ستبقى المطالبات والمناشدات مستمرة مادامت الجهات الخدمية غير قائمة بدورها ومادامت تتعامل مع احتياجات المواطنين ورغباتهم بأساليب التسويف والممطالة، حتى طغى اليأس على الأمل، وذهبت الوعود أدراج الرياح.. القرى والهجر الواقعة جنوب جبل سلمى، وهي أكثرها عدداً وأكثرها تضرراً من ندرة الخدمات والمرافق، ولم يكن لها نصيب من اهتمامات الجهات الحكومية بالمنطقة، ومعاملتها بالمساواة كبقية الجهات الأخرى، وهذا ربما ناتج عن عدم وجود ممثل لها في المجالس الرسمية أو الأهلية. عبر (الجزيرة) ومحبوبة الجميع صفحة العزيزة كتبت كما كتب غيري عن احتياجات ومطالب تلك القرى الضرورية والملحة، وكنت وقتها أظن أنه سيكون هناك تفاعل أو على أقل تقدير توضيح مقنع لهذا الإهمال من قبل الجهات المعنية بالمنطقة لقرى الجنوب.. ولعل مشكلة المياه العذبة وندرتها كانت ومازالت تتفاقم، وهاجساً يقلق الأهالي ويهددهم بالرحيل عن قراهم إلى المدينة؛ لينعموا بماء عذب ورخيص، فواقع حياتهم في القرى لا يطاق، فالماء العذب أصبح عبئاً مالياً تتجاوز تكلفته الشهرية أكثر من (600) ريال، ووضعهم الاقتصادي لا يعلمه إلا الله.. أما المتعهد من قبل الدولة فهو لا يذكر ولا يرى، وأصبحت كمية الماء تقدر بخمس دقائق لكل منزل في الشهر، بل استغل الظروف سائقو المتعهد وتحولوا إلى بيع الماء على المواطنين في ظل غياب الرقابة والمتابعة والمحاسبة، سواء من قبل المتعهد نفسه أو الجهة المسؤولة عنه.. بل لازالت محطات التحلية المنشأة في مدينة فيد ومدينة طابة تعيش حالة الغيبوبة التامة عن الحياة، على الرغم من مضي أكثر من سنة على تجهيزها، ولا نعرف السر في عدم تشغيلها، فوضعها الحالي يحتاج إلى عملية صيانة قبل تشغيلها -إن كان هناك نية لدب الحياة فيها-.. كما صحب هذه الجهة عدم أخذ حقها من السدود أو البحيرات الصناعية التي يمكن من خلالها الاستفادة من مياه الأمطار، خصوصاً أن جبال سلمى تتخلخلها العديد من الأودية والشعاب الكبيرة التي يمكن تخزين مليارات اللترات المكعبة من مياه الأمطار فيها، هذا الإعراض حدا ببعض سكان القرى إلى إنشاء سدود تقليدية وعلى حسابهم الخاص؛ بعد أن لمسوا عدم التجاوب من الجهة المسؤولة بالمنطقة على مطالبهم. أما الواقع الصحي فليس بأحسن حالاً من واقع مشكلة المياه؛ فالمراكز الصحية بدائية في تجهيزاتها قديمة في مبانيها متهالكة في إسعافاتها ونادرة في تخصصاتها، فأصبح وجودها كعدمها فتمحور علاجها بالمهدئات والمسكنات ولم يكن لها نصيب من كعكعة التجديد أو التطوير.. أما الشأن التعليمي فلازالت تفتقد المجمعات التعليمية لمراحل التعليم العام؛ فتشتت الطلاب والطالبات بين القرى في ظل انعدام وسائل النقل الحكومي؛ مما أدى إلى إرهاق الأسر بضرورة توفير سيارات لأبنائهم، وهذا عبء مالي آخر.. أما نقل الطالبات إلى كليات المدينة فهذا عبء مالي آخر يتطلب استئجار وسائل نقل كبيرة خاصة مقابل أجرة تدفع من كل طالبة.. أما وسائل الاتصالات فلا زالت كثير من القرى تفتقد شبكة اتصالات ثابتة على الرغم من أن التمديدات الرئيسية تمر وسطها ولم يكن لها النصيب من التواصل مع العالم.. أما الطرق فعمد الأهالي إلى إنشاء بعضها على حسابهم الخاص بعد السماح لها من إدارة الطرق وبقية معاناة الصيانة لم تحل إلا بالوعود وعبارة (مدرج).. أما الوضع الإداري فلا زالت أحوالها مشتتة؛ فتارة خدماتها تتبع محافظة الشنان، وتارة ترتبط بمدينة سميراء، وهذه المحافظة والمدينة أيضاً ينقصها الكثير من الخدمات والمرافق وأصبح الارتباط بها شكلاً لا مضمونا جراء التسلسل الروتيني فقط.. هذه المعضلات والمشكلات التي بحت بها عبر (الجزيرة) أعرفها عن قرب وأسردها بناء على طلب الكثير من سكانها المشتتين في قرى متعددة منها على سبيل المثال (فيد - الشنان - الجحفة - طابة - البير - المضيح - الطرفية - الصفراء - العقلتين - القصير - غمرة - العظيم - الوهيبية - سميراء.. والقرى التابعة لها). ناصر بن عبدالعزيز الرابح