يا لهذه الحياة الكبيرة الشاسعة الغامضة.. كم هي لغز محير فعلا! نظل نبحث فيها ونفك طلاسمها ونتقرب منها علنا نفهمها فنستمتع بها واذا بنا نجد انفسنا بعيدين عنها.. لم نفهمها بعد.. علينا ان نتقبل ما تعطينا اياه وما تقدمه لنا دون ان نعارض أو نناقش او حتى يحق لنا ان نسأل لم هذا وكيف كان والى متى؟! ففي كثير من الاحيان نحن نعلم في قرارة انفسنا وبشكل لا يقبل الشك ان ما نقوم به من محاولات متواصلة لتصحيح شيء ما او لتحقيق شيء ما او لابداء الرأي في موضوع ما، انما هي في الواقع محاولات يائسة مستميتة، ولكننا نقول لانفسنا لعل وعسى شيء منها يتحقق حتى ولو على المدى البعيد المنظور على الاقل في مسألة تكوين علاقات انسانية.. وهذه ربما تكون مرتبطة بأمور واسطة وغيرها مما نراها امام اعيننا يوميا وهي بالفعل محاولات يائسة لن تجدي نفعا ازاء كل ما نفعله وازاء ما نريد الوصول اليه أو الحصول عليه. ونحن نعلم ايضا من واقع التجارب اليومية العملية ان محاولات التحرك في الوقت الضائع أو في آخر لحظة انما هي محاولات تحصيل حاصل أو محاولات ارضاء ضمير ليس الا! ومع ذلك وتحت ظروف واسباب داخلية وربما لاسباب ضغوط خارجية مفروضة علينا نقول "لابأس" لنحاول، ولعل وعسى، فمن يدري لعلنا نستطيع ان نلم شتات ما نستطيع لمامه ونرمم ما يمكن ترميمه والحصول على الحد الادنى من حقوقنا وامانينا ولكن ومع الاسف فانه حتى التنازلات التي نجبر عليها هي الاخرى لا تجدي نفعا.. هذا ان لم ينظر اليها على انها نواحي ضعف فينا شأنها شأن التضحيات الكبيرة والمتواصلة التي نقدمها يوميا وليت هناك من يقدر أو حتى يسأل! نقول لانفسنا: وما الداعي من هذا كله طالما كانت النتيجة معروفة سلفا ولن تغير واقعا او تبدل حقيقة، ومع ذلك نقول: وماذا سوف نخسر؟ ماذا يضرنا انها محاولة كغيرها من المحاولات فان لم تنفع فلن تضر.. أليس هكذا نبرر لانفسنا تصرفاتنا واحباطاتنا؟ أليس هذا ما يدعونا لنتمسك بآخر شيء ينقذنا من تلك الامواج العاتية التي تكاد تعصف بنا وتغرقنا معها وسط بحر هائج متلاطم لا يرحم.. ووسط ظروف قاسية لا تقر سوى بمنطق القوة، بمنطق السلطة والنفوذ.. بمنطق الصلاحيات المفتوحة التي لاتحدها حدود. منطق الامر الواقع الذي يجب عليك ان تقر به وتمتثل له دون مناقشة. بل منطق ماهو باليد وليس بمنطق ما هو على الشجرة.. نسكب ماء وجوهنا ونتنازل عن كرامتنا لمن يستحق ولا يستحق "لمن يسوى ولا يسوى" ولمن نعرف ولا نعرف.. وليتها محاولات تحسب لنا امام من يستحق ونضحي من اجله إذا لهان الامر علينا واعتبرنا كل شيء عاديا ولكن ماذا عسانا ان نفعل؟ هل سوف نصلح ما افسده الدهر وما تعود عليه الناس من لا مبالاة بمشاعر الآخرين وعدم الاحساس بمن حولهم ممن يحبهم ويخاف عليهم ويتمنى لهم الخير؟ هل سوف نغير من صورتنا الجميلة بالقوة امام من رآها مشوهة اصلا حتى قبل ان يعرفنا او يتحدث معنا؟ هذه العبارة "لعل وعسى" لعلها متعبة في مفهومها العام ولكنها تريحنا، وتسعدنا وتعطينا الامل في الغد وتنسينا ألم الماضي وتعوضنا قهر الحاضر الذي نعيشه يوميا بصورة مختلفة داخل منازلنا مع اسرنا وداخل مجال اعمالنا.. مع رؤسائنا ومرؤوسينا وزملائنا بل وحتى اصدقائنا. لعل وعسى نقولها حين نكون صغارا في عمر الزهور.. لا نعى من حولنا ولا مقدار تضحياتهم من اجلنا.. نقولها حينما يغضبون منا ونتمنى ان يرضوا عنا كي نحصل على ما نريد منهم.. نقولها حينما نكون شبابا.. حينما نطمع ان يفهمها والدانا والمجتمع من حولنا وان يقدروا احتياجاتنا وان يحسوا بوجودنا وطبيعة المرحلة العمرية الحرجة التي نمر بها. نقولها حينما نكون آباء وامهات حينما نضحي بكل شيء ونحرم انفسنا من كل شيء في انفسنا وبأعز ما نملكه من اجل ابنائنا.. لعل وعسى يضمر "ينفع" هذا معهم حينما يكبرون وحينما نكبر نحن معهم ايضا وتكون في امس الحاجة لوقفتهم معنا وبجانبنا.. لعل وعسى نقدم شيئا مفيدا يشفع لنا في ان يكونوا بارين بنا. يهون كل شيء علينا كآباء وامهات من اجل ان نسمع كلمة حلوة من أبنائنا او طبطبة حانية منهم على اكتافنا تشعرنا بأنهم لا يقفون معنا وبجانبنا من قبيل التفضل بل من قبيل الواجب ومن قبيل رد الجميل الذي لا يعوض بكنوز الدنيا جزاء الله والدنيا عنا كل خير وجعلنا بارين بهم واطال اعمارنا واعمارهم كي نستطيع ان نقدم ولو جزءا بسيطا جدا مما قدموه من اجلنا طيلة سنوات عمرهم لعل وعسى.. وان كانوا في غنى عن ذلك ولكن الاصول تظل أصولا لا يعرفها الا ابن الاصول.. ذلك الذي تربى على حب الوالدين واحترامهما وتقدير الآخرين وحسن التعامل مع الغير. أرأيت بنفسك كم هناك اشياء سيئة سوداوية في هذه الحياة.. نحن من نغير من مفهومها فنحيلها الى اشياء رائعة.. انه نحن من يجعل للحياة مذاقا خاصا ونحن من نجعل للعمل متعة حينما نفهم قيمته ونبدع فيه ولا ننظر سوى للايجابيات وحينما نقول لانفسنا لابأس "خير ان شاء الله" كل شيء سيكون افضل.. من لايأتي اليوم سوف يأتي غدا "بمشيئة الله" اكيد انك مشغول هذه الايام وسوف تلتفت لي فيما بعد وهكذا فالمهم ان تكون نوايانا حسنة بعيدة عن سوء الظن وعن الشك وان تكون نظرتنا لانفسنا مبنية على الانسان هو بمقدار عطائه لربه اولا ثم عطائه للآخرين. ومن يدري ففي لحظات معينة نوفق في امور معينة ونخرج من مطبات ومواقف محرجة ليس بشطارتنا ومهارتنا بل بتوفيق الله لنا او دعوات والدينا أو لعمل خير عملناه يوما ما مع شخص ما. انها نبتة صغيرة نزرعها بأنفسنا.. نسقيها من حبنا ونرعاها من حناننا فنجني ثمارها فيما يحب الآخرين لنا ووقوفهم معنا ومساعدتهم لنا في وقت نعتقد فيه اننا وحيدون.. نغرد خارج السرب وهكذا يقولون، ولم لا اذا كان هناك خارج السرب من ضل الطريق او تاهت به السبل أو رفض من قبل الآخرين، من هو بحاجة لي ولك ومن هو بحاجة لوقفتنا معه ودعمه ومساندته وايصاله الى وجهته ما المانع؟ أليست هناك فئات محتاجة بعيدة عن محيط الجماعات بل أليس هناك شباب خارج المنزل باستمرار؟ أليست هناك فتيات قابعات في غرفهن باستمرار لشعورهن أنه لا احد يفهمهن أليس امثال هؤلاء بحاجة لان نمد اليهم ايدينا ونعطيهم ثقتنا ونحاول الدخول لقلوبهم؟ ألم اقل لك كن كما انت بكل مقومات الجمال التي فيك وبكل صفات العطاء التي لديك ولا تنظر للمردود القريب الامل ولا للمصلحة الوقتية مهما قال عنك الآخرون بل قل لنفسك سوف اعمل واعمل مهما كلفني ذلك.. يكفي انني اقوم به عن حب واخلاص وتأكد باذن الله ان الايام حبلى "مليئة" بالاشياء الحلوة والمفاجآت السارة وتحتاج مني ومنك لأن نكتشفها ونستفيد منها ونستمتع بها. فما رأيك في ان نضع ايدينا سويا ونسير في دروب الحب.. تكون غايتنا الخير ووسيلتنا العمل الجميل والمعاملة الحلوة؟ الا تعتقد اننا يمكن ان نكون ثنائيا رائعا.. فمن يدري لعل وعسى أليس كذلك؟ "همسة" اعلم ان ما أقوم به معك.. وربما مع غيرك.. فمن انا بحاجة له.. واعلم ان ما اجري خلفه.. وما استميت من اجله.. بل وما اراهن عليه.. اعلم انه من قبيل لعل وعسى.. اعلم انه سراب خادع.. وهم كاذب.. @@@ اعلم ان كل شيء قد انتهى.. او شارف على الانتهاء وانه لا نفع من محاولاتي.. ولا جدوى منها.. بل ولا داعي لها.. على الاقل الآن.. @@@ صدقني اعلم ذلك واحس به في اعماق داخلي.. ولا استطيع ان اكذب نفسي.. أو اوهمها.. أو أقول لها شيئا آخر.. غير الذي ألمسه بنفسي.. غير الذي احسه بقلبي.. ولكني اقول لنفسي.. وكي أرضي نفسي.. مازال هناك بصيص من امل.. يستحق التمسك به.. ومازال هناك شيء يستحق الجري خلفه ومازالت هناك وعود رائعة.. نستحق انتظارها دون ملل.. رغم قسوتها على قلبي.. @@@ اقول لنفسي ذلك.. واكثر من ذلك.. لاني اعتقد انه مازال هناك لعل وعسى وان كنت اعلم.. انني امني نفسي.. اخدع نفسي.. اماطلها كي اكسب وقتا.. @@@ ولكن هل من خيار آخر لي.. وسط املاءات مفروضة.. ووسط ظروف اقوى مني.. انك تستحق كل ماابذله من اجلك.. فطالما كنت معي وبجانبي وطالما كنت املي.. @@@ بل هل لي من خيار آخر وانا اعلم يقينا.. انني ان لم اقم بذلك.. فلن اكون.. على الاقل من وجهة نظر الآخرين.. ممن يهمهم ان احاول واحاول.. وان استمر واستمر.. دون انقطاع أو ملل.. دون مراعاة ما يشكله لي ذلك.. من الم مبرح.. ومن حرج شديد.. ومن هدر كرامة.. @@@ انني اقوم بكل ذلك.. لأشغل نفسي.. ولأثبت لنفسي.. انني حاولت وحاولت.. بل لاقول لنفسي لتأتي منه هو. وليس مني انا.. ولتكن النهاية.. ان كانت هناك نهاية منه هو.. وليس مني أنا.. لأنني لم ارسم نهايتي بيدي.. ومعه هو بالذات.. ولن اكون البادىء.. في هدم اجمل امنياتي.. واغلى ذكرياتي.. @@@ اعلم ان هذا متعب.. جدا.. متعب عليّ.. ولكن ربما يكون ذلك.. ضريبة الصدق.. ضريبة الحب الحقيقي.. الذي لم اشعر به.. سوى معه هو.. @@@ ذلك الصدق الذي لا يعرف.. سوى الاستمرار في البداية الحلوة.. وليس وضع النهاية المرة لها.. او حتى الاقتراب منها.. او مجرد التفكير فيها.. @@@ يا الله... كم هي متعبة لعل وعسى.. وكم هو مؤلم الاستمرار فيها.. ومع ذلك.. ثق انك تستحقها..