سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقابل كل سعودي ستة عمال أجانب في القطاع الخاص قاموا بتحويل 260 بليون دولار من المملكة خلال أكثر من عشرين عاماً الحملات الأمنية كشفت عن خطورة مشكلة كثرة العمالة الوافدة
كشفت الحملات الأمنية التي قادتها شرطة منطقة الرياض، وشاركتها جهات أخرى ذات علاقة، عن حجم ومدى خطورة كثرة العمالة الوافدة في بلدنا. هذه الحملات الأمنية الموفقة كشفت عن ألوف العمالة الوافدة التي اتخذت من العمل الشريف - والذي من المفترض أنها جاءت من أجله - ذريعة لتقوم بأعمال أخرى تخريبية ومخالفة لكل أنظمة وقوانين البلد. فهل منا من كان يصدق أن في بلادنا الملايين من الأفلام الإباحية تباع في مدينة الرياض؟.. ناهيك عن كمية المخدرات والمسكرات التي ضبطت، وأماكن الدعارة، والمراقص، ومئات الشقق التي اتخذت كمراكز لتمرير المكالمات، كل ذلك وأكثر قامت به عمالة وافدة غايتها المال، ولا يهمها في سبيله مصلحة ولا مستقبل هذا البلد الذي اتخذته وسيلة لكسب المال بأي طريقة كانت، وبالتالي تقوم بتحويله إلى بلادها. حوالات العمالة الوافدة نشرت صحيفة الجزيرة في عددها 11526 الصادر يوم الاثنين 29 صفر 1425 تقريراً لدراسة قامت بها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي (الشؤون الاقتصادية) بعنوان (تحويلات العمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون محدداتها وآثارها الاقتصادية)، وقد بينت هذه الدراسة أن تحويلات العمال الأجانب في المملكة العربية السعودية بلغت 16 بليون دولار سنوياً. وبينت أن هذا المبلغ الضخم 16 بليون دولار يمثل 60% من إجمالي التحويلات للعمال الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي والتي بلغت 27 بليون دولار سنوياً. وقد سجلت الدراسة ارتفاعاً ملحوظاً في حجم التحويلات خلال الفترة (1975 - 2002م) حيث ارتفعت من حوالي 1.6 بليون دولار في عام 1975 إلى حوالي 27 بليون دولار في عام 2002 وقد بلغت مجموع تحويلات العمال الأجانب من دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة (1975 - 2002م) أكثر من 413 بليون دولار كان نصيب المملكة العربية السعودية منها 260 بليون دولار. ونحن هنا لا ننكر على أي شخص مجتهد وجد فرصته في بلدنا وحصل على ماله بطريقة مشروعة، ولكننا نقف ضد من اتخذ قاعدة (كل ممنوع مبيوع)، وسلك الطرق الملتوية وخالف الأنظمة والقوانين لكسب المال فلاهو بالذي سد الاحتياج في المهنة التي جاء من أجلها ولا هو بالذي سلمت البلاد والعباد من شره. العمالة الوافدة أسباب وجودها بهذه الكثرة بينت الإحصائيات الأخيرة أنه يوجد لدينا بالمملكة العربية السعودية أكثر من ستة ملايين عامل وافد يشكلون قرابة ثلث عدد السكان ويشغلون أكثر من 50% من القوى العاملة بالمملكة، وغالبيتهم يعملون في القطاع الخاص، حيث كشفت دراسة أجراها فريق مكلف من مجلس الشورى بعنوان الإستراتيجية الوطنية بعيدة المدى للتعليم والتدريب عن أن عدد العمالة الوافدة في القطاع الخاص بلغ (6176573) ستة ملايين ومائة وستة وسبعين ألفاً وخمسمائة وثلاثة وسبعين عاملاً وافداً، مقابل (837521) ثمانمائة وسبعة وثلاثين ألفاً وخمسمائة وواحد وعشرين سعودياً في هذا القطاع الهام، (بما يعادل ستة عمال أجانب أمام كل موظف سعودي).. كما بينت أن عدد الأجانب في القطاع العام بلغ (331135) ثلاثمائة وواحداً وثلاثين ومائة وخمسة وثلاثين عاملاً وافداً. وهذه العمالة بهذه الكثرة وخصوصاً في القطاع الخاص لم يفتح لها الباب إلا لسد نقص العمالة الوطنية التي أنفت عن العمل اليدوي وغيره من الأعمال الفنية والحرفية وابتعدت عن المهن غير المرغوب فيها للنظرة الاجتماعية الدونية لمن يمتهنها، وبطبيعة الحال فأي بلد يحتاج لكل المهن فليس من المعقول أن لا تجد خبازين مثلاً، أو حدادين أو نجارين أو غيرها من المهن الضرورية لدوران عجلة المجتمع، فجيء بعمالة أجنبية لتسد هذا النقص ولكن على حساب دورة رأس المال، فالعامل الوطني (النادر الوجود) يصرف ما يحصل عليه من دخل في وطنه، بعكس العامل الأجنبي الذي يحول جميع ما يكسبه إلى الخارج مما يساهم في التأثير على اقتصاد البلد، حيث يشكل التسرب الناتج من التحويلات التي تقوم بها العمالة (حسب الدراسات) ما نسبته 8% من الناتج المحلي السنوي، بالإضافة إلى تخفيض الفائض في الحساب الجاري بنسبة كبيرة تقدر بحوالي 95%. مواطنون عاملون يشتكون من النظرة السلبية لهم يعاني الكثير من المواطنين الذين يعملون في المهن غير المرغوبة اجتماعياً من نظرة البعض لهم نظرة دونية مما ساهم في إحباط الكثيرين منهم وابتعادهم عن هذه المهن التي دخلوها من باب الهواية والحب لها دون غيرها من المهن فهذا المواطن خالد العيدان 40 عاماً يعمل كصانع مفاتيح وإصلاح أجهزة كهربائية وهو عمله الرئيسي الذي يصرف منه على عائلته المكونة من زوجة وستة أبناء، حيث احترف هذه المهنة في عام 1408ه بعد فشله في إنهاء دراسته الجامعية وبالتالي اتجه للمهنة التي يعشقها بمساعدة والده الذي دعمه ليخطو خطوة هامة في حياته وحياة هذا الوطن، فلو أن كل مواطن اتجه للعمل الذي يحبه ويتقنه ويجد نفسه فيه لما بقي لدينا عمالة وافدة، ولكن خالد الذي يعمل بجد في محله بمساعدة أحد أبنائه الذي ورث منه (حب الصنعة) يعاني كثيراً من بعض زبائنه السعوديين الذين يقللون من شأنه تارة، ويقارنونه بالأجنبي تارة، ويبتعدون عن محله إذا عرفوا جنسيته تارة أخرى، (ولكنها يا خالد عقدة الأجنبي)!!.. ولو تغيرت أفكار ونظرة البعض عن العمل الشريف أياً كان نوعه لأسهم ذلك في دعم السعودة معنوياً على الأقل ولكن للأسف البعض لازال يفكر بعقلية الطفرة التي أكل عليها الدهر وشرب. الطالب الجامعي (محمد. ن) والذي يعمل بعد الظهر في أحد مطاعم الوجبات السريعة المشهورة ويحصل على مرتب 4000 ريال في الشهر ومميزات أخرى وأفضلية بصفته سعودياً إلا أنه يعاني كثيراً من نظرة البعض له باحتقار، ويقول عن أصعب المواقف في إحدى المرات كنت أقوم بتنظيف إحدى الطاولات بعد مغادرة الزبون الذي كان يأكل عليها ليجدها الزبون الجديد نظيفة فإذا باثنين من أبناء عمومتي يدخلون للمطعم صدفة وهم لايعلمون أصلاً بأني أعمل وشاهدوني وأنا أقوم بالتنظيف لم يصدقوا في البداية وحينما هممت بالسلام عليهم تأكدوا بأني الشخص المعني ذهلوا وجرحوني بالكلام وخرجوا دون أن يأكلوا، ويتساءل محمد لماذا ينكرون علي العمل الشريف؟.. أليس الطلاب السعوديون في الخارج يقومون بأعمال كثيرة كغسل الصحون وغيرها لزيادة دخلهم، لماذا لا نقوم نحن طلاب الداخل بمثل هذه الأعمال في بلدنا؟ أم يريدون مني أن أمد يدي لأحد ليدفع عني أجار السكن والملبس والمعيشه. وغير خالد ومحمد نماذج وطنية أخرى كثيرة مشرفة أخذت على عاتقها تحمل الخطوة الأولى في طريق السعودة الكاملة بإذن الله ولكنها تريد منا أن ندعمها ولو بكفاية شرنا عنها على أقل تقدير. لماذا لا تكون هناك معاهد سعودة؟ - هناك مثل يقول: (علمني كيف اصطاد السمك خيراً من أن تطعمني سمكة كل يوم)، فلو أننا طبقنا هذا المثل في موضوع السعودة فبدلاً من نأتي بأشخاص ليقوموا بالأعمال التي نحتاجها كالحدادين والنجارين وغيره، نقوم بإنشاء معاهد للسعودة، حيث نستقدم معلمين كبار في هذه المهن ليقموموا بتعليمها لسعوديين ويتخرجوا بشهادات معتمدة، ومن ثم يمارسون هذه المهن في المحلات المنتشرة في كل أرجاء الوطن ويستحدث نظام (للشراكة بالنسبة) بين صاحب المحل والعامل السعودي الذي يصبح شريكاً بالمجهود، فيتقاضى نسبة معينة من دخل المحل ويدفع عنه جزءاً من اشتراك التأمينات الاجتماعية كما هو معمول به مع موظفي القطاع الخاص، وبهذه الطريقة نكون بإذن الله نخطو خطوة جيدة في تقليص الاعتماد تدريجياً على العمالة وسعودة غالبية المهن، والقضاء الحقيقي على البطالة بدل من تبنيجها.