حول ما نُشر عن الطب والأطباء بالمملكة.. فمما لاشك فيه أن للطبيب السعودي دوراً كبيراً وفعّالاً في بناء وطنه كغيره من أبناء الوطن ولكن أهميته تزداد نوعاً ما وذلك راجعٌ لقلة أعدادهم.. بل لدرجة الندرة في بعض المناطق ولهذا فإنه يحظى بأهمية خاصة من قِبل القطاعات الصحية بشكلٍ عام ومن قِبل المرضى الذين يرون فيه أنفسهم بشكلٍ خاص. هذا الشح في عدد الأطباء السعوديين جعل منهم سلعة نادرة خصوصاً لدى القطاع الخاص في الخدمات الصحية من مستشفيات ومجمعات طبية لما يرونه من خلف ذلك الطبيب ولو كان حديث تخرج من أموالٍ طائلة.. ومن منّا نحن حديثو التخرج من لم يفاوضه أحد القطاعات الصحية الخاصة وعُرض عليه رواتب ونسب مغرية هي في الحقيقة لا تعني شيئاً أمام ما سيجنيه من وراء ذلك الطبيب.. وهذا كله فقط مقابل التعاون في استخدام اسمه كطبيبٍ سعودي ولا غير.. سواء كان ذلك بفتح المستشفيات أو العيادات أو الصيدليات أو المختبرات وإخراج التراخيص بأسمائهم أو التعاون في مجال فحص العمالة الوافدة الذي يتطلب وجود طبيب سعودي يقوم بالإشراف عليه اسمياً بلا دور يُذكر.. والشيء الذي يجعل هذا الطبيب ثروة تسير على الأرض هو أنه لا يمكن السماح له بمزاولة العمل في أكثر من مكان أي ألا يكون موظفاً حكومياً تابعاً لوزارة الصحة.. ولا يعمل متعاقداً مع أي مستشفى.. ولا يتبع لأي قطاعٍ آخر سواء كان خاصاً أو عاماً. الشروط التي وضعتها وزارة الصحة لذلك إنما هي في حقيقة الأمر لمصلحة المريض أولاً وآخراً ففرضت الطبيب السعودي على المستثمر لمنع أي نوعٍ من التلاعب أو الغش أو الإهمال أو الاستغلال للمريض.. وهذا ما جعل الطبيب السعودي هو الباب الوحيد أمام المستثمر الذي يرى من خلفه الذهب.. ولكنه عندما يعمل كمشرف على مركز العمالة الوافدة في أحد المستوصفات الخاصة مثلاً وهو في نفس الوقت ممنوع عن العمل في أي مكان آخر فإن الوطن أو وزارة الصحة بشكلٍ خاص تفقد طبيبا سعودياً خسر الوطن كثيراً في تعليمه وتأهيله ثم يعمل في مكانٍ ليس بحاجة ملحة إليه بقدر الحاجة الماسة لمستشفيات ومراكز صحية عامة تابعة لوزارة الصحة.. لأن الطبيب السعودي وبشهادة الجميع هو قوة إدارية وشخصية قيادية بالإضافة إلى قدراته وملكاته على فن التعامل مع المريض السعودي أفضل من غيره من الأطباء الأجانب الذين يفتقدون في معظم الأحيان إلى اللغة التي هي أهم وأول خطوة في علاج المريض.. فعمل الطبيب السعودي في القطاع الخاص وابتعاده عن المرضى الذين هم بأمس الحاجة إليه تحت إغراء القطاع الخاص بالرواتب والنسب والمميزات.. أقول إن عمله هذا إنما هو تجاهل طاقة وطنية كان يجب استغلالها بشكلٍ أفضل.ولتجنب ذلك كله فإنه يجب إعادة النظر في وضع الطبيب السعودي.. وأعتقد أن الحل الأمثل أن يسمح للأطباء بالعمل في القطاع الخاص والإشراف على خدماته بالإضافة إلى أعمالهم الأساسية في المستشفيات أو المراكز الصحية الحكومية.. حتى لو تطلب الأمر خصم بدل التفرغ الذي يأخذه الطبيب من وزارة الصحة.. وبهذا فإن كلاً من وزارة الصحة والقطاع الخاص والطبيب والمريض يكون قد استفاد من الطبيب السعودي بشكلٍ أو آخر.. الطبيب السعودي هو فعلاً ثروة غالية يستحقها الوطن ولكن يجب أن يُعطى الفرصة ليرد ولو جزءاً من الجميل إلى وطنه. د. عبدالعزيز النخيلان الشمري