تحمل المملكة العربية السعودية على عاتقها إقرارها الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة وبذل الجهود لصالح الأمة العربية والإسلامية والعمل على بلورة موقف عربي واضح له نفوذه وتأثيره في المحافل الدولية والعالمية، حيث يواصل صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني جولته العالمية، فبعد زيارته إلى فرنسا الناجحة تأتي زيارته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولقائه الرئيس بوش الابن، حيث تتأكد كثافة الجهود السعودية وتطابق رؤيتها وتوجهاتها مع الجانب العربي في دفع وتحرك الرؤية الأمريكية للأمام وتفعيلها وتحويلها إلى واقع، كما تتأكد كثافة الجهود لإرساء تقاليد أساسية في الدبلوماسية السعودية بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز -حفظه الله - حيث الحفاظ على الثوابت العربية والتصدي بكل شجاعة وحزم لظاهرة الإرهاب التي باتت عالمية واستئصالها من جذورها، كذلك ما يقوم به الدور السعودي من إرساء تقاليد أساسية في إدارة العلاقات بين الجانب العربي والولاياتالمتحدةالأمريكية. ويرى المراقبون أن هذه الزيارة تكتسب أهميتها على مستويات عدة سواء على مستوى مضمون ما يبحثه سمو ولي العهد من قضايا تهم العالمين العربي والإسلامي أو من حيث توقيتها وتزامنها مع متغيرات ومستجدات شهدتها المنطقة العربية مؤخراً، فإلى جانب بحث ظاهرة الإرهاب يحمل ولي العهد رسالة عربية واضحة في الدعوة إلى تسوية سلمية وكبح جماح الحملة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وردع شارون عن ممارساته وتصريحاته المستفزة خاصة بعد زيارته الأخيرة لأمريكا وذلك من أجل استقرار المنطقة، كما أن أمريكا تدرك جيداً مدى المكانة والثقل الذي يحظى به صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله. وتأتي الزيارة ليضع ولي العهد الأمور في نصابها والنقاط فوق الحروف. دلالات ومعانٍ تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتحمل الكثير من الدلالات من حيث التوقيت مع قرب اجتماع دول الجوار العراقي وكذلك تزامنها مع تحركات سعودية ناجحة لاستئصال شأفة الإرهاب من جذورها وأيضا للتأكيد على تنفيذ الاتفاقيات الموقعة وقيام سلام عادل وشامل في المنطقة، فهي تتزامن مع سلسلة من الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تبذلها القيادة السعودية لبلورة الموقف العربي من تطورات عملية التسوية والرد على الممارسات الإسرائيلية ورفضها لالتزام بالسلام العادل وتأتي الزيارة من ناحية ثانية بعد أيام قليلة على لقاء ولي العهد بالرئيس الفرنسي جاك شيراك ومباحثاته بفرنسا التي شددت على الدعم السعودي الكامل للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني والتأكيد على استقلال العراقي وتحقيق الأمن لشعبه ومن حيث التوقيت أيضاً ينظر المراقبون لزيارة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية باعتبارها محطة أساسية لبلورة وصياغة الرؤية العربية في الفترة القادمة وسط المتغيرات والمستجدات سواء التي حصلت في العراق بعد تشكيل الحكومة العراقية أو ما حدث في لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري وتشكيل حكومة جديدة أو ما يحدث في فلسطين وكذلك على مستوى التصدي لظاهرة الإرهاب التي باتت تؤرق العالم بأجمعه وتجاه جملة هذه القضايا تكتسب الزيارة أهميتها وتتحمل المملكة العربية السعودية مسؤولية خاصة في التعبير عنه انطلاقا من تفاعلها مع كل قضايا أمتها العربية والإسلامية ومن إحساسها بخطورة استمرار الأوضاع الراهنة على مسارات التسوية السلمية. ويركز المراقبون على أن مباحثات ولي العهد في الولاياتالمتحدةالأمريكية ولقاءه الرئيس بوش الابن يعكس عدة حقائق أولها تأكيد تضامن المملكة العربية السعودية ومساندتها الكاملة للحقوق العربية والحفاظ على الثوابت بما يعكس صلابة الموقف العربي, وثانيها التأكيد على أن العلاقات الأمريكية السعودية هي علاقات متينة تقوم على الندية والتكافؤ وهي لا تتأثر بأي حملات إعلامية كاذبة مثل التي واجهتها العلاقات في فترات سابقة إزاء ما سببه تقرير راند وغيره من التقارير التي وقف وراءها اللوبي المسيحي الصهيوني في أمريكا. وقد عبّر صاحب السمو الملكي عن هذه العلاقة بقوله: إنها علاقة تاريخية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسعي لتحقيق الاستقرار والسلام والعادل في العالم وفق الأعراف والقوانين الدولية وأن المملكة العربية السعودية معروفة بثوابتها السياسية ومبادئها التي تدافع عنها والتي لا تتغير بتغير الظروف فهي تنادى بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة ولها مواقفها الثابتة في ذلك. وقدم ولي العهد مبادرة السلام التي تحولت إلى مبادرة عربية بعد تبنيها من قبل القادة العرب في قمة بيروت، كما أن المملكة تؤكد على استقرار العراق ووحدة أراضيه وتمتع الشعب العراقي بالاستقلالية والحرية والعيش الآمن أيضاً تتصدى المملكة وبنجاح للفئة الضالة والعمل على استئصال ظاهرة الإرهاب من جذورها ولذا يأتي الدور السعودي ليمثل إضافة إلى ثقل الموقف العربي، فالأمير عبد الله معروف بمواقفه الداعمة للحقوق العربية إلى جانب أن الأمير يتمتع بمصداقية عالية وكبيرة على المستويين العربي والدولي، فالوزن السياسي للسعودية في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين لها يسمح بتقديم الجديد وبالحصول على مكتسبات عربية وأن العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية تقوم على أساس مصالح استراتيجية مشتركة للطرفين. والتأكيد على أن الرؤية السعودية تتسم بالاستمرارية والتواصل في عملية السلام ابتداء من رسائل الملك عبد العزيز إلى مبادرتي الملك فهد والأمير عبد الله بشأن دور المملكة في إقرار الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفي إقرار السلام العادل والدائم في المنطقة. تحركات سريعة وعلى مستوى مضمون ما يبحثه ولي العهد في الولاياتالمتحدةالأمريكية فيؤكد المراقبون أن المملكة العربية السعودية لا تألو جهداً في تقديم كل العون والمساعدة للقضية الفلسطينية وطوال تاريخ المملكة المجيد قدمت العديد من المبادرات والمساهمات الجادة للقضية الفلسطينية بما يخدمها ويخدم كافة القضايا العربية ومبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز للسلام التي تبنتها القمة العربية في بيروت دليل مؤكد على أن المملكة تساهم مساهمة فعالة في خدمة القضية الفلسطينية وكذلك المساهمة الفعالة في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق وتأكيدها على أن ينعم الشعب العراقي بالأمن والأمان وسرعة انسحاب الاحتلال من أرض الرافدين خاصة بعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. فتعبر زيارة ولي العهد عن عمق إيمان المملكة الراسخ بالقضايا العربية وأنها لا تألو جهداً في تقديم كل العون والمساعدة لها منها، فالزيارة تهدف إلى تحريك الموقف الأمريكي خاصة بعد اتساع الفجوة بين أمريكا والدول العربية التي أصيبت بصدمة وخيبة أمل في الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل. واختلاط الحقائق بالأباطيل ومن هنا تأتي الزيارة لكشف هذا الالتباس وتصحيح الصورة وجعل الموقف الأمريكي يتحرك نحو سرعة إنجاز السلام وهذا يتأتى من الموقف الثابت والراسخ للمملكة العربية السعودية تجاه القضايا العربية والإسلامية. ويرى المراقبون أن أهم ما في زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبد العزيز إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية هو في العمل على تمهيد الأرضية المناسبة لتحقيق السلام وكذلك تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ونجد أن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله يحمل القلق العربي إزاء القضية الفلسطينية وما يحدث في الأراضي المحتلة وأنه في غياب الضغط المؤثر على إسرائيل ستسود الفوضى ويتهدد الاستقرار كل شيء في المنطقة بما فيها مصالح أمريكا. وتلقى زيارة ولي العهد اهتماماً من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية وخاصة في ظل خطورة الأوضاع في المنطقة، كما أن الزيارة تنبه الإدارة الأمريكية إلى أهمية وضرورة علاقاتها مع الدول العربية مما يستوجب التدخل الفوري والسريع لإنقاذ الوضع من التدهور الحاصل في المنطقة. إنه ليس غريباً على المملكة العربية السعودية هذه المواقف وليس غريباً أن يبادر صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله وحمله للهم العربي، فهو صاحب تاريخ طويل في المبادرات والإسهام بجدية في خدمة وقضايا الأمة العربية والإسلامية، ففي الوقت الذي بدأ فيه الأمل يتلاشى تأتي زيارة ولي العهد لتعيد أجواء الأمل.