توقعت المفوضة الأعلى للأمم المتحدة للاجئين ويندي شامبرلن مستقبلاً قاتماً لملايين المدنيين النازحين من ديارهم في إقليم دارفور في السودان ودعت إلى زيادة عاجلة في المساعدات الدولية. وقالت شامبرلن لوكالة الصحافة الفرنسية إن "هناك عدداً كبيراً من السكان الذين يعتمدون كلياً على المجتمع الدولي ولكن المساعدات المالية لا تأتي". وأضافت بعد زيارة للسودان أن "الحكومة السودانية تبذل قصارى جهدها من اجل إعادة الناس إلى منازلهم. لكن كل الذين تحدثت إليهم يعتقدون بأن الأوضاع الأمنية لا تسمح لهم بالعودة". وتابعت انه "لا يتم الرد على النداءات التي توجه من أجل مزيد من المساعدات ولا أرى حلاً على المدى القصير في دارفور". وتقدم المفوضية العليا للاجئين مساعدات إلى نحو مليوني نازح تركوا قراهم في إقليم دارفور منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من عامين إضافة إلى مئتي ألف لاجئ في تشاد. وأكدت شامبرلن أن المفوضية العليا للاجئين تلقت حتى الآن مليوني دولار فقط من اصل 30 مليوناً تحتاجها لتمويل عمليات الإغاثة حتى نهاية العام. وقالت الأممالمتحدة إن إقليم دارفور يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم في الوقت الراهن. برنامج الغذاء العالمي من جهة أخرى، حذر برنامج الغذاء العالمي من نقص المواد الغذائية في دارفور بسبب قلة المعونات المالية وأعلن انه سيضطر للمرة الأولى الى خفض الحصص اليومية من المساعدات التي يقدمها، باستثناء الحبوب، بمقدار النصف. وقال المتحدث باسم برنامج الغذاء العالمي بيني فرغسون للصحافيين "بسبب نقص كبير في التمويل، سيضطر البرنامج إلى أن يخفض بمقدار النصف اعتباراً من 1 أيار مايو المقبل الحصص اليومية من المساعدات باستثناء الحبوب التي يقدمها لأكثر من مليون شخص". وتقول منظمات الإغاثة إن أعمال القتل والاغتصاب ما زالت مستمرة في دارفور حيث تجد قوة صغيرة من الاتحاد الأفريقي صعوبة في إعادة الأمن. وتفيد تقارير أن نحو 300 ألف شخص لقوا مصرعهم في دارفور حيث قمعت الحكومة والميليشيات العربية الموالية لها تمرداً لأقلية إثنية أفريقية. وقرر مجلس الأمن الدولي مطلع نيسان أبريل الحالي محاكمة المتهمين بجرائم حرب في دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية وهو ما أعلنت الحكومة السودانية رفضها التام له. غير أن نائب وزيرة الخارجية الأميركية روبرت زوليك قال بعد زيارة للخرطوم أخيراً إن عملية السلام في دارفور "تتحرك إلى الأمام". وأبدى زوليك قلقه من احتمال تراجع الدعم الدولي لمنطقة دارفور السودانية قبل أن يتمكن النازحون المكدسون داخل مخيمات هرباً من القتال من العودة إلى ديارهم. وزار مخيماً للنازحين ليؤكد عودة استراتيجية أميركية تضغط لإنهاء الصراع بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور، الذي تسبب بمقتل عشرات الآلاف وإجبار مليونين على الهرب من منازلهم منذ عام 2003. ويعتبر مخيم أبو شوب واحداً من أفضل المخيمات المنظمة للمجتمع الدولي واستوعب نحو 40 ألف فرد عندما فتح أبوابه في حزيران يونيو الماضي قبل أن يزيد العدد إلى الضعفين. ويقول مسؤولون وعمال إغاثة ان مزيداً من الأشخاص يتدفقون عليه طوال الوقت. ورحب زوليك بالتعهدات المالية التي وعد المانحون بتقديمها خلال اجتماع في أوسلو قبيل زيارته إلى السودان للمساعدة في تعزيز اتفاق سلام في جنوب السودان ينهي 20 عاماً من الحرب الأهلية. وطالب بوعود مماثلة لمنطقة دارفور في غرب السودان لإنهاء الصراع فيها. وعن المساعدات الأميركية والدولية للجهود الإنسانية في دارفور قال زوليك: "علينا أن نستمر من دون انقطاع". وأضاف للصحافيين "لكن ما يقلقني هو... إذا استمرت أزمة دارفور هل سينحسر التأييد؟". مؤتمر أوسلو وكان منظمو مؤتمر الدول المانحة للسودان صرح بأن المؤتمر الذي استغرق يومين بهدف جمع بلايين الدولارات لدعم عملية السلام في السودان حقق هدفه. وقالت وزيرة التنمية الدولية في النروج هيلدا فرافشورد جونسون "إن الأمر يبشر بالخير تماماً بالنسبة الى تحقيق هدف جمع 2.6 بليون دولار أثناء هذا المؤتمر". وقالت أمام ممثلي نحو 60 دولة ومنظمة دولية تجمعوا في العاصمة النروجية أوسلو" بطبيعة الحال لم يجر الانتهاء بعد من جردة الحساب للمبلغ ولكن يبدو في هذه المرحلة أننا سنحقق الهدف النهائي". وكانت تقارير إعلامية ذكرت إن المشاركين في المؤتمر تعهدوا بدفع ما يزيد على بليوني دولار خلال اليوم الأول للمؤتمر. ويطالب السودان المجتمع الدولي بمساعدات قدرها 2.6 بليون دولار على مدى ثلاث سنوات. ومن المنتظر أن تقدم الأممالمتحدة مساعدات إنسانية تصل قيمتها إلى 1.5 بليون دولار. التهاب السحايا والإيدز وفي بداية الشهر الحالي، قالت مسؤولة في الأممالمتحدة إن المنظمة الدولية أعلنت تفشي مرض التهاب السحايا في ولاية شمال دارفور مع وجود 27 حالة مشتبهاً بها وحالتي وفاة. وقالت المتحدثة باسم الأممالمتحدة راضية عاشوري للصحافيين في الخرطوم انه جرى تشخيص أربع حالات إصابة بمرض التهاب السحايا البكتيري في مخيم صرف عمرة الذي يأوي الفارين من القتال في دارفور. وظهرت ثلاث حالات منها في أسبوع واحد. وأضافت: "طلبنا نحو 160 ألف جرعة من اللقاحات المضادة لالتهاب السحايا من منظمة الصحة العالمية في جنيف". وكان وزير الصحة السوداني حذر من أنه يتوقع تفشي وباء التهاب السحايا في السودان، وقال إن الحكومة قامت بتخزين اللقاحات للتعامل معه. ويصيب التهاب السحايا السائل الموجود في العمود الفقري والسائل المحيط بالمخ. والتهاب السحايا البكتيري هو الصورة الأسوأ التي قد تسفر عن حدوث تلف في المخ وربما تؤدي إلى الوفاة. وكانت منظمة الصحة العالمية أجرت آخر مسح لمعدلات الوفيات في آب أغسطس 2004 وقالت فيه إن زهاء 10 آلاف يموتون في المخيمات كل شهر. وأثار غياب معلومات حديثة تكهنات بأن ما يراوح بين 70 ألفاً و300 ألف لقوا حتفهم. وقال مسؤول وكالة تابعة للأمم المتحدة أمام صحافيين في رومبك، العاصمة الموقتة لحركة التمرد الجنوبية السابقة، ان "مع وصول النازحين من الخرطوم، نخشى من انتشار الإيدز". مضيفاً أن العودة المتوقعة لملايين من النازحين والمهجرين في منطقة تعاني من نقص المرافق الصحية والتعليمية إضافة إلى انتشار ممارسات كختان الإناث وتعدد الزوجات، "كلها عوامل تساعد على انتشار الإيدز". كما يخشى أن يؤدي نشر عشرة آلاف جندي أجنبي لحفظ السلام في جنوب السودان اعتباراً من تموز يوليو إلى تشجيع انتشار الإيدز. ويقول مسؤول الأممالمتحدة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه انه يخشى تكرار "التجربة الكمبودية" في السودان. وأدى نشر قوة كبيرة لحفظ السلام في بداية التسعينات في كمبوديا إلى ظهور الإيدز على نطاق واسع في بلد كان حتى ذلك الوقت بمنأى عنه بسبب عزلته. ولا تتوافر في جنوب السودان أرقام موثوقة حول انتشار الأمراض. ولكن المسؤولين في حركة التمرد السابقة يقدرون نسبة انتشار الإيدز بما بين أربعة إلى ستة في المئة من السكان. غير أن المنظمات الإنسانية تقدم نسباً أعلى من ذلك بكثير تصل إلى 30 في المئة بين المقاتلين السابقين. وهي نسبة يعترض عليها الجيش الشعبي لتحرير السودان. لكن وعلى رغم الخلافات، يتفق مسؤولو حركة التمرد السابقة والمسؤولون الإنسانيون على نقطة واحدة وهي أن الإيدز يشكل تهديداً كبيراً للمنطقة التي دمرتها الحرب.