في (آفاق) اليوم ننشر عرضاً لكتاب أبي عبد الرحمن ابن عقيل الأخير (نظرات لاهية).. ولم يكن التأخُّر في عدم عرضه حتى الآن إلا بسبب ظروف السفر والترحال التي كنتُ مشغولاً بها، وما أن تفرغتُ حتى وجدتُ هدية أبي عبد الرحمن التي أعتز بها، ففكرت في تقديمها للقارئ قبل أن أقرأ كلمته التي صرخ بها من قوقعه الذي آثر الركون إليه رغماً عنا.. والتي يشكو فيها من تخلِّي الأصدقاء عنه والأساتذة والتلاميذ.. وليس أبو عبد الرحمن أول مَن حورب - لعبقرية - أو اتُّهم من بين الأدباء والكتَّاب على مدى العصور، وفي مختلف الأمم. فبرناردشو - مع الفارق - المتوفَّى عام 1950 ميلادية، الذي يعتبر من أعظم الكتَّاب الروائيين والمسرحيين في العصر الحديث، اتُّهم في عقله وسلوكه، حتى إن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا كتب مقالاً بعنوان (المهرِّج) هاجم فيه شو.. ولكنه لم ينسَ - على الرغم من احتقاره لشو - أن ينوِّه عن إعجابه به. وهذه مي زيادة تُتَّهم بالجنون، وتجرى لها محاكمة ولا تثبت براءتها إلا بعد أن ألقت محاضرة في الجامعة لتثبت أنها عاقلة.. حضرها لفيف من الأدباء والقضاة وجمهور غفير من المستمعين.. ما أن انتهت حتى علا التصفيق.. فبكت بحرقة.. خرجت بعدها وقد قلبت ميزان القوى.. حتى وكيل النيابة الذي كان يفترض به أن يقف ضدها صاح في هيئة المحكمة قائلاً: (إن الحَجْر على هذه النابغة هو حَجْر على الأدب العربي وعلى العبقرية العربية، فلا تعدموها بسطرين من قلمكم). بعد هذا.. فلا يضير أبا عبد الرحمن ألاَّ يُكتب عن كتابه.. أو يُهمل.. علماً بأن ذلك لم يحصل، فكثير من الصحف رحَّبت بكتابه.. وكثير من قرائه لا زالوا ينتظرون المزيد. * الصديق العزيز مسافر: مهما قلت فلن أوفيك حقك.. ليس لديَّ إلا (شكراً).. ولكنها صادرة من أعماق الأعماق.. أرجو أن تقبلها مع الحب.