بنى نادي جدة الأدبي دوره في المشهد الثقافي منذ تأسيسه على عدة أهداف، تنبثق من مفهوم دوره المنصوص عليه في اللائحة الأساسية للأندية الأدبية، وهي العمل الجماعي المشترك على رفع مستوى الفكر والأدب في البلاد وتثبيت قيمة الأدباء في المملكة وترقية العلاقات السامية بينهم. والتعاون وتبادل الإنتاج بينهم وبين الأدباء الآخرين من دول المشرق والمغرب، وقد عمل نادي جدة الأدبي منذ تأسيسه على تحقيق أهدافه المرسومة في إثراء الحركة الأدبية وتنمية الحوار الثقافي، إضاقة إلى خلق مناخ ثقافي إيجابي، لتبادل الأفكار والرؤى في ظل حوار بناء تعالج فيه مختلف القضايا الفكرية والثقافية والأدبية النقدية منها والإبداعية. في تاريخ النادي ما يُسجل له أنه عمل على توطيد العلاقة بين الأدباء في الداخل والأدباء في العالم العربي والخارج، فكان من أوائل الأندية التي استضافت عددا من الأدباء الكبار للمشاركة في نشاطاتهم الثقافية، حيث أقام عام 1409 ه أول ندوة نقدية اجتمع للحوار فيها عدد كبير من رواد وعمالقة النقد الأدبي، تحت عنوان (قراءة جديدة لتراثنا النقدي)، وكان من أبرز الأسماء التي شاركت فيه: الأساتذة ، لطفي عبدالبديع، شكري عياد، كمال أبوديب، صلاح فضل، جابر عصفور، محمد برادة، علي البطل وتمام حسان وغيرهم، ومثل النقاد السعوديين، من لمعت أسماؤهم على منبر النادي، وبدأوا في الظهور بشكل لافت: عبدالله الغذامي، سعيد السريحي، حسن الهويمل، عبدالله المعطاني، مريسي الحارثي وغيرهم. جسدت تلك الندوة وغيرها من النشاطات التي أحدثت تغييرا في المشهد الثقافي هذا التوجه الحيوي وعززت نجاحاته، مما كان له أثره في إذكاء الحوار والصراع بين قطبي الحداثة والأصالة. وأسهمت تلك النشاطات بصورة واضحة في توثيق العلاقة بين أندية الأدب والمؤسسات الثقافية، بما يخدم رسالة الأندية وينهض بالحركة الأدبية، من خلال عديد من الملتقيات والندوات الأدبية والنقدية المتخصصة. وهو ما يؤكد أن النادي قام بدوره في تنمية الحوار الداخلي وبناء الجسور مع ثقافة الآخر، إيمانا منه بأن الأندية الأدبية منابر للثقافة والمثاقفة، تأخذ في عطاءاتها وتوجهاتها بسياق التيارات الفكرية المتخلفة، وتتيح فرص الحوار فيها بشكل عادل ومتوازن بين الرأي والرأي الآخر. وقد دأب نادي جدة على إعطاء الفرصة لكل المتحاورين أصحاب الأفكار المختلفة، والآراء المتضاربة، من خلال التعليق على المحاضرات والمداخلات المثيرة والمثمرة، مما أوقعه في إشكاليات ومآخذ عدة. وهي ضريبة كل عامل مجتهد يسعى، لفتح كل الأبواب والنوافذ للآراء والأفكار دون قيود، مع حرصه على عدم تبني مبادئ وأفكار بعينها دون أخرى. مع إيماننا بأن الإختلاف وليس الخلاف،مسألة طبيعية، بين أصحاب الفرق المختلفة، والثقافات المتضادة، في مناخ صحي لا يؤدي بطبيعته إلى صراعات وتصفية حسابات. كان قدر نادي جدة الأدبي أن يكون مؤسسه الأستاذ العواد رائدا للتجديد، ومضى في مسيرته، في مراحله المتعاقبة يتبني التحديث والتميز في العطاء، وهذا ما اشتهر به، بين الأندية فهو القدوة الحقيقية لكل المؤسسات الثقافية التي تتطلع، للقيام بدور تسهم من خلاله في التأثير على ثقافة المجتمع، وتغيير وجه الثقافة.