إريتريا واحدة من دول قليلة للغاية استمر شبح الحرب الباردة يخيم عليها لفترة أطول من غيرها الأمر الذي حرمها من إقامة دولة مستقلة في الفترة التي كانت تحصل فيها دول إفريقيا على استقلالها، وذلك بسبب جارة قوية. كانت إريتريا الواقعة على البحر الأحمر ضحية دورها في الخمسينيات والستينيات عندما استضافت محطة أمريكية عملاقة للتنصت في أسمرة. وكان هوائي قاعدة التجسس في الغابة يلتقط جميع الاتصالات عبر الهاتف والراديو والرسائل البرقية حول إفريقيا والشرق الأوسط، كما كان يعمل على تيسير الاتصالات بين وزارة الدفاع الامريكية والغواصات النووية في المحيط الهندي والقوات الامريكية في فيتنام. وبسبب تلك الاهمية التي توليها واشنطن القلقة حينئذ من وقوع إريتريا في قبضة النفوذ السوفيتي عملت الولاياتالمتحدة على وضعها في اتحاد مع الوكيل الامريكي إثيوبيا في 1952. وضم الامبراطور هيلاسيلاسي إريتريا في 1962 مما أثار مقاومة مسلحة انتهت باستقلال إريتريا في 1991. واليوم فإن أصغر دولة افريقية مصممة على ألا تصبح مرة أخرى ألعوبة في يد قوة عظمى بعدما كلفها ذلك 70 ألف قتيل في الحرب من أجل الاستقلال. تقول إريتريا: إن هذا بالضبط هو ما تواجهه الآن في نزاع حدودي مع إثيوبيا وكان السبب الأساسي لحرب تفجرت بين البلدين بين عامي 1998 و2000. ويشتبه بعض المسؤولين الآن في أن الحرب على الارهاب قد تجعل المخاوف الاوروبية تصب في مصلحة إثيوبيا التي أرجأت تنفيذ اتفاقية سلام أبرمت في عام 2000. وينظر إلى إثيوبيا التي تعد ثاني أضحم دولة من حيث عدد السكان في إفريقيا جنوب الصحراء باعتبارها القوة الرئيسية في منطقة القرن الافريقي المضطربة كما أنها عنصر إقليمي مهم في الحرب التي تشنها واشنطن على الارهاب. وعلى الدوام يثير تصور انحياز الغرب لإثيوبيا الغضب في أسمرة حيث يجعلهم يستعيدون الذكريات السيئة. وقال يماني غبريمسكيل مستشار الرئيس أسياسي افورقي (عندما حصلت أغلب الدول الافريقية على استقلالها كانت اريتريا مرتبطة بإثيوبيا ضد إرادة الشعب وذلك بسبب مصالح أكبر). المجتمع الدولي لم يفعل شيئا، قلنا لهم (للدول الاخرى) لا نستطيع أن نكرر الخطأ مرتين. لا يمكن أن يعيد التاريخ نفسه. إننا الآن نمضي عبر سبل قانونية وأساليب دبلوماسية ويجب احترام هذه القضايا. ويشك المسؤولون الاريتريون في أن أكاذيب سياسية وراء إحجام الغرب عن معاقبة إثيوبيا لتأخرها في الانصياع لتسوية دولية للخلاف الحدودي.