرفان من المسؤول الأول عن الثقافة لكل من خدم الساحة الثقافية؛ شيخا أو شابا، في موطن الأدب العربي المملكة العربية السعودية، وصناعة المثقف السعودي بين مثقفي الوطن العربي، وإيجاد وجوه شابة من «أدباء المستقبل» في رحلة الانتقال إلى المستقبل، وبرمجة العطاءات الفكرية السعودية من خلال «رؤية 2030». هذه الرعاية الرسمية من وزير الثقافة للمثقفين والأدباء تعيد للأذهان «جائزة الدولة التقديرية للأدب»، ولكنها بصيغة مطورة تقديرا للأدب والأدباء، وتحويل الثقافة السعودية من شأن فردي يخص المثقف وحده إلى عمل مؤسسي يشمل المجتمع بأكمله، من أجل حراك ثقافي يربط الحركة الثقافية بترابها وتاريخها وتراثها، ويجسد الأنشطة الثقافية إلى واقع معاش على الساحة بكل تعبيراتها ومنصاتها وقنواتها.