في مثل هذا اليوم من عام 1968 بدأت أكثر معارك حرب فيتنام شهرة وإثارة للجدل في كي سان التي تقع جنوب المنطقة المنزوعة السلاح بأربعة عشر ميلاً، تبعد عن حدود لاوس بستة أميال. وكان مشادة البحرية الأمريكية قد استلوا على القاعدة قبل ذلك بعام وقاموا بتشغليها. وكانت فيما مضى موقعاً فرنسياً أمامياً. واستخدموها كمنطقة تجمع للدوريات الأمامية وكمنطقة انطلاق محتملة لشن عمليات مستقبلية مزمعة لقطع ذيل هوش منه في لاوس. وبدأت المعركة في هذا التاريخ بقصف متبادل عنيف بين الكتيبة الثالثة والكتيبة السادية والعشرين من مشاة البحرية الأمريكية من جهة وكتيبة فيتنامية شمالية تخندقت بين تلين يقعان إلى الشمال الغربي من القاعدة من الجهة الثانية. وفي اليوم التالي اجتاحت قوات فيتنامية شمالية قرية كي سان وفتحت مدفعية فيتنامية شمالية بعيدة المدى النار على القاعدة نفسها فأصابت مستودع الذخيرة الرئيس بها مما أدى إلى انفجار 1500 طن من المتفجرات. وأبقى وابل متواصل من النيران المدافعين عن كي سان من مشاة البحرية الأمريكية ملازمين لخنادقهم ومخابئهم. وبسبب الحاجة إلى إعادة تزويد القاعدة بالمؤن والإمدادات فلم ترغب القيادة العليا الأمريكية في الدفع بأي قوات أخرى ووضعت خطة للمعركة تستلزم القيام بقصف مدفعي وضربات جوية شديدة. وخلال الحصار الذي استمر ستة وستين يوماً، ألقت الطائرات الأمريكية 5000 قنبلة يومياً على المنطقة، وهو ما يعادل خمسة أضعاف حجم القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما. وبدأت عملية إنقاذ كي سان التي حملت اسم (الحصان المجنح) في أوائل شهر إبريل عندما اقتربت الفرقة الأولى من المحمولة جواً وكتيبة فيتناميةجنوبية من القاعدة من الشرق والجنوب بينما تقدم مشاة البحرية الأمريكية من ناحية الغرب لإعادة فتح الطريق رقم 9، وفي السادس من إبريل تم فك الحصار نهائياً عندما التقى جنود الفرقة الأولى المحمولة جواً برجال الفرقة التاسعة من مشاة البحرية جنوب قاعدة كي سان. وفي صدام نهائي وقع بعد ذلك بأسبوع، طردت الكتيبة الثالثة والكتيبة 26 من مشاة البحرية قوات العدو من التبة 881 باتجاه الرمال. وأكد الجنرال وليم وستمور لاند قائد القيادة الأمريكية المعاون في فيتنام بأن كي سان لعبت دوراً مانعاً حيوياً عند الطرف الغربي للمنطقة المنزوعة السلاح، وقال إنه لو كانت القاعدة قد سقطت لكانت القوات الفيتنامية الشمالية ستستطيع تطويق دفاعات مشاة البحرية على طول المنطقة العازلة. وأوحت بيانات عديدة في صحيفة الحزب الشيوعي الفيتنامي الشمالي أن هانوي نظرت إلى المعركة بوصفها فرصة لتكرار انتصارها الشهير في معركة دبان بيان فو عندما هزم الشيوعيون القوات الفرنسية في موقعة حاسمة انتهت الحرب فعلياً بين فرنسا والفيت منه. ودار جدل كثير حول معركة كي سان، حيث أدعى كلا الجانبين تحقيق النصر. وبرغم فشل الفيتناميين الشماليين في الاستيلاء على القاعدة، إلا أنهم زعموا أنهم أبطلوا مفعول كثير من الأسلحة والمعدات الأمريكية التي كان من الممكن أن تستخدم في مكان آخر في فيتنامالجنوبية. وهذا صحيح، ولكن الفيتناميين الشماليين فشلوا في كي سان في تحقيق النصر الحاسم الذي حققوه ضد الفرنسيين في ديان بيان فو. وادعى الأمريكيون من جانبهم أنهم حققوا النصر لأنهم احتفظوا بالقاعدة في مواجهة الهجوم الفيتنامي الشمالي. وفي الحقيقة أنها كانت معركة مكلفة بالنسبة لكلا الجانبين. وحسب التقديرات الرسمية فقد الأمريكيون 205 وإصابة أكثر من 1600 من مشاة البحرية (هذه الأرقام لا تتضمن الجنود الأمريكيين والفيتناميينالجنوبيين الذين قتلوا في معارك أخرى في المنطقة). وكانت تقديرات القيادة الأمريكية في سايجون أن الفيتناميين الشماليين فقدوا ما بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف جندي في القتال في كي سان.