تتواصل الانفراجات في مسألة دارفور، وخاصة في العلاقة بين حكومة الخرطوم ومنظمة الأممالمتحدة، التي اعترفت بالتعاون الكبير الذي تبديه السلطات السودانية وتعاملها الجيد لتنفيذ اتفاقية السلام وتحسين الوضع الأمني والإنساني في دارفور. المتحدثة باسم السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان قدمت شهادة منصفة لتعاون الحكومة السودانية التي تقوم بواجبها تجاه أبناء شعبها في إقليم دارفور، وذكرت السيدة راضية عاشوري في تصريح نُشر في الخرطوم، أن حكومة السودان تعرف مصلحتها ومصلحة بلادها، وأن الأممالمتحدة تحس بتعاون كبير من قبلها. السيدة عاشوري تحدثت عن نقطة بالغة الأهمية في إشارتها إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593 القاضي بإحالة متهمين سودانيين بارتكاب جرائم في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأوضحت نقطة هامة وهي أن مسألة المحاكمات للمتورطين في الجرائم التي اُرتكبت في إقليم دارفور أصبحت تخص السلطات السودانية والمحكمة الجنائية الدولية، وهذه مسألة يحسمانها سوياً والأممالمتحدة ليس لها أي دور، إلا أنها كشفت عن نقطة قانونية مهمة بقولها: (إنه إذا قامت الحكومة السودانية بمحاكمة المتهمين في السودان فإن محكمة الجزاء الدولية لا يسمح اختصاصها بإعادة محاكمتهم لأنه لا يمكن أن يُحاكم شخص على نفس التهمة مرتين). هذا القول من قبل موظف أممي كبير يوضح كثيراً من اللبس، ويزيح عن كاهل الحكومة السودانية الضغوط التي تمارسها القوى الخارجية بالترويج لسيناريوهات العقوبات ضد الشعب السوداني، كما أن هذا القول سيشكل حافزاً للحكومة السودانية للبدء في إجراءات محاكمة المتهمين الذين، وبغض النظر عن القرار الدولي والتهديد بالعقوبات، يجب أن يجدوا العقاب الذي يتناسب مع جرائمهم في حق السودانيين الأبرياء في إقليم دارفور وبحق كل شعب السودان الذي ستناله العقوبات لولا التعامل الدبلوماسي والسياسي الجيد للحكومة السودانية التي أحسنت التعامل مع هذا الملف، وعليها أن تكمل نجاحها بإجراء تفاوض مباشر مع المدعي العام للمحكمة الجزائية الدولية، والتفاهم معه لتصفية هذا الموضوع بشكل مرضٍّ، بعد أن تجري محاكمة عادلة لا تستثني منها أي متورط في ارتكاب الجرائم التي أدمت قلوب السودانيين قبل المتباكين من القوى الخارجية التي تريد استثمار مآسيهم لزيادة آلام السودانيين.