الفكرة ليست أننا حينما نعتب على شخص ما نكنُّ له كل الحب والود،ليس حينما نعتب عليه شخصياً لعدم سؤاله عنّا أو اتصاله بنا، ليس لأننا نريد أن نحدثه كثيراً أو نضيع وقته أو نحمله ما لا يطيق أو نفرض أنفسنا عليه، أبداً، ولكن المسألة متعلقة بإحساسنا الداخلي. إحساسنا أنه منشغل عنّا في أمور يفترض ألا تكون كذلك! منشغل عنّا في وقت نحن أحوج ما نكون إليه! وقت نتمنى أن يكون فيه بجانبنا، إحساسنا أنه في الوقت الذي نشعر فيه أنه مُلكنا وحدنا، فإن هناك من يشاركنا فيه، بل إحساسنا أن هناك من هو أهم منا! بل شعورنا المؤلم أننا لم نعد في هرم اهتماماته كما كنا، بل في ذيل أولوياته! وهكذا نظن حينما نجد أنفسنا في مواقف لا نحسد عليها. ألم تشعر بهذا الشعور يوماً ما؟ بل ألم تتساءل وتقول لنفسك: ولمَ أنا بالذات أشعر بهذا الشعور المتعب؟ لمَ أنا بالذات أُعامل بهذه المعاملة المجحفة بحقي؟ بل الأكثر من ذلك ربما تساءلت: هل أنا مبالغ فيما أشعر به؟ إن حقيقة الأمر، أننا بشر من مشاعر وأحاسيس,, فكلمة واحدة,, حتى لو كانت مجاملة لطيفة,, ترفعنا عاليا في السماء من فرط سعادتنا بها لأنها ترفع من معنوياتنا وتشعرنا بأهميتنا وبقيمة عطاءاتنا ومكانتنا التي نبحث عنها هنا وهناك أحيانا، وكلمة أخرى تخسف بنا إلى قاع الأرض من شدة الإحباط والألم واليأس الذي تحدثه بداخلنا، وحتى لو كانت مزحة ثقيلة غير وقتها إلا أنها تشكل مضايقة كبيرة لنا تجعلنا نصمت برهة من الوقت، وكأن صدمة ما قد أصابتنا! والأكثر من ذلك أن هذه الكلمة التي تسعدنا وتفرحنا وتلك التي تحزننا وتبكينا قد يكون مصدرها إنسانا واحدا, وهذا بالمناسبة ليس له علاقة برجل أو امرأة أو مرتبط بعمر معين ولكن ربما تزيد الدهشة أكثر حينما يكون هذا الإنسان مقربا منّا وآخر من نتوقع أن يحدث منه هذا الشيء! ويبدو والله أعلم أن الإنسان حينما يحب بصدق ويتشرّب هذا الحب لمشاعره وأحاسيسه, وحينما يضحي أيضا بصدق في سبيل هذا الحب، وفي سبيل الوصول به الى أعلى درجاته الجميلة الطاهرة، والاستمتاع بكل لحظة فيه، يبدو أن الإنسان حينما يصل الى هذه المرحلة فإنه يتعب كثيراً ويصاب بالقلق من المستقبل لخوفه مما سوف يخبئه له وماذا سوف يكون حاله وكيف سيكون موقعه فيما بعد. وربما يكون أحد مصادر هذا التعب النفسي الذي ينعكس على الجسم أحيانا ربما يكون تلك الغيرة التي بدأنا نشعر بها، بل تلك الغيرة التي تمكنت منّا وأصبحت جزءاً من شخصيتنا في مواقف معينة ومع أشخاص محددين مما يجعلنا نتصرف بشكل مفاجىء متعجل أحياناً يحرمنا من متعة اللحظات الحلوة التي كان يفترض أن نستمتع بها ونعيشها لحظة بلحظة خاصة إذا ما عرفنا أن اللحظات الحلوة قصيرة ولا يجب أن نضيعها بتصرفات نابعة عن غيرة وإن كان مصدر هذه الغيرة هو الحب الصادق والحرص الشديد. إن هذه الحقائق عن النفس البشرية إن جاز التعبير يفترض أن تكون في اعتباراتنا أثناء ممارساتنا وتعاملنا مع الغير وبالذات أولئك الأشخاص الحساسون الذين يتصفون بشفافية مرهفة. والإنسان منّا بتجاهله لمثل هذه الأمور أو عدم درايته بها يخسر من حب الآخرين له، يخسر مساحة من قلوبهم كانت محجوزة أصلاً له! ويخسرها بحق حينما تتكرر منه تلك التصرفات التي أقل مايقال عنها أنها لاينبغي أن تكون مع الأشخاص العاديين أو الأغراب فكيف مع أعز الناس إليه وأقربهم إلى نفسه وألصقهم بروحه! أليس هذا ما يحدث أحياناً من تصرفاتنا مع أقرب الناس إلينا؟ أليس هذا ما يحدث حينما نندفع بسرعة دون أن نحاول فهمهم أولاً قبل أن نطلب منهم أن يفهمونا؟ إن هؤلاء الناس الذين نخسرهم يومياً، وهؤلاء الناس الذين قلّ اتصالهم بنا واحتكاكهم بنا، بحاجة لنوع من الاحتواء الذي يشعرهم أننا معهم بالفعل، معهم بقلوبنا وعقولنا وليس بألسنتنا وهز رؤوسنا. كم نحن بحاجة لمعرفة الكثير من المهارات التي تساعدنا في أن نفهم بعضنا بعضا بصورة أكثر مما هي عليه، بصورة تجعلنا نحترم ونقدر بعضنا ونراعي ظروفنا، بصورة تقربنا أكثر مما نحن عليه، بصورة تجعلنا صرحاء مع أنفسنا قبل أن نكون صرحاء مع الغير, بصورة تعطينا ثقة أكبر بأنفسنا وتقوي من إيماننا بالله وتجعلنا نؤمن بقناعة أن الفرص للجميع وأن العطاء والتضحية والإبداع إنما هي ملك مشاع للجميع. نعم، ما أشد حاجتنا لمن يزرع الأمل في نفوسنا، لمن يرسم البسمة على شفاهنا ولمن لا يفسر أقوالنا وأعمالنا على مجمل الظن الخاطىء الذي كثيراً ما قبل الإبداع والمبادرات المطلوبة فينا خوفاً من إساءة فهم نحن في غنى عنها. أعرف أنك قد تتمنى أن تملك كل ذلك،ولكن ما أدراك؟ ربما يكون جزءاً منك ولا تشعر بذلك، وإن كنت تعتقد عكس ذلك، فحاول أن تبتسم الآن وقل إنها جزء مني بالفعل فلست أقل من غيري , هيا ابتسم إنه مجرد إحساس حلو فلا تحرم نفسك منه ولو للحظات قليلة . أعِدُك,. بأن أكون لك,. بأن أظلَّ معك,. بألاّ أتخلى عنك,. كما كان عهدك بي,. وإن كنت أشعر,. منذ البداية,. منذ زمن طويل,. بأنني لم أكن لسواك! حتى قبل أن أراك! *** لقد كنتُ أنتظرك,. حتى قبل أن أعرفك! وكنتُ أشعر كثيراً,. من أعماق داخلي,. أنك ستأتي,. يوماً ما لِتكملَ نصفي الآخر! لتكتملَ سعادتي! *** وكنتُ أدعو ربي,. أن يتحقّق حلمي,. أمّا الآن,. وأنا أراك أمامي,. وأنا أشعر بك بجانبي,. حقيقة واضحة,. فليس أقلّ من أن أعدك,. بأن أكون لك,. بأن أظل معك,. إنه إحساس صادق,. فهل تشاركني إياه؟