إعداد: احمد عبد العزيز أبا الخيل وضع تسمية (الأممالمتحدة) رئيس الولاياتالمتحدة الأمريكية الأسبق فرانكلين د.روزفلت، واستُخدم هذا الاسم للمرة الأولى في (إعلان الأممالمتحدة) الصادر في 1 كانون الثاني- يناير 1942م، خلال الحرب العالمية الثانية، عندما أخذ ممثلو 26 دولة من حكوماتهم تعهداً بمواصلة القتال معاً ضد قوات المحور. وقد اشترك في وضع ميثاق الأممالمتحدة ممثلو 50 بلداً من بينهم المملكة أثناء مؤتمر الأممالمتحدة المعني بالمنظمة الدولية، الذي عقد في سان فرانسيسكو في الفترة من 25 نيسان - إبريل إلى 26 حزيران -يونيه 1945م. وقد تباحث هؤلاء المفوضون على أساس مقترحات أعدها ممثلو الاتحاد السوفياتي والصين والمملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة في دمبارتون أوكس في آب - أغسطس 1944. ووقع الميثاق ممثلو البلدان الخمسون يوم 26 حزيران - يونيه 1945. ووقعته بعد ذلك بولندا، التي لم يكن لها ممثل في المؤتمر، فأصبحت واحدة من الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 51 دولة. وقد برز كيان الأممالمتحدة رسمياً إلى حيز الوجود يوم 24 تشرين الأول - أكتوبر 1945م، عندما صادق على الميثاق كل من الاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، والولاياتالمتحدة الأمريكية، ومعظم الدول الموقعة عليه. ويحتفل بيوم الأممالمتحدة في 24 تشرين الأول - أكتوبر من كل عام. جهود الأممالمتحدة: تعتبر الأممالمتحدة مركزاً دولياً لحل المشاكل التي تواجه البشرية جمعاء، ويتعاون في هذا الجهد ما يزيد على 30 منظمة منتسبة تعرف مجتمعة باسم منظومة الأممالمتحدة. وتعمل الأممالمتحدة وأسرتها من المنظمات على حماية البيئة ومكافحة الأمراض والحد من الفقر، وتقوم وكالات الأممالمتحدة فضلاً عن ذلك بتحديد معايير السلامة والكفاءة في النقل الجوي وتساعد على تحسين الاتصالات السلكية واللاسلكية وتعزيز حماية المستهلك. وتتولى الأممالمتحدة أيضاً قيادة الحملات الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والإرهاب، كما تقوم الأممالمتحدة ووكالاتها في جميع أنحاء العالم بمساعدة اللاجئين وإقامة البرامج لإزالة الألغام الأرضية، وتساعد على التوسع في الإنتاج الغذائي وتقود عملية مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب - الإيدز. وفي أيلول - سبتمبر 2000، اجتمع أعضاء الأممالمتحدة، بما فيهم 147 من رؤساء الدول والحكومات، في نيويورك لتحديد الأولويات الدولية في مستهل القرن الجديد. وحدد إعلان الألفية الذي صدر في ختام الاجتماع أهدافاً مدروسة يتعين بلوغها في سبعة مجالات رئيسية هي: السلام والأمن ونزع السلاح، والتنمية والقضاء على الفقر، وحماية بيئتنا المشتركة، وحقوق الإنسان، وحماية الضعفاء، وتلبية الاحتياجات الخاصة للدول النامية، وتعزيز الأممالمتحدة. آلية عمل الأممالمتحدة: عندما تصبح الدول أعضاءً في الأممالمتحدة، فإنها توافق على القبول بالالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة، وهو معاهدة دولية تحدد المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية. وللأمم المتحدة، وفقاً للميثاق، أربعة مقاصد هي: صون السلم والأمن الدوليين، وتنمية العلاقات الودية بين الأمم، وتحقيق التعاون على حل المشاكل الدولية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان، وجعل هذه الهيئة مركزاً لتنسيق أعمال الدول، والأممالمتحدة ليست حكومة عالمية وهي لا تضع قوانين، ولكنها توفر سبل المساعدة على حل النزاعات الدولية وصياغة السياسات المتعلقة بالمسائل التي تمس المجتمع الدولي. وكل الدول الأعضاء - كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، بما لها من آراء سياسية ونظم اجتماعية متباينة - لها في الأممالمتحدة أن تعرب عن آرائها وتدلي بأصواتها في هذه العملية. وللأمم المتحدة ستة أجهزة رئيسية، تقع مقار خمسة منها في المقر الرئيسي للأمم المتحدةبنيويورك، وهي الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية والأمانة العامة، أما مقر الجهاز السادس، وهو محكمة العدل الدولية، فيقع في لاهاي بهولندا. الجمعية العامة: جميع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة، ممثلة في الجمعية العامة التي هي بمثابة (برلمان دولي) يجتمع للنظر في أشد المشاكل العالمية إلحاحاً، ولكل دولة عضو صوت واحد. وتتخذ القرارات في المسائل المهمة، كالتوصيات المتعلقة بصون السلم والأمن الدوليين أو قبول أعضاء جدد أو التوصيات المتعلقة بميزانية الأممالمتحدة، بأغلبية الثلثين. أما المسائل الأخرى فيبت فيها بالأغلبية البسيطة.. ولا تستطيع الجمعية العامة أن ترغم أي دولة على اتخاذ أي إجراء، ولكن توصياتها هي دلالة مهمة على الرأي العالمي وتمثل السلطة المعنوية للمجتمع الدولي. وتعقد الجمعية العامة دورتها العادية السنوية من أيلول - سبتمبر إلى كانون الأول - ديسمبر. ولها، عند الاقتضاء، أن تستأنف دورتها أو أن تعقد دورة استثنائية أو طارئة بشأن المواضيع التي تشكل شواغل ذات شأن. مجلس الأمن: يعهد ميثاق الأممالمتحدة إلى مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين، ويجوز دعوة المجلس إلى الانعقاد في أي وقت، كلما كان السلام في خطر وبموجب الميثاق، فإن جميع الدول الأعضاء ملزمة بتنفيذ قرارات المجلس. ويتكون المجلس من 15 عضواً، منهم خمسة أعضاء دائمين - الاتحاد الروسي والصين وفرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة الأمريكية. أما الأعضاء العشرة الآخرون فتنتخبهم الجمعية العامة لفترات مدة كل منها سنتان. وتناقش الدول الأعضاء إمكانية إجراء تغييرات في عضوية المجلس وتعمل على أن تعكس تلك التغييرات الحقائق السياسية والاقتصادية الراهنة، وتتطلب قرارات المجلس تسعة أصوات إيجابية، وباستثناء التصويت على المسائل الإجرائية، لا يمكن اتخاذ قرار إذا أدلى أحد الأعضاء الدائمين بصوت سلبي أو مارس حق النقض (الفيتو). وعندما ينظر المجلس في حالة تنطوي على تعريض السلام الدولي للخطر، فإنه يستكشف أولاً سبل تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، وله أن يقترح مبادئ للتسوية أو أن يضطلع بمهمة الوساطة، وفي حالة وجود قتال، يحاول المجلس التوصل إلى وقف لإطلاق النار.. ويجوز له أن يوفد بعثة لحفظ السلام لمساعدة الأطراف في الحفاظ على الهدنة وللفصل بين القوات المتنازعة، ويستطيع المجلس أن يتخذ تدابير لإنفاذ قراراته، ويستطيع فرض جزاءات اقتصادية أو الأمر بفرض حظر على توريد الأسلحة، كما يقدم المجلس أيضاً توصيات إلى الجمعية العامة بشأن مرشحه لمنصب الأمين العام وبشأن قبول أعضاء جدد في الأممالمتحدة. المجلس الاقتصادي والاجتماعي: يقوم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتنسيق الأعمال الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة وأسرتها من المنظمات الدولية. وهو يؤدي دوراً مهماً في تعزيز التعاون الدولي لأغراض التنمية، بوصفه المنتدى الرئيسي لمناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الدولية ووضع التوصيات المتعلقة بالسياسة العامة. ويتكون المجلس من 54 عضواً تنتخبهم الجمعية العامة لفترات مدة كل منها ثلاث سنوات. وهو يجتمع على مدار العام ويعقد دورة كبرى في تموز - يوليه، وتجتمع الهيئات الفرعية للمجلس بصورة منتظمة وتقدم تقارير إلى المجلس. وتهتم الهيئات بمسائل، منها على سبيل المثال التنمية الاجتماعية، ومنع الجريمة، والمخدرات، وحماية البيئة. مجلس الوصاية: أُنشئ مجلس الوصاية لتوفير الإشراف الدولي على 11 إقليماً مشمولاً بالوصاية يقوم بإدارتها 7 دول أعضاء ولضمان اتخاذ الخطوات الملائمة لإعداد هذه الأقاليم للحكم الذاتي أو الاستقلال. وبحلول عام 1994م، كانت كل الأقاليم المشمولة بالوصاية قد حصلت على الحكم الذاتي أو الاستقلال، إما كدول منفصلة أو بالانضمام إلى بلدان مستقلة مجاورة. محكمة العدل الدولية: محكمة العدل الدولية - وتعرف أيضاً باسم المحكمة الدولية - هي الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة. وتتولى هذه المحكمة الفصل في المنازعات بين البلدان، وتتكون من 15 قاضياً تشترك الجمعية العامة ومجلس الأمن في انتخابهم. واشتراك الدول في أي قضية مرفوعة أمام المحكمة يعد أمراً طوعياً، ولكن إذا وافقت أي دولة على هذا الاشتراك فإنها تصبح ملزمة بالامتثال لقرار المحكمة. وتقدم المحكمة أيضاً مشورات قانونية إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن عند الطلب. الأمانة العامة: يعد الأمين العام المسؤول الإداري الأول في الأممالمتحدة، وتضطلع الأمانة العامة بالأعمال الفنية والإدارية للأمم المتحدة حسب توجيهات الجمعية العامة ومجلس الأمن والأجهزة الأخرى، ويرأس الأمانة العامة الأمين العام الذي يتولى التوجيه الإداري العام. وتتكون الأمانة العامة حالياً من إدارات ومكاتب يعمل فيها نحو 7500 موظف في إطار الميزانية العادية وعدد مماثل تقريباً في إطار ميزانية خاصة ينتمون إلى نحو 170 بلداً. وتشمل مراكز العمل المقر العام للأمم المتحدة في نيويورك فضلاً عن مكاتب الأممالمتحدة في جنيف وفيينا ونيروبي ومواقع أخرى. منظومة الأممالمتحدة: يرتبط بالأممالمتحدة من خلال اتفاقات تعاونية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واثنتا عشرة منظمة أخرى مستقلة تعرف باسم (الوكالات المتخصصة) وهذه الوكالات التي من بينها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطيران المدني الدولي هي هيئات مستقلة أُنشئت بموجب اتفاق حكومي دولي. وهي تضطلع بمسؤوليات دولية واسعة النطاق في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والصحية والمجالات ذات الصلة، وبعضها، مثل منظمة العمل الدولية والاتحاد البريدي العالمي، أقدم عهداً من الأممالمتحدة ذاتها. هيئة الأممالمتحدة والسلام الدولي: حفظ السلام الدولي هدف رئيس من أهداف الأممالمتحدة، وبموجب الميثاق تتفق الدول الأعضاء على تسوية منازعاتها بالوسائل السلمية والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد الدول الأخرى. وقد قامت الأممالمتحدة على مر السنين بدور رئيس في المساعدة على نزع فتيل الأزمات الدولية وحل النزاعات التي طال أمدها. فقد ساعدت الأممالمتحدة على نزع فتيل أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 وأزمة الشرق الأوسط في عام 1973م. وفي عام 1988م، رعت الأممالمتحدة تسوية سلمية أنهت الحرب الإيرانية - العراقية، كما رعت الأممالمتحدة في السنة التي أعقبتها المفاوضات التي أدت إلى انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان. وفي التسعينيات، كان للأمم المتحدة دور فعّال في استعادة سيادة الكويت، وأدت دوراً مهماً في إنهاء الحروب الأهلية في السلفادور وغواتيمالا وكمبوديا وموزامبيق، وإعادة الحكومة الشرعية في هايتي، وحل أو احتواء النزاع في عددٍ من البلدان الأخرى. وعندما هاجم إرهابيون الولاياتالمتحدة في 11 أيلول - سبتمبر 2001م، تحرك مجلس الأمن بسرعة - فاتخذ قراراً واسع النطاق يلزم الدول الأعضاء بتقديم كل من يشارك في تمويل أعمال إرهابية أو التخطيط أو التجهيز لها أو تنفيذها أو دعمها للعدالة. هيئة الأممالمتحدة ونزع السلاح: يمثل وقف انتشار الأسلحة وتخفيض جميع أسلحة الدمار الشامل وإزالتها في نهاية المطاف أهدافاً رئيسية للأمم المتحدة. وتدعم الأممالمتحدة المفاوضات المتعددة الأطراف في مؤتمر نزع السلاح وفي هيئات دولية أخرى. وقد أسفرت هذه المفاوضات عن اتفاقات يذكر منها معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (1968م) ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (1996م) والمعاهدات المنشئة للمناطق الخالية من الأسلحة النووية. وهناك معاهدات أخرى تحظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية (1992) والأسلحة البكتريولوجية (1972م)، وتحظر وضع الأسلحة النووية في قاع البحار والمحيطات (1971) والفضاء الخارجي (1967) وتحظر أو تقيد أنواعاً أخرى من الأسلحة. وبحلول عام 2001 أصبح ما يزيد على 120 بلداً أعضاءً في اتفاقية أوتاوا التي تحظر استعمال الألغام الأرضية. كما تشجع الأممالمتحدة جميع الدول على التقيد بهذه الاتفاقية وغيرها من المعاهدات التي تحظر أسلحة الدمار الحربية. وتدعم الأممالمتحدة أيضاً الجهود الرامية إلى منع الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ومكافحته والقضاء عليه - باعتبارها الأسلحة المستخدمة في 46 من بين 49 صراعاً رئيساً اندلعت منذ عام 1990م. وقد أسهم سجل الأممالمتحدة للأسلحة التقليدية ونظام توحيد إعداد التقارير بشأن الاتفاق العسكري في تعزيز شفافية المسائل العسكرية. وقد تكفلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي يوجد مقرها في فيينا، عن طريق مجموعة من اتفاقات الضمانات، عدم تحويل المواد والمعدات النووية الموجهة للاستخدامات السلمية إلى أغراض عسكرية. جهود الأممالمتحدة لإقرار السلام: في إفريقيا اتخذت جهود الأممالمتحدة الرامية إلى إقرار السلام أشكالاً مختلفة على امتداد السنين، من بينها الحملة الطويلة لمكافحة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا والدعم الفعّال لعملية تحقيق استقلال ناميبيا، وعدد من بعثات توفير الدعم في الانتخابات وحوالي 20 عملية لحفظ السلام كانت أحدثها - في سيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا وإريتريا - في عامي 1999 و2000م. وساعدت الأممالمتحدة على إعادة اللاجئين إلى وطنهم في موزامبيق، وقدمت مساعدات إنسانية في الصومال والسودان واضطلعت بجهود دبلوماسية لإقرار السلام في منطقة البحيرات الكبرى، وعملت على منع نشوب قلاقل جديدة في جمهورية إفريقيا الوسطى، كما تساعد في التحضير لإجراء استفتاء على مستقبل الصحراء الغربية. وفي مواقع أخرى بإفريقيا واصلت البعثات الميدانية للأمم المتحدة أنشطتها في مجال حفظ السلام في كلٍ من غينيا - بيساو وليبيريا، ومازالت موجودة في أنغولا وبوروندي لدعم المبادرات المختلفة الرامية إلى تعزيز السلم والمصالحة.. وبناءً على طلب مجلس الأمن، قدم الأمين العام، تحليلاً شاملاً للنزاعات في إفريقيا مشفوعاً بتوصيات بشأن كيفية تحقيق سلام دائم. في آسيا والمحيط الهادئ تواصل هيئة الأممالمتحدة العمل على تدعيم المجتمع المدني وحقوق الإنسان في كمبوديا بعد عملية حفظ السلام الضخمة التي اضطلعت بها في ذلك البلد في الفترة من 1992 - 1993م. وفي أفغانستان، عملت الأممالمتحدة خلال العقد الماضي على تيسير عمليتي المصالحة الوطنية والإعمار اللازمتين من جراء الحرب الأهلية الطويلة الأمد التي شهدها ذلك البلد. وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلها الأمين العام ومبعوثوه الخاصون، استمر القتال مسبباً خسائر بشرية فادحة ومعيقاً بشدة محاولات منظومة الأممالمتحدة لتقديم المساعدة إلى الشعب الأفغاني. ومع تصاعد حدة الصراع في أفغانستان إثر الهجوم الإرهابي على الولاياتالمتحدة في 11 أيلول - سبتمبر 2001م، عيّن الأمين العام في تشرين الأول - أكتوبر الأخضر الإبراهيمي ممثلاً خاصاً له في أفغانستان. ومع انجلاء الوضع هناك، قامت الأممالمتحدة بدور رئيس في تشجيع الحوار بين الأطراف الأفغانية، بغية تشكيل حكومة موسعة شاملة لكل الأطراف. وفي طاجيكستان، أُنشئ مكتب الأممالمتحدة لبناء السلام في حزيران - يونيه 2000 ليحل محل عملية حفظ السلام هناك، ويوفر الإطار السياسي والقيادة لأنشطة بناء السلام المتنوعة. وفي مواقع أخرى واصل المراقبون العسكريون التابعون للأمم المتحدة مراقبة خط وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان في ولاية جامو وكشمير. في أوروبا عمل الأمين العام ومستشاره الخاص في قبرص على تشجيع المفاوضات الرامية إلى بلوغ تسوية نهائية. وواصلت قوة الأممالمتحدة لحفظ السلام هناك الإشراف على خطوط وقف إطلاق النار والمحافظة على المنطقة العازلة والقيام بالأنشطة الإنسانية. وعملت الأممالمتحدة جاهدةً على فض النزاع في يوغوسلافيا السابقة جنباً إلى جنب مع تقديم المساعدة الغوثية إلى زهاء 4 ملايين شخص. وفي عام 1991م، فرضت الأممالمتحدة حظراً على توريد الأسلحة، في الوقت نفسه، ساعد الأمين العام ومبعوثه في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء القتال. وفي الفترة من عام 1992 إلى عام 1995، سعى حفظة السلام التابعون للأمم المتحدة إلى إحلال السلام والأمن في كرواتيا، وأسهموا في حماية المدنيين في البوسنة والهرسك، وساعدوا على كفالة عدم جر جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة إلى الحرب. وبعد إبرام اتفاقات دايتون - باريس للسلام لعام 1995، ساعدت أربع بعثات تابعة للأمم المتحدة على تأمين السلام. واليوم، تؤدي بعثة الأممالمتحدة في البوسنة والهرسك العديد من مهام إنفاذ القانون إلى جانب تنسيق الشؤون الإنسانية وحقوق الإنسان وأنشطة الإعمار. ويقوم مراقبو بعثة الأممالمتحدة برصد عملية نزع السلاح في شبه الجزيرة بريفلاكا - وهي منطقة استراتيجية متنازع عليها بين كرواتيا وجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية. وفي كوسوف أنشأ مجلس الأمن إدارة انتقالية دولية في عام 1999 إثر انتهاء القصف الجوي الذي قامت به منظمة حلف شمال الأطلسي وبعد انسحاب القوات اليوغوسلافية. وتحت مظلة الأممالمتحدة، يعمل الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والأممالمتحدة مع شعب كوسوفو لإنشاء مجتمع قائم بذاته ويتمتع بقدر كبير من الاستقلال الذاتي. وقد ساعدت الانتخابات البلدية التي أجريت في تشرين الأول - أكتوبر 2000م، ووضع إطار دستوري للحكم الذاتي المؤقت، في تمهيد السبيل لإجراء انتخابات في جميع أنحاء كوسوفو لاختيار مجلس تشريعي في 17 تشرين الثاني - نوفمبر 2001م. في الأمريكتين: كانت الجهود التي بذلتها الأممالمتحدة لصنع السلام وحفظه فعّالة في فض النزاعات التي طال أمدها في أمريكا الوسطى. ففي عام 1989، أفضت جهود السلام في نيكاراغوا إلى تسريح حركة المقاومة طوعاً، حيث سلم أفرادها أسلحتهم إلى الأممالمتحدة. وفي عام 1990 قامت بعثة تابعة للأمم المتحدة بمراقبة الانتخابات التي أجريت في نيكاراغوا - وهي أول انتخابات تتولى الأممالمتحدة مراقبتها في بلد مستقل. وفي السلفادور، أنهت محادثات السلام التي قام فيها الأمين العام بالوساطة 12 عاماً من القتال، وقامت بعثة من الأممالمتحدة لحفظ السلام بالتحقق من تنفيذ جميع الاتفاقات. وفي غواتيمالا، أدت المفاوضات التي جرت بمساعدة الأممالمتحدة إلى إنهاء حرب أهلية دامت 35 عاماً. وفي هايتي وضعت الأممالمتحدة برنامجاً شاملاً، يركز على حقوق الإنسان، وتحقيق التوافق في الآراء وتخفيف حدة الصراع، بمشاركة قوية من المجتمع المدني. في الشرق الأوسط: مضى على انشغال الأممالمتحدة بالنزاع العربي الإسرائيلي خمسة عقود من الزمان شهدت خمس حروب كاملة. وقد حددت الأممالمتحدة مبادئ السلام في قرارين مرجعيين صادرين عن مجلس الأمن - 242 (1967) و338 (1973) - وما زالا يشكلان أساس أي تسوية شاملة. وقد أيدت الأممالمتحدة مبادرات أخرى رامية إلى حل المشاكل السياسية الأساسية وأوفدت عدداً من بعثات حفظ السلام إلى المنطقة. ففي عام 1948 أُنشئ أول فريق مراقبين عسكريين تابع للأمم المتحدة وما زال محتفظاً بوجوده في المنطقة حتى يومنا هذا. وفي عام 1956 وخلال أزمة السويس، شكلت الأممالمتحدة أول قوة لحفظ السلام تابعة لها في المنطقة. وتوجد في المنطقة حالياً قوتان لحفظ السلام، أنشئت إحداهما في عام 1974 وتتولى المحافظة على منطقة فاصلة في مرتفعات الجولان بين القوات الإسرائيلية والسورية، وأُنشئت الأخرى في عام 1978 وتسهم في إحلال الاستقرار في جنوبلبنان وقامت في عام 2000 بالتحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية من المنطقة. ومنذ اندلاع أحداث أيلول - سبتمبر 2000 في القدس الشريف وانتفاضة الأقصى، كثّف الأمين العام جهوده لإنهاء العنف الإسرائيلي ودفع الإسرائيليين إلى المفاوضات مع الفلسطينيين، حيث شارك في تشرين الأول - أكتوبر 2000 في مؤتمر القمة الذي عُقد في شرم الشيخ بمصر، وترأسه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والرئيس المصري حسني مبارك والذي أسفر عن إنشاء لجنة لتقصي الحقائق يرأسها عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جورج ميتشيل. ويظل تقرير اللجنة المقدم في نيسان - إبريل 2001 الإنجاز الوحيد الذي حظي باتفاق واسع النطاق في مجال بناء الثقة بين الأطراف المختلفة وإمكانية استئناف عملية السلام. ويشارك الأمين العام وممثلوه في الجهود الرامية إلى تنفيذ توصيات اللجنة، بالتنسيق الوثيق مع الأطراف المعنية الأخرى - بما في ذلك الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي وبلدان المنطقة. ويتضح مما سبق الأهمية الكبيرة لهيئة الأممالمتحدة في علاج كثيرٍ من المشاكل التي تعترض الدول والمجتمعات، وعلى الرغم من ذلك فإنه يبقى أمام الهيئة الدولية الكثير للتغلب على العقبات التي تقف في وجهها لتنفيذ أهدافها التي نص عليها ميثاق التأسيس، وفق مبادئ إنسانية رحبت بها الدول الموقعة على الميثاق والدول التي انضمت إليها فيما بعد.