شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    شركة سناب تعزز حضورها في السعودية بافتتاح مكتب جديد وإطلاق «مجلس سناب لصناع المحتوى»    وكالة الفضاء السعودية تدشن «مركز مستقبل الفضاء» لدعم الابتكار وتعزيز الريادة    لأول مرة.. لجنة للفروسية في اتحاد الغرف    انطلاق معسكر "إخاء الشتوي" تحت شعار "فنجال وعلوم رجال" في منطقة حائل    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    الأمير سعود بن نايف يفتتح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُقيم فعالية "اليوم العالمي للإلتهاب الرئوي"    أمير القصيم يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    موعد مباراة الهلال ضد السد في دوري أبطال آسيا    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    هل تؤثر ملاحقة نتنياهو على الحرب في غزة ولبنان؟    الجوال يتسبب في أكثر الحوادث المرورية بعسير    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 44211 شهيدًا    المعرض السعودي الدولي للحرف اليدوية "بنان" يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين في نسخته الثانية    سعود بن نايف يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    برنامج الغذاء العالمي: وصول قافلة مساعدات غذائية إلى مخيم زمزم للنازحين في دارفور    أمير الرياض يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    موقف توني من مواجهة الأهلي والعين    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    باص الحِرفي" في جازان: احتفالية فنية تعزز التراث وتلهم الأجيال    «هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    "يلو 11".. ديربي حائل وقمم منتظرة    في أقوى صراع الحريق يشعل منافسات براعم التايكوندو    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    القِبلة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    مشكلات المنتخب    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    جمعية تآلف تحتفل باليوم العالمي للطفل بفعاليات ترفيهية وبرامج توعوية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري:
دعم خادم الحرمين للفلسطينيين وقضيتهم من أهم عوامل بقاء الحق الفلسطيني
نشر في الجزيرة يوم 03 - 08 - 2005

شكلت القضية الفلسطينية ولا تزال حجر الأساس في سياسة المملكة الدولية وجعل قادة المملكة هذه القضية، القضية السعودية الرئيسية.. ولقد ظلت سياسة المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله نصيراً لكل أبناء العروبة.. فعندما تضيق بالعرب السبل، وتعصف بهم الأزمات دعماً وتأييداً، لا يجدون إلا المملكة دعماً وسنداً وأيادي بيضاء تخفف المصائب وتمسح الأحزان وتوقف الصراعات.
وحرصاً على توثيق أواصر القربى، والأخوة، والمصير المشترك، تعتبر المملكة العربية السعودية التضامن العربي هو السبيل الوحيد أمام أمتنا لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، خاصة في ظل المتغيرات والمستجدات على الساحة الدولية.
ومن هنا تنبع مواقفها الصلبة المدافعة عن القضايا العادلة للشعوب العربية وفي مقدمتها القدس، وبذلها الجهود من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط على أساس الحفاظ على حقوق العرب المشروعة، والحرص على وحدة الصف العربي فكانت سياسة المملكة وعمق رؤيتها، ومواقفها الثابتة تجاه قضايا الأمة العربية ووحدة الصف العربي لمجابهة التحديات التي تواجه الأمة. والمملكة إذ تعلق حرصها على قوة العرب وتضامنهم ووحدة الموقف تنطلق في ذلك من إدراك حقيقي لما تمثله الأخطار التي تحدق بالعرب، ولما يمثله الخطر الإسرائيلي من أضرار على الأمة العربية، فالاتحاد إذاً هو سبيل الأمة إلى القوة في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء.
إن التزام المملكة العربية السعودية بقضايا الوطن العربي هو التزام ديني وإنساني، وأخلاقي، فالقادة السعوديون يعتبرون من أكثر الحكام العرب حماساً للقضايا العربية، والدفاع عنها في كل المحافل الدولية، وهذا الالتزام يظهر جلياً في دعم الانتفاضة والفلسطينيين، ومبادرة سمو ولي العهد بإنشاء صندوقين لدعم الأقصى والانتفاضة.
وسياسة المملكة هذه ليست حديثة العهد، فقد رفض الملك عبدالعزيز منح مركز خاص لبريطانيا في فلسطين عام 1926م، وعندما قام الصهاينة بالاعتداء على المصلين في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى عام 1929م أبرق لبريطانيا مطالباً بمعاقبة الآثمين ومنع تكرار مثل هذا الفعل.
ولم يتردد الملك عبدالعزيز عندما اندلعت حرب فلسطين عام 1948م في إرسال قوات سعودية للمشاركة مع إخوانهم من الدول العربية الأخرى، وقدمت هذه القوات تضحيات عظيمة واستشهد آنذاك (134) شهيداً، وجرح (33) آخرون، وقدمت المملكة دعماً للفلسطينيين في تلك الحرب أكثر من (5) ملايين ريال.
وسار أبناء الملك عبدالعزيز رحمه الله على نهج والدهم، فللملك فيصل رحمه الله مواقف أصيلة في الدفاع عن قضايا الأمة وعزتها، ففي مؤتمر المائدة المستديرة في لندن عام 1938م هدد بريطانيا بأن علاقتها بالعرب ستسوء إذا لم تحل قضية فلسطين حلاً عادلاً يرضي العرب ويؤمنهم على سلامة بلادهم وكرامة مقدساتهم.. وواصل الملك فيصل نضاله في حشد التأييد للقضية الفلسطينية وتوحيد الصفوف العربية، وأطلق دعوات الاستنفار، وكان يمني نفسه بالشهادة في سبيلها، انظر إليه بعد نكسة عام 1967م وهو يقول:
(ماذا ننتظر؟ هل ننتظر الضمير العالمي؟ وأين هو الضمير العالمي الذي يرى ويلمس هذه المهازل وهذا الإجرام دون أن يهتز ولو حتى من قبل الحياء؟ فماذا ننتظر وإلى متى ننتظر ومقدساتنا وحرماتنا تنتهك بأبشع صورة؟.. فماذا يخيفنا؟ هل نخشى الموت؟ وهل هناك ميتة أفضل وأكرم من أن يموت الإنسان مجاهداً في سبيل الله).
وعندما أقدم الصهاينة على حرق المسجد الأقصى الشريف أطلق الملك فيصل صيحته داعياً للجهاد المقدس، ودعا المؤتمر الإسلامي للنظر في تلك الجريمة النكراء.. وتجلى موقفه المشهود في حرب رمضان أكتوبر عام 1973م عندما اتخذ قراره الشجاع بقطع امدادات النفط عن الولايات المتحدة والدول الغربية، مما كان له كبير الأثر في تحقيق الانتصار الكبير على الكيان الصهيوني في تلك الحرب.
وواصل الملك خالد رحمه الله جهود والده الملك عبدالعزيز وأخواه سعود وفيصل لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وخاصة القدس والمقدسات الإسلامية ووضع حد للمأساة التي يعيشها الشعب العربي في فلسطين، فقد ناشد الملك خالد قادة وزعماء الدول الإسلامية لعقد مؤتمر إسلامي لبحث القضية الفلسطينية فاستجاب قادة العالم الإسلامي لندائه وعقدوا مؤتمرهم في يناير عام 1981م الذي خرج منه إعلان مكة الشهير الذي رسم ملامح الكفاح لتحرير كامل التراب الفلسطيني والعربي.
ونجحت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في تحقيق العديد من المصالحات العربية، فقد قامت المملكة بدور فعّال في تهدئة الخلافات ومنع تفجر النزاعات وتفاقمها.
هذا وقد اكتسبت القضية الفلسطينية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله سنداً قوياً ومميزاً، عربياً وإقليمياً ودولياً، فما من مناسبة دولية أو لقاء مع زعيم عربي أو أجنبي إلا ويتطرق خادم الحرمين الشريفين إلى هذه القضية من منطلق الموقف الداعم للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
فقد سخر الملك فهد كل جهده وفكره من أجل القضية الفلسطينية، ووضع إمكانات المملكة وبنى تحركاتها السياسية في سبيل إيجاد الحل العادل لها، وكانت المملكة في عهده ومازالت السباقة في كل المحافل الدولية والإقليمية لتثبيت الحق الفلسطيني، وكان لذلك أثره في تصعيد النضال الفلسطيني داخل وخارج الأراضي المحتلة، مما عزز مكانة فلسطين الدولية.
وظلت قضية القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في مقدمة أولويات المملكة، بل انها قضيتها الأولى، وقد انطلقت المواقف السعودية بشأن القدس من اقتناع راسخ بأن القدس هي صلب القضية الفلسطينية التي تمثل محور الصراع العربي الإسرائيلي، وتحملت السعودية أكبر المساهمات في كل الحروب التي خاضها العرب ضد إسرائيل ودعمت الانتفاضة الفلسطينية بواقع (6) ملايين دولار شهرياً، ولا تزال تقوم بأكبر المساهمات في تماسك الصف الفلسطيني، ومساندة الفلسطينيين داخل الأراضي العربية المحتلة عبر لجان الدعم المشكلة لهذا الغرض، وعبر مساهمات الدولة الرسمية حيث بلغ إجمالي الدعم الذي قدمته المملكة للقضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1967م وحتى الآن أكثر من (6.1) مليارات ريال.
وقد ثمّن القيادات الفلسطينية الروحية والسياسية والنضالية المواقف السعودية الثابتة، إذ أشاد الدكتور عكرمة صبري مفتي القدس والديار المقدسة في فلسطين بمجهودات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز سواء في دعمه لانتفاضة القدس أو من خلال الدعم اللامحدود للحفاظ على البعد الديني والتاريخي لمدينة القدس والإنجازات العظيمة التي حققتها المملكة العربية السعودية خلال توليه الحكم والذي لايزال داعماً أساسياً للحفاظ على هذه المقدسات.
وثمَّن فضيلته في تصريح ل (الجزيرة) الجهود المباركة التي قامت بها المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين وذلك من خلال دعمه لمؤسسات مدينة القدس وتقديم المساعدات اللازمة للشهداء والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة المباركة.. وأضاف أن الدعم السعودي لم يتوقف عند هذا الحد بل واصلت المملكة العربية السعودية دعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي اللامحدود للقضية الفلسطينية.
أما الوزير الفلسطيني نبيل شعث نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام فقال: لقد لعبت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز دوراً مهماً في دعم القضية الفلسطينية في المحافل العربية والإسلامية والدولية حتى أصبحت القضية المركزية في قلب القضايا الإسلامية وأهم القضايا على المستوى الدولي. وقد حرص الملك فهد خلال عهده الزاهر على إعطاء القضية الفلسطينية الأولوية في السياسة السعودية، وهذا ليس بالمستغرب على خادم الحرمين الشريفين الذي وقف بكل حزم ضد المشروع الصهيوني الهادف لتهويد الأرض والمقدسات وقدم الدعم الحقيقي عملياً لانتفاضة الشعب الفلسطيني الأولى والثانية وحرص كل الحرص على تقديم الدعم السياسي والاقتصادي الذي يقوي من عزيمة شعبنا في الوقوف ضد الأعداء.
والدعم السعودي للقضية الفلسطينية يعود في تاريخه إلى المغفور له الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي أولى القضية الفلسطينية جل اهتمامه وهذا ما سار عليه القادة الذين جاؤوا بعده وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الذي أكد خلال عشرين عاماً قدرته على التعامل مع الأحداث السياسية الإقليمية والدولية وعزز من مكانة المملكة سياسياً واقتصادياً على المستوى الدولي.
بشكل عام المملكة العربية السعودية كانت في طليعة من أحس بآلام الشعب الفلسطيني ومعاناته وتجلى ذلك على المستوى الرسمي والشعبي.. على المستوى الرسمي كانت المملكة العربية السعودية أول من أعلن في القمة العربية الأولى عن الدعم المالي للانتفاضة وطالبت المملكة باعتماد مليار دولار لدعم القضية الفلسطينية بعد مضي شهر واحد على الانتفاضة.. وقد طلبت حكومة خادم الحرمين الشريفين من الدول العربية أن تسدد التزاماتها لدعم صمود شعبنا الفلسطيني، وعلى الصعيد الشعبي قامت المملكة بحملات شعبية كبرى لجمع الأموال ووجدت تجاوباً من الشعب السعودي لا يمكن تصوره، ولا أظن أن هناك شعباً عربياً تجاوب مع الحملات الشعبية كالشعب السعودي، وبلغني أن النساء شاركن بحليهن والبعض بسياراتهم ورواتبهم للمساهمة في تقليص المعاناة عن الشعب العربي الفلسطيني.
وقاد هذه الحملة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض.. وحقيقة المملكة قدمت مساعدات للفلسطينيين أكثر من 44% من مجموع ما دفعته الدول العربية فيما عدا التبرعات الشعبية التي تجاوزت الخمسين مليون دولار، إلا أن قيادة حكومة خادم الحرمين الشريفين رحمه الله عودتنا ألا تصرح كثيراً والشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية تثمّن ذلك عالياً.
أما مؤسس حركة حماس الإسلامية ل(الجزيرة) الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وفي أحاديث عديدة للجزيرة قبل استشهاده قد ثمن موقف المملكة العربية السعودية الداعم والمساند دائماً للشعب الفلسطيني مؤكداً على أن موقف المملكة في كل العهود وخاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز من القضية الفلسطينية هو موقف عقائدي إسلامي، وأن حكومة خادم الحرمين الشريفين تقف دائماً على طول الخط إلى جانب الشعب الفلسطيني في قضيته وتقدم له الدعم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
وأشاد بالموقف السعودي تجاه مدينة القدس والمقدسات الإسلامية معتبراً أن للسعودية دوراً كبيراً وفاعلاً، خاصة أنها أول من اقترح وضع صندوق للقدس في مؤتمر القمة، وأول من تبرع بمبالغ كبيرة لهذا الصندوق لتثبيت الشعب الفلسطيني في القدس ولتثبيت الهوية الإسلامية في القدس، وأن الدعم على المستوى العالمي والعربي للمملكة العربية السعودية هو الذي يعطي القدس والمسجد الأقصى باعتباره قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين المكانة الهامة التي تريدها الأمة العربية والإسلامية، وقال: (على ذلك أستطيع أن أقول إن الكلام السياسي يبقى كلاماً يطير في الهواء ولكن الوضع المادي الصحيح عندما تثبت الشعب على أرضه ووطنه وتدعمه بالمال وتدعمه بالسياسة فهذا يعني أننا اتخذنا الخطوات العملية.. والحقيقة أن المملكة العربية السعودية هي السباقة في دعم هذا الصندوق وفي دعم الشعب الفلسطيني في الانتفاضة وهذا مهم جداً في المعركة مع العدو الصهيوني).
بدوره أشاد أبو ردينة المستشار الإعلامي للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بخادم الحرمين الشريفين قيادة عربية وإسلامية ساهمت بشكل كبير في دعم حقوق الشعب الفلسطيني طوال صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى الدكتور موسى أبو رزق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن المملكة العربية السعودية ذات أهمية وثقل سياسي واقتصادي وروحي كبير، مما يلقي على المملكة وقادتها مسؤولية كبيرة على الأصعدة كافة، هذا الأمر يعطي المملكة العربية السعودية وقيادتها ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز موقع الريادة في العمل العربي المشترك.. وقد لعبت المملكة وخلال فترة طويلة دوراً بالغ الأهمية في نصرة قضايا الشعب الفلسطيني في حربه الطويلة والقاسية وفي توجيه وإقرار الدعم للانتفاضة منذ بدايتها.. كما أن لمواقف ولي العهد سمو الأمير عبدالله من زيارة أمريكا، وكذلك الغاء زيارة رئيس هيئة الأركان السعودي أثرها في الدعم السياسي للانتفاضة.
إن ما قدمته المملكة من دعم كبير، ولكن مستوى التحدي يفرض مسؤوليات تاريخية ومهام جساماً على كاهل المملكة ومجمل العالمين العربي والإسلامي. وآمال العرب والمسلمين معقودة على مواقف المملكة وثوابتها تجاه قضية القدس وأود هنا أن أنوه بالجهود الدبلوماسية الهامة التي تقوم بها المملكة من أجل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والتخفيف من الضغط عليه قدر الإمكان، من خلال التأكيد في كل المناسبات التي تحضرها المملكة على جميع حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى الكشف عن تهرب العدو الإسرائيلي من الالتزام بتلك الحقوق.. فالمشكلة هي بسبب العدوان الإسرائيلي ورفض ذلك العدو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس وعودة اللأجئين إلى وطنهم وأرضهم.
وعلى الصعيد الاقتصادي فإن موقف المملكة يبرز بوضوح كداعم رئيسي للشعب الفلسطيني أمام الصعوبات والمشكلات الاقتصادية التي تضعنا فيها السياسات الإسرائيلية.. فالحرب مع العدو الإسرائيلي ليست حرباً أمنية عسكرية وحسب وليست حرباً سياسية وحسب بل أولاً وأهم من كل ما سبق هي حرب اقتصادية تسعى إلى ضرب البنية التحتية للشعب الفلسطيني، حيث يعاني شعبنا في الداخل من حرب اقتصادية منظمة ومستمرة تسعى إلى إجبار شعبنا على الرضوخ للشروط الإسرائيلية.. ولكن شعبنا صامد وسيخوض الحرب كما خاض حروباً كثيرة دون أن يقدم أي تنازل، وما هو مطلوب مزيد من الدعم وتحمل للأطراف العربية مسؤولياتها، ولاسيما السياسية والاقتصادية، وفي هذا الإطار يأتي الدعم السعودي الاقتصادي الذي نتمنى أن يرافق مع دعم عربي شامل يلتف حول الانتفاضة.
* في ظل التراجع العربي والإسلامي الذي تحدثتم عنه كيف تنظرون إلى الدور السعودي في لم الشمل العربي من أجل تقديم أكبر قدر من المساندة للانتفاضة الباسلة؟
- نحن نثمن كل الجهود التي تبذلها المملكة لمساندة ودعم شعبنا وانتفاضته المباركة ونقدر المواقف المشرفة لقيادة المملكة في لم الشمل العربي ومحاولاتها توحيد الصف العربي ودعمه للموقف الفلسطيني الذي يحتاج إلى مزيد الدعم والمساندة.. كما ننظر بكثير من التقدير إلى التحركات التي تقوم بها المملكة في الفترة الأخيرة لحث العرب على لعب دور أكثر دعماً للانتفاضة وأقدر على تحمل مسؤوليات العرب تجاه ما يجري في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة. والمملكة العربية السعودية تستطيع فعل الكثير في هذا السياق نظراً لمكانتها الإقليمية والدولية الهامة.. فالمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين لها دور مهم في مجلس التعاون الخليجي وبين الدول الإسلامية ولها علاقات مميزة مع تجمعات عالمية مهمة.. ولخادم الحرمين دور مشهود في جمع الشمل العربي والإسلامي والتسامح وتصفية القلوب بين الإخوة.
* كلمة أخيرة تود أن تقولها في هذا المناسبة؟
- لايسعني في هذا المقام إلا أن أتمنى كل الخير والعافية لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ولولي العهد سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وللحكومة والشعب السعوديين.. كما أتمنى للمملكة كل النمو والازدهار والتطور في مختلف المجالات.. ونحن ننظر بكثير من التقدير إلى النهضة التي حدثت في المملكة على مختلف الأصعدة ونتمنى أن تتطور وتتقدم هذه النهضة يوماً بعد يوم وإلى مزيد من الازدهار.
ويرى الدكتور هيثم الكيلاني المفكر العربي المعروف بأن شخصية فهد غنية معطاءة في جميع المجالات.. ولذلك طبع ذاته بالتواضع، وجعله أول مقوِّمات شخصيته ومكوِّنات ذاته كإنسان.
فما أن بدأ حكمه كملك، حتى أطلق على نفسه لقب (خادم الحرمين الشريفين). وهو لقب أراد به أن يؤسِّس معنى فريداً لمفهوم الملكية في المملكة العربية السعودية.. وإن عافت نفس فهد ما يرافق، عادة لقب (الملك) من أوصاف، تمسّك فهد بلقب (خادم) وما يرافقه من التزامات.. وحدّد فهد مجال عمل (الخادم) بالحرمين الشريفين، أي خدمة الإسلام والمسلمين، وأنذر نفسه وملكه لهما، وبخاصة أنه جسّد بأجلى صورة المبدأ الذي طبّقه أبوه عبدالعزيز وأخوته من قبله، وهو مبدأ الخير وفعله.. فأينما استطعت أن تفعل الخير لخدمة الإسلام والمسلمين، فأَقْدِم عليه.. وهكذا فعل فهد.. وغدا سجل حياته كلها، وبخاصة فترة ملكه، سجلاً لفعل الخير لخدمة الإسلام والمسلمين.. وما التوسعات الكثيرة والقصوى في الحرم المكي وفي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة سوى بعض الشواهد على ذلك.. لقد كان لإنشاء المؤسسة المتخصصة بطباعة القرآن الكريم، فضل نشر وتعميم الطبعات الكثيرة والمتنوعة من المصحف الشريف، لخدمة الإسلام في جميع أنحاء المعمورة.
إنجازات متعددة
ولقد أرفق الملك فهد ذلك كله بحركة واسعة لبناء المساجد في مختلف أطراف الأرض.. فلا توجد جالية إسلامية في أي مكان من المعمورة، إلا ولها مسجد بناه أو أسهم في بنائه خادم الحرمين الشريفين وكثيراً ما ترافقت تلك المساجد بمدارس ومستشفيات تخدم أبناء تلك الجاليات.
ويستند الملك فهد في ذلك كله، وبخاصة في مجال خدمة الإسلام والمسلمين، من منطلق علمي تربوي.. فهو، يوم كان وزيراً للمعارف في المملكة، وجّه جهوده نحو تطوير البرامج التعليمية، وتحديث أصول التربية.. ففتح المجال واسعاً من أجل إرساء بناء الشخصية المسلمة في الطفل السعودي، مع الاستفادة من علم التربية الحديثة، وما قدمه هذا العلم من وسائل وإمكانات.. لقد شهد عهده كوزير للمعارف، نهضة علمية وتربوية وثقافية متميزة، تفخر المملكة بها، حتى غدت مرجعاً ونموذجاً للنهضة التربوية، التي حافظت على أسس ومقوِّمات الشخصية المسلمة المتفتحة على الحداثة والتطور العالميين في مجالات التربية والعلوم.
ولأن قضية الصراع العربي الإسرائيلي أخذت مناحي جديدة في عهد الملك فهد، فقد سعى فهد إلي إرساء الثوابت الوطنية والقومية في القضية الفلسطينية، ودعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرير القدس الشريف والأراضي الفلسطينية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتطبيق حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
صناديق فلسطين
ومن أجل دعم الشعب الفلسطيني في نضاله التحرري دعماً عملياً مؤثراً، فقد اقترحت المملكة العربية السعودية في مؤتمر القمة الذي عقده القادة العرب في القاهرة (21 و22 أكتوبر 2000م) إنشاء صندوقين: أولهما باسم (صندوق الأقصى) لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس والحيلولة دون طمسها وتمكين الشعب الفلسطيني من الفكاك من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي.. أما الصندوق الثاني فيحمل اسم (صندوق انتفاضة القدس) للإنفاق على أسر الشهداء الفلسطينيين وتهيئة السبل لرعاية وتعليم أبنائهم، وقد أعلنت المملكة عن إسهامها بربع المبالغ المخصصة لهذين الصندوقين.
وإلى جانب ما ذكرناه من التخطيط والبناء والرعاية لمختلف مجالات النهضة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتكنولوجية التي شهدها عهد الملك فهد، فقد تبنّى الملك فهد مبادىء تطوير هذا الجيش، وخطّط ونفذ.. لقد اصبح الجيش العربي السعودي مزوداً بأحدث الأنظمة الخاصة بالسيطرة والاتصال والقيادة والمعلومات ومسلّحاً بالأسلحة الذكية القادرة على إصابة أهداف بعيدة، وعلى الدفاع الإلكتروني واعتماد أسلوب المناورة والحركة السريعة، وتبنّي أحدث طرائق القتال وأساليب الدفاع.
قوة عسكرية نوعية
وإلى جانب هذا التطوير بالجانب المعدّاتي واللوجستي من الجيش، اهتمت خطط الملك فهد بالجانب النوعي في تطوير الجيش، فتمّ الاعتماد على أصحاب الخبرات من المتطوعين، والتركيز على إعداد الضباط وضباط الصف والاختصاصيين، وافتتحت الدورات التدريبية والتعليمية وتنوعت حتى شملت جميع الاختصاصات التي تتطلبها شؤون الدفاع.
وعلى هذا غدا الجيش العربي السعودي القوة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط.
هذه بعض معالم شخصية الملك فهد بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، ولا يدّعى كاتب هذه السطور أنه، بهذه المقالة المختصرة، غطّى تلك المعالم، وإنما يزعم أنه أسهم في توجيه الضوء إلى بعض تلك المعالم.
ويرى الباحث والكاتب السوري الأستاذ إبراهيم عبدالكريم بأن الذاكرة الجمعية الإسرائيلية تحتفظ للقيادة السعودية بشريط يضم ثلاث مجموعات من الصور الذهنية:
الأولى: تخص الشخصية الخليجية بمضامينها العربية والإسلامية وبمظاهرها وعاداتها وأساليبها في الحياة والحكم وغير ذلك.
الثانية: تكونت بفعل المكانة العالمية للسعودية كدولة نفطية ودورها في النطاقين العربي والإسلامي.
الثالثة: تتعلق بانخراط السعودية في الصراع ضد المشروع الصهيوني، ومواصلة تجسيد هذا الانخراط عبر دعم الشعب الفلسطيني وانتفاضته.
تنطوي التقديرات الإسرائيلية في كل من هذه المجموعات على جملة من المفاهيم أو الدعاوى التي تختلط فيها الوقائع بالأوهام، والحقائق بالأضاليل، وتكتنف بعضها قولبة (تنميط) جراء المنظور الخاص الذي يعتمده الإسرائيليون في التعامل مع الآخر وضمنا الخصم.. ومفيد هنا عرض بعض ملامح صور الزعامة العربية المرغوبة إسرائيلياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.