لم تعد مشكلة الإرهاب من المشاكل العابرة، أو التي يقتصر أذاها على فئات أو حكومات بعينها، ولكنها أصبحت تشكِّل خطراً ماحقاً على الدول قاطبة تستهدف أفرادها وأمنها واقتصادها للنيْل منها بعد أن تتجرَّد من أسباب قوتها ومنعتها، وتصبح لقمة سهلة لتحقيق مطامع مشبوهة. وينتمي الإرهاب إلى قائمة الأفعال الإجرامية، وقد اتفق على تحديد هويته بالاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب المعتمدة من قِبل مجلس وزراء الداخلية العرب في المادة الأولى، الفقرة الثانية: (كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أنفسهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر). وعلى هذا فقد فرض الحال أن ينشط العمل لإقامة إستراتيجية منظَّمة ومدروسة قادرة على التصدي ومواجهة الإرهاب، وإيقاع الهزيمة بالفئة الضالة المضللة، أعداء الله والدين والشعوب. ومن هذا الفهم الجاد والمخلص للمسألة برمتها أطلق صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية عنوان إستراتيجية واعية تتلخص بمسألتين: (المعالجة الوقائية، والردع الدفاعي). والمعالجة الوقائية هي الأساس في تأسيس التصدي لظاهرة الإرهاب، ولا تقتصر على وضع خطط المواجهة، بل تبحث عن الأسباب والجذور لاجتثاثها والقضاء عليها وتخليص المجتمع من ويلاتها، إضافة إلى تحصين المجتمع السعودي من خلال أفراده في فهم رسالة الإسلام على حقيقتها، وإزالة الأسباب السلبية (الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والتثقيفية والتأهيلية) التي تساعد على نموّ هذه الظاهرة عبر استغلال ذوي الحاجة والجاهلين بعلوم دينهم ودنياهم والمحتاجين لتضليلهم واستعمالهم في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية. والردع الدفاعي هو ما تنتهجه المملكة بالتصدي بحزم ومسؤولية في مواجهة الأعمال الإرهابية التي حققت من خلال وعي وإخلاص وتضحيات المواطنين ورجال قوى الأمن انتصارات مشكورة. وتثبت المملكة العربية السعودية في كل وقت بأنها الأحرص على حماية مواطنيها ومكاسبها، والأهم على الإطلاق قدرتها على المحافظة على موقعها الروحي كممثلة لحصن الإسلام المستهدف أولاً وأخيراً من وراء العمليات الإرهابية، وهي تثبت في كل وقت أن الإسلام بريء من كل التهم وأنه دين الرحمة والعدل والمساواة والرأفة، ودين التسامح. ولا بد أن نكون جميعاً على مستوى الوعي وإدراك ما يُحاك لنا بالخفاء، ولا بد أن تكون الأسرة هي المؤسس الأول للمعرفة، وتحصينها يبدأ من تحصين الفرد لنفسه ولأبنائه وأقاربه لنكون جميعاً سداً منيعاً في وجه الإرهاب، وأن نكون على مستوى الأحداث. فاكس 014803452 [email protected]