صوّر جنود أمريكيون في العراق فيلماً لأنفسهم وهم يركلون أسيراً في الوجه رغم ما يعانيه من إصابة بالغة ويجعلون يد جثة تبدو وكأنها تلوح، ثم أطلقوا على العمل (جنون الرمادي)، حيث وقعت الأحداث. وصوّر جنود من الحرس الوطني من ولاية فلوريدا هذا الشريط الذي كشف النقاب عنه مساء الاثنين وبعد ذلك نقحوه وجمعوه في قرص (دي.في.دي) في يناير كانون الثاني من عام 2004م. وقد حملت العديد من أجزاء الشريط عناوين مثل (هؤلاء المخادعون أولاد الحرام الصغار) و(يوم آخر.. مهمة أخرى.. كيس حثالة آخر). وقد خدمت هذه الوحدة في مدينة الرمادي التي تقطنها أغلبية سنية وتقع على بعد 70 كيلومتراً تقريباً إلى الغرب من بغداد قبل أن تعود إلى بلادها منذ عام. وكشف النقاب عن هذا الشريط ضمن وثائق عسكرية حصل عليها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بناءً على أمر قضائي صدر بناء على قانون حرية الحصول على المعلومات. ولم تكشف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن الشريط قائلة: إنها اعتقدت أنه دمر. إلا أن صحيفة ذا بالم بيتش بوست التي تصدر في فلوريدا حصلت على التسجيل ونشرت بعضاً من محتوياته على موقعها على الإنترنت مساء الاثنين. وحصل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية على آلاف الصفحات من الوثائق من البنتاجون وقال: إنها تظهر نمطاً من الإساءات الواسعة النطاق التي ارتكبها جنود بحق المحتجزين في العراق. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية: إن الجنود الذين ظهروا في الشريط الجديد لن يواجهوا تهماً جنائية. وظهر في جزء من التسجيل سجين مصاب ومقيد وممدد على الأرض وقد ظهر موضعا دخول وخروج الرصاصة في جسده. وفي إحدى المراحل ركله جندي أمريكي في وجهه. ونقلت وثائق الجيش عن أحد الجنود في الموقع (اعتقد أن الرجل مات في النهاية.. لم نتعجل استدعاء المسعفين). وفي جزء آخر من الشريط يمسك جندي بذراع سائق شاحنة مات لتوه بعد إطلاق النار عليه ويجعلها تلوح أمام الكاميرا.. ولم يتضمن الشريط الأحداث التي سبقت التسجيل. وقالت الصحيفة: إن الجنود الأمريكيين أوقفوا الشاحنة وأمروا السائق بالنزول إلا أنه عاد إلى المركبة وقادها مسرعاً فأطلق عليه الجنود النار. وأضافت الصحيفة أن الباب الخلفي للشاحنة والذي كان مفخخا انفجر. وأظهرت وثائق كشفت عنها وزارة الدفاع الأمريكية أن المحققين الجنائيين في الجيش بحثوا الأمر وقرروا عدم توجيه أي تهم جنائية للجنود نظراً لأن الجيش اعتبر ما تضمنه التسجيل أموراً (غير لائقة) وليست جنائية. وقال المحامي جميل جعفر من الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: إن الوثائق العسكرية أوضحت أن جندياً دمر اسطوانات تحتوي على تسجيلات لتجنب وصولها إلى وسائل الإعلام. ورجح ضابط برتبة كولونيل أن يقوم رؤساء الوحدة بتدمير نسخ التسجيلات. وأضاف جعفر (يصعب عليَّ فهم عدم تحميل أحد مسؤولية هذه الانتهاكات بحق السجناء.. ليس هناك ما يبرر ركل أسير حرب من الأعداء وهو مصاب وملقى على الأرض ويوشك على الموت). ومضى قائلاً: (من الواضح أن هناك أجزاء في الشريط غير لائقة لكنها ليست جنائية إلا أن هناك الكثير جداً من الأجزاء الأخرى التي يبدو أنها جنائية). وقالت ذا بالم بيتش بوست عبر موقعها على الإنترنت: إنها لم تنشر لقطات تظهر آثار عملية انتحارية مروعة، كما أنها استبعدت جزءاً من التسجيل الصوتي لما تضمنه من لغة بذيئة. ومن جهة أخرى رفض قاض عسكري طلباً لإسقاط تهم موجهة إلى سابرينا هارمان المجندة بالجيش الأمريكي وحدد موعداً في مايو أيار لمحاكمتها بتهم إساءة معاملة سجناء عراقيين في سجن أبو غريب. وكانت هارمان (27 عاماً) بين أفراد وحدة حراسة من الجيش الأمريكي في سجن أبو غريب ظهروا وهم يهينون سجناء عراقيين عرايا في صور أثارت غضب الولاياتالمتحدة وانتقادات العالم. وطلب محامو هارمان من القاضي العسكري الكولونيل جيمس بوهل إسقاط ثلاث من التهم الخمس الموجهة إليها والمتعلقة بإساءة المعاملة بدعوى أن السجناء ظهروا في بعض الصور وقد أخفيت وجوههم ولذلك لم يشعروا بالألم النفسي والمعاناة التي تحتاجها التهم للمحاكمة. ورفض بوهل حجة الدفاع على الأقل في الوقت الحالي قائلاً: (في هذه المرحلة فإنني بالتأكيد لن أوافق على إسقاط التهم). وحدد بوهل الثاني عشر من مايو موعداً لمحاكمة هارمان في فورت هود في وسط ولاية تكساس. والى جانب تهم إساءة المعاملة فان هارمان متهمة أيضا بالتآمر والتقصير في واجباتها وقد تواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى ستة أعوام ونصف العام في حالة إدانتها. وقالت في السابق: إن الحراس في سجن أبو غريب كانوا يحاولوا تحطيم معنويات السجناء حتى يمكنهم التحدث إلى المحققين.