بالأمس القريب ودعت الرس أحد أبنائها وشيعته إلى مثواه الاخير وليس لكِ يا نفس ان تجزعي فالموت حق ولا مفر من قضاء الله وقدره وإذا كان الموت قد تخطاك إلى غيرك فإنه سيتخطى غيرك إليك وليس لنا إلا ان نقول (إنا لله وإنا إليه راجعون)، لكنني لم أستطع أن أتمالك نفسي فأجشهت بالبكاء واغرورقت عيناي بالدموع وأنا أسمع عبر الهاتف خبر وفاة الفقيد الزميل دخيّل راشد الزيدي لاعب الحزم السابق ونجم التسعينيات ورغم محاولاتي المستمرة لاحتباس دموعي وايماني بالقدر والتسليم بذلك إلا ان استعادة شريط الذكريات ذكرني ما كان عليه المرحوم من سجايا حميدة وخصال كريمة سواء ما كان منها في علاقاته الانسانية الشخصية أو الجانب الآخر من حياته وأعني به (حياته الرياضية) التي كانت حافلة بعطاء زاخر ملك بها الفقيد اعجاب كل الر ياضيين في المنطقة الذين يعرفون فيه موهبته الفذة وعطاءه الابداعي الذي رسم فيه صورة زاهية مبدعة علق من خلالها في ذاكرة المتابعين فاستحق اعجابهم ولم يكن دخيّل الذي بدأ حياته الرياضية في الحزم شبلا ثم تدرج إلى ان اصبح لاعبا في جيل النجوم وساهم بفعالية في صناعة المجد الحزماوي بل انه ارتقى سلم النجومية حتى وصل إلى قمة الهرم فيها، يدرك ذلك اقرانه في اندية الرائد والتعاون والنجمة والعربي وقبلها الحزم، فجيل التسعينيات في هذه الاندية يدرك ذلك ويعرف الفقيد وموهبته، وقد تمكن خلال فترة قصيرة ان يستحوذ على اعجاب كل الحزماويين لينطلق إلى عالم النجومية والابداع مما اجبر الجميع على التصفيق له إعجابا وعشقا ولذلك لا غرابة ان يحظى بتفضيل كل المدربين الذين تعاقبوا على تدريب الحزم، وقد جاء اختياره من ضمن التشكيلة الاساسية لمنتخب القصيم في لقائه الودي مع منتخب السويس المصري في زيارته للمملكة وحضوره للقصيم للعب مع منتخب القصيم في اواسط التسعينيات وبعد المباراة نال اشادة وثناء لاعبي منتخب السويس وجهازه الفني وكان من افضل نجوم المباراة من الفريقين. هذا هو الفقيد وبعد ان اعتزل الكرة ظلت تسري في دمه حبا وعشقا من خلال المتابعة والتصق بناديه حاضرا لكل مناسبة ومتابعا لكل لقاء، ولم يكن له جوانب اخرى في حياته تبعده عن الكرة فالكرة عشقه الابدي لذا فقد فقد من خلال هوسه بالكرة الكثير من فرص الحياة الاخرى فعاش في حياته في حياة بسيطة ولم يكن له مورد دخل حتى بعد ان ترك الكرة باعتزالها إلا راتباً ضئيلاً من وظيفة لم يستطع من خلالها ان يؤمن مستقبلاً لعائلته بل ترك لهم بعد الله المحسنين ورجال الخير. رحل دخيل وترك من ورائه اسرة كان يعولها ويمولها معتمداً على الله ثم على علاقاته، وكانت هذه الاسرة بوجوده تعيش على القناعة والرضا بالرزق المقسوم لكن ظروفها صعبت واصبحت حالتها حرجة قاسية بعد ان تعرض الفقيد في العام الأخير من حياته الى مرض عضال في (الكبد) عانى منه كثيرا وتنقل بسببه يجوب الارض بحثا عن علاج، ومع اشتداد حالته اتصف بالصبر وتحمل المعاناة رغم قسوتها وكان ايمانه بالله قويا وكان راضيا بقضاء الله وقدره دخلت عليه ذات يوم أزوره في المستشفى فوجدته جالسا يذكر الله لا يجزع ولا يتضجر ولا يبكي رغم ما يعانيه من الآلام والمضاعفات, وبغيابه ورحيله عن الدنيا وقد ترك زخرفها ومباهجها وزينتها التي لم يكن يملك منها شيئا تكون اسرته قد فقدت من يؤمن لها عيشها بفقد عائلها ووليها وقد ترك من ورائه اسرة تتكون من خمس بنات وولدين أكبرهما في الصف الثالث المتوسط، ولأن الفقيد رحل وترك هذه الاسرة بهذه الحالة، فانني باسم هذه الاسرة وباسم كل حزماوي بل باسم كل الرياضيين في المنطقة ارفع ندائي ورجائي الى صاحب القلب الكبير والمبادرات الانسانية ورجل المواقف وشامل كل الرياضيين ومواسي كل المحتاجين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اتحاد كرة القدم ان يشمل بعطفه ورعايته وكرمه وجوده ونبله ومروءته أسرة الفقيد التي هي بأمس الحاجة الى رعاية سموه وهو الذي عود الرياضيين على هذه الرعاية والاهتمام فالفقيد قضى حياته كلها في الرياضة لاعبا ومتابعا ومشجعا تغمده الله بواسع رحمته والهم اسرته الصبر والسلوان.