شرعت القوات العسكرية الجزائرية في حملة واسعة النطاق لبداية تجسيد دعوة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لإنجاح مشروع العفو الشامل الذي يهدف إلى إعادة الاستقرار والسلم المدني للبلاد، عبر تحكيم سياسة المصالحة والعفو لعودة منتسبي الجماعات المتطرفة للحياة المدنية، وتتمثل الإجراءات التي تقوم بها القوات العسكرية هذه الأيام في نشر وتوزيع مناشير سياسية ودينية تشجع على التوبة والعودة إلى الحياة المدنية، والضمانات المادية والمعنوية المكفولة للتائب بعد عودته إلى حضن المجتمع، وقد تم نشر هذه المواد وتوزيعها في المناطق التي تعتبر (معاقل) لبقايا الارهابيين في جبال (جيجيل) وجبال (جرجرة)، وذلك باستخدام طائرات حوامة شوهدت وهي ترمي (رسائل السلم المدني) - حسبما ذكرت مصادر صحفية جزائرية -، وتؤكد هذه العملية استعداد الدولة الجدي للمضي قدما في سياسة المصالحة والصفح أملا في تلبية اولئك المغرر بهم والاستفادة من فرص (التوبة المتاحة) التي يقرها المشروع. وتتضمن المناشير على آيات قرآنية واحاديث شريفة تعلي من شأن الصفح والتسامح وتدين العنف والإرهاب، حيث تستهل الرسالة بآية من سورة المائدة {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}. كما تنص الرسالة على أن القيادة الجزائرية لم تبخل على ابنائها الذين أخطأوا في حقها وارتكبوا ضدها ابشع الجرائم، حيث ظلت فاتحة ابوابها لهم منذ بداية (قانون الرحمة، ثم الوئام المدني، الهادفين إلى وقف نزيف الدماء وعودة السلم واستعادة الوئام) ثم تمضي الرسالة في ضرورة تتويج تلك المحاولات بمشروع العفو الشامل الذي يعيد (الضالين) إلى طريق الصواب ويفتح بابا جديدا لمجتمع متسامح ومتصالح مع ذاته والآخر. وعلى صعيد آخر ذكرت - مصادر صحفية جزائرية ? ان بعض قيادات حزب (الجبهة الاسلامية للانقاذ) المحظور، بالخارج بصدد تحضير مبادرة سياسية لدعم الرئيس بوتفليقة في سعيه لتجسيد المصالحة الوطنية ووقف غرق الدماء وإعادة إدماج (المغرر بهم) في المجتمع كاشخاص تائبين. وذكرت (صحيفة البلاد) اليومية، أن قيادات (الفيس) بالخارج قد اكدت انها تعتبر الرئيس بوتفليقة، (مرجعا يحتكم اليه في حل الأزمة السياسية التي لا زالت تطل بظلالها على الجزائر). ومن ناحية أخرى تحدثت مصادر مختلفة عن أن التقرير الذي أنجزته (اللجنة الخاصة بالتحقيق في حوادث الاختفاء الذي تعرض له المدنيون خلال سنوات الأزمة)، والتي قدمت تقريرها للرئيس بوتفليقة يوم الخميس الفارط، قد تضمن الإشارة إلى مسؤولية قوات الأمن عن بعض التجاوزات التي ارتكبت بحق المدنيين والتي تصل إلى حد اختفاء 6146 من المدنيين بتهمة الانتماء إلى الجماعات المتطرفة أو التعاون معها، إلا أن التقرير وحسب - ذات المصادر - الذي أعد برئاسة المحامي فاروق قسنطيني قد أكد في الآن نفسه (أن قوات الأمن قد تصرفت من تلقاء نفسها دون اوامر من الجهات المسؤولة في الدولة). وينتظر ان يقترح الرئيس بوتفليقة إجرءات عملية لتعويض المتضررين من الأزمة، في إطار مشروع العفو الشامل الذي ينص على التعويض الا أنه لا يحدد آلية وكيفية التعويض والمبالغ التي ستخصص لهذه العملية. وعلى ذات الصعيد - علمت (الجزيرة) من مصادر مطلعة أن الجزائر ستستقبل قبل نهاية الشهر الجاري الرئيس الجنوب افريقي السابق (نيلسون مانديلا) الذي سيحل ضيفا عليها، بدعوة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وذلك في إطار الترويج للمصالحة الوطنية ومشروع العفو الشامل حيث تعتبر جنوب افريقيا من الدول التي حققت نجاحا في مجال استعادة السلم المدني وتحكيم سياسة العفو والمصالحة بعد سنوات طويلة من العنف في إطار سياسة الابارتايد العنصرية التي استهدفت سكان جنوب افريقيا الاصليين. وينتظر أن يعقد مانديلا عددا من الندوات التوضيحية حول السياسة التي اتبعتها بلاده لتحقيق وتجسيد المصالحة واستعادة السلم، كما ينتظر أن يعقد جملة من اللقاءات مع الأحزاب والتشكيلات السياسية الفاعلة بالجزائر.