وليس كل مثقف أكاديمياً.. فالثقافة هي فن التعاطي والفاعلية مع الحراك بكافة أشكاله.. ** والذي يحدث في واقعنا الثقافي هو سطوة الأكاديميين غير المبررة على منابر الثقافة دون أن يكون لديهم ما يؤهلهم إلا شهادات عليا حصلوا عليها إثر بحث ودراسة في حقل معين.. ** هذا عدا ان بعض الأكاديميين ذكوراً وإناثاً قد توقفوا عن البحث والقراءة منذ عقود من السنوات حيث يشغلون وظائف إدارية انقطعوا على إثرها عن مواصلة قراءاتهم.. ولكن أسماءهم بقيت مكرسة ومهيمنة على الأجواء الثقافية التي انفض عنها الجمهور لتكرارها ولضعف إعدادها.. ** لن نختلف في أهمية التخصص والتأهيل العالي التي تمنح للأشياء والمجالات قيمتها فمن المؤكد أن أحضر محاضرة عن الاقتصاد لمختص في الاقتصاد وأكثر قيمة من ان يكون المتحدث فيها مهتماً بالموضوع أو متابعاً أو خلافه. وكذلك الأمر في الطب وفي اللغة وفي علم النفس وغيرها من الموضوعات العلمية البحتة.. التي تحتاج لتأهيل وتخصص في ذات المجال.. لكن في الموضوعات الثقافية التي تناقش حراك المجتمع وقضاياه وواقعه والتأملات في مستقبله.. في المناسبات الثقافية.. نحن بحاجة إلى مثقفين ومثقفات يقدمون الرؤية الأكثر صدقاً في مجتمعاتهم.. وفي الأكاديميين الكثير من المثقفين الفاعلين بالمعنى الدقيق للثقافة، وحديثي اليوم لا يشملهم لا من قريب أو بعيد.. إنني أتحدث عن الأكاديميين القادمين من تخصصات بعيدة دون ان يملكوا أدوات معرفية وثقافية تعينهم على جذب الجمهور للمنابر التي يعتلونها.. أولئك الذين يكتفون من القراءة بالمرور على عناوين الصحف في مكاتبهم الفارهة المعبأة بالورق والمعاملات.. ** في آخر مناسبة ثقافية تحدثت إحدى الأكاديميات طالبة من الناس أجمعين أن يفصلوا (الدشوش) عن بيوتهم إذا أرادوا لأبنائهم صلاحاً.. يبدو لي ان المتحدثة تعيش في أجواء من كانوا أو لا زالوا يحذرون من الدشوش بينما الناس يتسابقون في صعود أسطح منازلهم ليثبتوا الصحون التي منحتهم فرصة إلى حيث أرض الله الواسعة المتماوجة بكافة الآراء وتعددها وسماحتها ويسرها ليعلموا بعدها أن الله جميل وهبهم حياة جميلة. [email protected]