وجدت الولاياتالمتحدة أن مطالبتها بمحاكمة مرتكبي فظائع في إقليم دار فور تدفع بها من حيث لا تدري إلى مأزق حيث طلبت فرنسا التصويت على مشروع قرار بتقديم المعنيين إلى محكمة العدل الدولية وهي المحكمة التي ترفض واشنطن اللجوء إليها، وتتطلع بدلا من ذلك إلى محاكم أخرى، وفي هذا الوقت ظهرت مخاطر جديدة على الوضع في ذلك الإقليم بغرب السودان يتمثل في وباء التهاب السحايا الذي تقول الأممالمتحدة: إنه تم رصد عدة إصابات به. وفيما يتصل بالتحرك الفرنسي في مجلس الأمن فإن المشروع المقدم بصدد المحاكمات ويستثني مواطني أي دولة لم تصدق على المعاهدة المؤسسة للمحكمة ومقرها لاهاي مثل المواطنين الأمريكيين من المحاكمة في أي عملية للأمم المتحدة في السودان. ومن المتوقع أن تكون مناقشة المشروع الفرنسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد بدأت مساء أمس. وقامت الولاياتالمتحدة يوم الثلاثاء بتجزئة مشروع قرارها عن السودان إلى ثلاثة أجزاء، وذلك في محاولة لاجتياز مأزق في مجلس الأمن بشأن السودان، وقررت طلب إجراء تصويت بشأن الجزء الخاص بقوة قوامها عشرة آلاف جندي لحفظ السلام في جنوب السودان وهو الجزء الوحيد من المشروع الذي يكاد يكون مؤكدا الموافقة عليه. وسيرجئ ذلك البت في البندين الخاصين بالصراع في دارفور وأحدهما يعرض ثلاثة خيارات بشأن مكان محاكمة المشتبه بارتكابهم جرائم حرب والثاني يقضي بفرض عقوبات تستهدف زعماء الحكومة والثوار المتورطين في القتال هناك. وقال دبلوماسيون: إن نحو عشرة من أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر يؤيدون المشروع الفرنسي وهو ما يضع واشنطن في خيار صعب، فإما الامتناع عن التصويت لتسمح بذلك بإجازة مشروع كانت قد تعهدت بمقاومته او الاعتراض عليه بحق النقض (الفيتو) مما يمنع من شن حملة على ما تزعم الولاياتالمتحدة انه إبادة جماعية. وقد أوصت لجنة تحقيق دولية تشكلت بطلب من المجلس بأن المحكمة الجنائية الدولية وهي أول محكمة دائمة في العالم للمحاكمة في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع والإبادة الجماعية باعتبارها أفضل مكان لمحاكمة المشتبه بهم في دارفور غير أن الحكومة الأمريكية اقترحت بديلا لذلك محكمة جديدة تابعة للأمم المتحدة وافريقيا، ثم اقترحت نيجيريا رئيس الاتحاد الافريقي محكمة خاصة تنظر في جرائم الحرب وترعى المصالحة في السودان. وتخشى واشنطن أن يصبح مسؤولوها وجنودها العاملون في الخارج أهدافا لمحاكمات ذات دوافع سياسية مما يعرضهم للمحاكمة أمام المحكمة الدولية وهي لذلك لم تصادق على نظام هذه المؤسسة، وبالتالي لن يتم محاكمة أي مواطن أمريكي أمامها.. ومن جانب آخر قالت مسؤولة بالأممالمتحدة: إن المنظمة الدولية أعلنت تفشي مرض التهاب السحايا في ولاية شمال دارفور المضطربة في السودان مع وجود 27 حالة مشتبه بها وحالتي وفاة. وقالت راضية عاشوري المتحدثة باسم الأممالمتحدة للصحفيين في الخرطوم يوم الأربعاء: إنه جرى تشخيص أربع حالات إصابة بمرض التهاب السحايا البكتيري في مخيم صرف عمرة الذي يأوي الفارين من القتال في دارفور. وظهرت ثلاث حالات منها في أسبوع واحد. وأضافت (تم طلب حوالي 160 ألف جرعة من الطعوم المضادة لالتهاب السحايا من منظمة الصحة العالمية في جنيف). وكان وزير الصحة السوداني حذر في الأسبوع الماضي من أنه يتوقع تفشي وباء التهاب السحايا في السودان وقال: إن الحكومة قامت بتخزين الطعوم للتعامل معه، ويصيب التهاب السحايا السائل الموجود في العمود الفقري والسائل المحيط بالمخ، والتهاب السحايا البكتيري هو الصورة الأسوأ التي قد تسفر عند حدوث تلف في المخ، وربما تؤدي إلى الوفاة، وفر حوالي مليونين من القتال الدائر بسبب تمرد مستمر منذ عامين في دارفور إلى مخيمات مؤقتة، ويمكن لأمراض مثل التهاب السحايا أن تنتشر بشكل يخرج عن نطاق السيطرة في مخيمات اللاجئين المكتظة. وقالت عاشوري: إنه وردت تقارير كذلك عن حالات دوسنطاريا (زحار) في مخيمات بولاية جنوب دارفور أقيمت حول العاصمة نيالا، وبدأت هيئات المعونة حملة لمنع انتشار الإسهال المصحوب بنزيف دموي.