قالت فرنسا أمس الخميس انها ستؤجل الى الاسبوع المقبل التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يحيل قضايا جرائم الحرب في منطقة دارفور السودانية الى المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي ترفضه الولاياتالمتحدة. ويخفف قرار التأجيل الضغط عن واشنطن التي كانت ستجد لزاماً عليها في حال طرح المشروع للتصويت في مجلس الأمن أن تختار بين استخدام حق الاعتراض الفيتو لمنع اعتماده في خطوة محرجة وبين القبول بمحكمة ترفضها من الأساس. وقال السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جون مارك دو لاسابلييه للصحافيين انه وافق على تأجيل طرح المشروع للتصويت بناء على طلب بعض الوفود التي تريد فسحة من الوقت لدرس نص المشروع. وبعد اسابيع من المساومات في شأن قرار شامل يتعلق بالسودان بلغ مجلس الأمن الدولي طريقاً مسدوداً في شأن مكان محاكمة مرتكبي فظائع اقليم دارفور في غرب البلاد. وكان مندوب فرنسا لدى الاممالمتحدة دو لاسابلييه قدّم الأربعاء مشروع قرار يحيل قضايا دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية وهي أول محكمة جنائية دائمة في العالم مثلما أوصى فريق خبراء تابع للامم المتحدة في كانون الثاني يناير الماضي. لكن الولاياتالمتحدة عرضت انشاء محكمة جديدة من الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي في تنزانيا، وهو اقتراح لم يحظ بتأييد يذكر حيث قال العديد من اعضاء المجلس ان المحكمة الجنائية الدولية هي وحدها التي لديها بالفعل محققون ضمن مجموعة العاملين المستعدين لبدء العمل على الفور. وتعترض ادارة الرئيس جورج بوش على هذه المحكمة التي شكلت في لاهاي لمحاكمة جرائم الحرب والابادة الجماعية والجرائم ضد البشرية. وهي تخشى من احتمال ان يواجه مواطنو الولاياتالمتحدة محاكمات لها دوافع سياسية. غير ان استخدام الولاياتالمتحدة لحق النقض الفيتو يمكن ان يرسل اشارة الى السودان بأن مسؤوليه وزعماء الميليشيات والمتمردين في مأمن من العقاب في دارفور حيث يتصاعد القتال وحيث قتل عشرات الالاف ونزح نحو مليونين عن ديارهم حيث يعيشون الآن في مخيمات ايواء. ومن غير المؤكد حتى الان ما اذا كان تسعة اعضاء في مجلس الأمن سيصوتون لمصلحة المحكمة الجنائية الدولية وهو الحد الادنى اللازم لاقرار مشروع القرار في مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً. واذا لم تتوفر اصوات كافية فلن تضطر الولاياتالمتحدة الى استخدام الفيتو. وقال ديبلوماسيون الاربعاء انهم يعتقدون ان عشر دول على الأقل تؤيد مشروع القرار الفرنسي. وصدقت تسع دول في مجلس الأمن على معاهدة انشاء المحكمة الجنائية الدولية وهي الارجنتين وبنين والبرازيل وبريطانيا والدنمارك وفرنسا واليونان ورومانيا وتنزانيا. وكانت ادارة الرئيس جورج بوش في طليعة الدول التي تحاول اتخاذ اجراء ازاء السودان وسعت الى كسر الجمود يوم الثلثاء من خلال تقسيم مشروعها الاصلي الى ثلاثة اجزاء. ويقضي الجزء الأول بتشكيل قوة لحفظ سلام قوامها عشرة الاف فرد لمراقبة اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه في كانون الثاني بين الخرطوم ومتمردي الجنوب وانهى حرباً أهلية استمرت 21 عاما. ويدعو الجزء الثاني الى فرض حظر صارم على مبيعات الاسلحة وحظر السفر وتجميد ارصدة افراد سيشار اليهم بالاسم في وقت لاحق. لكن الصين وروسيا والجزائر تعارض ذلك. ويقدم الجزء الثالث خيارات لمناقشات في المستقبل في شأن مكان نظر هذه القضايا وهل يكون المحكمة الجنائية الدولية أو المحكمة التي اقترحتها الولاياتالمتحدة في تنزانيا أو هيئة افريقية"للعدالة والمصالحة"مثلما اقترحت نيجيريا في الاونة الاخيرة.