السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد: فإنني أتمنى أن أجد متسعاً لمناقشة بعض ما ورد في مقال الكاتب: (محمد أبو حمراء)، الذي عنونه ب(المراكز الصيفية لا جدوى) في العدد رقم: (11965)، جرياً على عادتكم الحسنة، في إفساح المجال لمناقشة الآراء في صفحات جريدتكم.. سلمكم الله. ابتدأ الكاتب مقاله بالحديث عن الجو الحار، وعدم ملاءمته لأنشطة المراكز الصيفية. وأنا هنا أؤيده في ذلك، وهي ملاحظة موجودة على مدار العام، ونتمنى من المسؤولين سرعة معالجتها، حرصاً على تحقيق الهدف المنشود. ومع ذلك فإن كثيراً من القائمين على المراكز الصيفية يقومون بصيانة عامة للمراكز قبل بداية أنشطتها الفعلية، فلا حرمهم الله الأجر.. ثم طرح الكاتب بعد ذلك أسئلة قال في أولها: (من الذي يشرف على تلك المراكز الصيفية، أي ما مدى صياغة فكره كفكر أو هل ممارسته قد تم سبر غورها؟).. والجواب أخي: (محمد): يشرف عليها مجموعة من المعلمين التربويين، الذين سبق لهم الالتحاق بدورات متخصصة تؤهلهم للعمل في هذه المراكز.. وهم من خيرة المعلمين ولا نزكيهم على الله، ولا يحق لهم الالتحاق بهذه المراكز الصيفية إلا بعد ترشيحهم من قبل الإدارات التعليمية في كل محافظة، وترشيحهم دليل - ولا شك - على ما يتمتعون به من مؤهلات.. ثم يقول الكاتب: (ما الذي يتعلمه الطلبة في تلك المراكز الصيفية كل صيف؟).. والجواب هو: أن المراكز الصيفية مفتوحة الأبواب لكل راغب في معرفة أنشطتها بلا استثناء!.. ولا أظن أن صفحة أو صفحتين أو ثلاثاً من أي جريدة كافية لسرد أنشطة المراكز الصيفية المتنوعة في شتى المجالات: الثقافية والرياضية والاجتماعية والمهنية وغيرها.. ثم إن أنشطة كل مركز تحاول أن تتميز عن غيرها بجديد الطرح، وجميل الإعداد والتنفيذ.. ولذا فإني أدعوك وأدعو أي راغب في معرفة ما يدور في هذه المراكز الصيفية إلى زيارتها، ومن ثم الاطلاع على هذه الأنشطة، وحينها أرجو أن أرى لك مقالاً قريباً عنوانه: (المراكز الصيفية: بل هناك جدوى)!! فليس الخبر كالمشاهدة!.. ثم إنني أحب أن أفيدك بأن الإدارات التعليمية تبعث مشرفيها لزيارة هذه المراكز ومتابعة أنشطتها وفعالياتها.. يقول الكاتب بعد ذلك: (ماذا يقول لهم معلموهم صيفاً في المراكز عندما لا يتبقى في الجلسة إلا اثنان أو ثلاثة؟ أي ما هو الفكر الذي يستقونه من ذلك المعلم كقدوة لطلاب؟).. وهو تساؤل غريب بحق!.. أحب أن أفيدك بداية أن المراكز الصيفية لها موعد دخول وموعد خروج.. ولذا فإن الجميع يدخلون جميعاً في موعد معين، ويخرجون جميعاً في موعد معين.. ولذا فإن افتراض بقاء (اثين أو ثلاثة!!) غير وارد!.. ولو افترضنا جدلاً بقاء اثنين أو ثلاثة فإن ما يستقونه من فكر هو ذات الفكر الذي يستقيه بقية الطلاب!.. أخي محمد: كما أننا نحب من الناس أن يحسنوا الظن فينا، فإن من حقهم علينا أن نحسن الظن فيهم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ }(12) سورة الحجرات.. وليس بهذا يُجازى من جعلوا همهم الأكبر وشغلهم الشاغل حفظ أبنائنا عن كل ما يبعدهم عن سواء السبيل.. يقول الكاتب: (بماذا يخرجون من المراكز الصيفية عند انتهائها؟).. وأنا أقول - بكل بساطة - : يخرجون بما اكتسبوه من معارف ومهارات في شتى المجالات - ولله الحمد -: وهي نتيجة طبيعية لما يقدم في هذه المراكز من أنشطة.. ثم يقول الكاتب: (الأهم هو: من هو المشرف على هذا المركز أو ذاك.. وهل هو فعلاً موجود؟).. وأنا هنا أعيد الطلب منك مرة أخرى لزيارة هذه المراكز ومن ثم التأكد من جواب سؤالك هذا!.. يقول الكاتب: (أسئلة كثيرة يمكن أن يباح بها ويمكن أن تكون من المسكوت عنه، كلها تتعلق بالمراكز الصيفية، لا نقول إنها كلها سيئة أو إنها كلها حسنة، بل نحكم على النتائج فقط، والناتج من تلك المراكز نعرفه جيداً ومسبقاً، وهو شغل وقت الطلاب في الصيف فقط، أما النتائج العلمية والفكرية فعلمها عند الله!).. أقول: ما كان لهذه الأسئلة أن تراود أذهان البعض، لو أنهم اجتزأوا بعض أوقاتهم وقاموا بالزيارات الميدانية لهذه المراكز الصيفية، ليخرجوا بعد ذلك بالنتائج الحقيقية. يقول الكاتب بعد ذلك: (من وجهة نظري أن تلك المراكز الصيفية إنما هي تبذير للثروة وتضييع للوقت).. أقول: الوزارة - وفقها الله - أحرص من كل أحد على ميزانيتها ومصروفاتها، وليس هذه المراكز الصيفية وليدة هذه السنة أو التي قبلها، حتى يخفى على الوزارة أمر هذه المراكز، إن كانت مجرد تبذير للثروة كما تقول: أما وصفك لها بأنها: (تضييع للوقت) فمن أعجب العجب!!.. أخي: محمد، لنكن صرحاء.. ها هي الوزارة تعلن عن المراكز في كل عام، وتحث على الالتحاق بها، وتخصص المخصصات الكبيرة من ميزانيتها للصرف على مراكز النشاط الصيفي، من أجل توفير الأجواء المناسبة لقضاء أوقات مفيدة وممتعة من جهة، ومن جهة أخرى: للحيلولة دون الوقوع في المشاكل الناتجة عن الفراغ.. فلماذا كل هذا؟!.. لماذا زاد عدد المراكز الصيفية في هذا العام إلى أن وصل إلى (500) مركز صيفي، في حين أن عددها في العام الماضي كان قريباً من (300) مركز صيفي؟!!. لماذا كل هذه الزيادة الكبيرة؟!!.. أليست دليلاً على أن هنالك جدوى من هذه المراكز الصيفية؟!! أخي: محمد.. لماذا نجد من المعلمين الكرام من يشغل من قته خمس ساعات يومياً في هذه المراكز الصيفية؟! أليس هذا خيراً من تسكع الشباب هنا وهناك بعيداً عن الرقابة، تتلقفهم الأفكار المنحرفة، ويتلقفهم الحاقدون على هذا البلد وأهله؟!! بلى والله... لقد قال معالي نائب وزير التربية للبنين (د. سعيد المليص) مجيباً على سؤال لإحدى القنوات يوم السبت (18- 5): (هذه المراكز تعتبر ملاذا لأبنائنا، تعزز قيمهم، وتنفذ برامجها بناء على لائحة معدة من الوزارة)، وقال أيضاً: (نحن مطمئنون كامل الاطمئنان على ما يُقام في هذه المراكز). أما قولك أخي: محمد، من وجود: (حرية المدرس في أن يوكل زميله على نشاطه (الحر) الذي يجب أن يقوم به، فتجد زميله يقوم مقامه إلى أن يعود من (زرقته) إلى مكان صيفي بارد، فإذا عاد أمسك زمام عمله وعمل زميله وهكذا)، فقول غير صحيح... ولعلك لا تعلم أن هنالك تحضيراً يومياً لأعضاء المراكز الصيفية، يتابع من قبل الإدارات التعليمية.. أخي محمد: ثق أن القائمين على المراكز الصيفية لا يدّعون العصمة لما يقومون به، بل هم كغيرهم معرضون لما يتعرض له جميع بني آدم من الخطأ والصواب، لكن الخير كل الخير هو في إبراز محاسن المراكز الصيفية مع ما يذكر من معايبها جنباً الى جنب.. إن القائمين على المراكز الصيفية يتمنون أن يقفوا على مواضع الخطأ (الحقيقي) ليجتنبوها، متأسين في ذلك بقول الفاروق رضي الله عنه: (رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي).. ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه أما أن يأتي من يرمي تلك المراكز بأخطاء ومعايب هي منها براء، فذلك ما لا نرضاه لها أبداً.. ماجد بن محمد العسكر /الخرج [email protected]