الحمد لله القائل {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}: والصلاة والسلام على الهادي البشير الذي عاش ثلاثا وستين سنة ثم وافاه الموت. وعلى آله وصحبه الذين سعوا في الأرض صلاحا وعدلاً حتى وافاهم الموت. ويلي من الموت لايبقي على أحد يطوف بالأرض من بلد إلى بلد كم من ملوك به خرت عروشهم من بعد ما عمرت بالجند والمدد هذا هو الموت الحق الذي كتب على كل نفس، وهذا هو الموت غيب عنا ملكا عظيما وشهما كريما، بذل حياته لدينه وشعبه وأمته. لقد غيب الموت الملك فهد بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين وخادم كتاب الله المبين، وباذل الجود للمحتاجين في كل بقاع الأرض، وعلم من أعلام بلاد الله في طولها والعرض. بالأمس امتدحته وامتدحت مناقبه بقصيدة شعرية شهيرة عنوانها (توأم الجود) وقد تغنَّى بها فنان العرب محمد عبده، وبثتها الإذاعة والتلفزيون لسنوات طوال.. قلت في مطلعها: ولد الجود والفهد توأمان من صلب أب وجد لو سألت الجود من أنت لقال أخ شقيق لفهد توأم الجود من إليه ترد معضلات الأمور وقت التحدي ماسح الدمع من عيون اليتامى ناصر الحق في ثبات ورشد وما أوحى إليَّ أبيات هذه القصيدة سوى أيادي الفهد البيضاء ومواقفه الشمَّاء. وها أنا اليوم أرثي الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- ودمع العين يبلل حروف قصيدتي ولا أجد سوى أن أقول: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } ثم أقول: هوى الفهدُ مثل النجم من عالي السما فشُقت له الأرجاء شرقا ومغربا هوى الفهد نور العلم والدين والعطا فغطَّى عجاج الحزن طفلا وشائبا بكى الفهدَ عميانٌ أنار نفوسهم بنور كتاب الله فهد وهذَّبا بكى الفهدَ بيتُ الله ثم حمامه وصبَّت على الشرفات دمعا تصبَّبا بكت طيبة المختار فهدا وأجهشت مناراتها البيضاء من فقدها أبا بكت في رُبا نجد قلوب تمزَّقت فلا مهجة إلا حشاها تلهَّبا وما بين بحريها على الفهد أجهشت بكاء على نجم له الموت غيَّبا جزعنا ولم نجزع من الموت إنما جزعنا لأن الموت قد أخفى كوكبا أضاء بقاع الأرض شرقا ومغربا وأعطى لدين الله جاها ومنصبا عسى يجعل الرحمن للدين بعده منارا بعبدالله يجلي الغياهبا منارا يزيد النور نورا فتهتدي بإشراقه الدنيا مشعا وثاقبا يقود سفين الشعب قودا موفقا إلى مرفأ يعطي نماء ومكسبا أبا متعبٍ سر بارك الله سيركم فما أنت إلا خير من قاد مركبا وأنت وريث المجد ياخير وارث لمجد سما حتى تخطى الكواكبا ومن حولك الأبطال تعطي ولاءها لمن صان عهد الله بالفخر والإبا وربي إله العرش للدين حافظ ومن يزرع الإحسان يجني الأطايبا وخير ختام القول ندعو إلهنا بأن يسكن الفهد المقام المحببا