إن وعي الأسرة يشكل خط الدفاع الأول ضد المشكلات البدنية والنفسية والاجتماعية ومن ثم ينتقل هذا الخط الدفاعي إلى المسجد والمدرسة والمؤسسة الرياضية وكذلك إلى أروقة الجهد الثقافي في المجتمع لتأصيل القيم الاجتماعية والإنسانية لأن ضعف المناعة النفسية والاجتماعية هو المحرض الرئيس لتعاطي المخدرات والوقوف بالمشكلات السلوكية. وقد تنتج تلك المشكلات من خلال اختلال اضطراب النظام الوظيفي للاسرة، ربما لجمود عملية التواصل بين الأبناء والوالدين، خاصة إذا كان هناك أبناء مضطربو الشخصية داخل الأسرة، وقد تصبح الأسرة غير قادرة على تحقيق الإشباع العاطفي للأبناء. إن العلاقات الأسرية في معظمها خادعة ومرتبكة وبالتالي لا تساند ولا تشجع النمو العقلي والعاطفي لكل فرد. وقد تصبح مشكلة المخدرات بمثابة عار تعيق الأسرة من التواصل بالآخرين. إن إساءة استعمال المخدرات والعقاقير تؤدي بالفرد إلى قصور في أداء وظيفته الاجتماعية واضطراب بالصحة النفسية والوجدانية، وعليه يصبح أداء الفرد داخل الأسرة مهملاً سواء على مستوى أدائه كابن أو كزوج. وفي هذه الحالة يصبح لدى الفرد قصوراً في مهاراته الاجتماعية ولا يستطيع تحقيق متطلبات الحياة العامة فيتسم إما بالاندفاع أو الانطواء، وهذا ما يجعل البحث عن المخدرات لدى هذه الفئة عاملاً للاستطباب من تلك السمتين اللتين يعاني منهما الانطواء أو الدونية لشخصه. إن الشخص المتعاطي يبحث عن مكانة اجتماعية لا يستطيع تحقيقها لوجود اضطراب في العلاقات الأسرية أو مع المجتمع المحلي فيضطر إلى البحث عن جماعات تحقق له أدنى مستوى من القبول وتكون قادرة على تجاوز أزمته. إن النفس مكنونة بمشاعرها، فقد تكون المخدرات أحد العوامل لاستطبابها فالذين يتصفون بالسلوك الاندفاعي نراهم يتعاطون المواد المنشطة لتقديم ذواتهم والدفاع عنها مع إنكار الواقع المعاش. وأقول إن مؤسسات التنشئة الاجتماعية - الأسرة والمسجد - يقوم على عاتقها العبء الأكبر نحو القضاء على آفة المخدرات بزيادة الوعي لتحصين السلوك، فالوعي قمة الهرم الدفاعي، لأن أبناءنا الذين لا يستخدمون المخدرات إنما يفعلون ذلك اقتناعاً بمواقفهم ضد المخدرات، هذا الاقتناع إنما يستقر نتيجة لثبات حصيلة سلوكهم وقيمهم وأخلاقهم. إن هذا الوعي يتطلب آلية لتعميق هذه القيمة وقد تبدأ من خلال القدوة الأب بصفته الوسيط الأول والذي تتوحد من حوله أعضاء الأسرة. نعم نستطيع أن نعلم أبناءنا سجايا وقيماً يستطيعون من خلالها اتخاذ القرارات التي تعتمد على الأخلاق لأنها تصبح عادة أكثر دقة وفائدة خاصة إذا أشبعنا أبناءنا الحب ليصبحوا أكثر اقتراناً بأسرهم. مساعد المشرف العام لمركز التأهيل النفسي