الجزيرة ترصد الحياة الرياضية لقائد النصر وجمجمته الذهبية الراحل سعد الجوهر «رحمه الله»

«الفقيد» عاصر أبرز جيلين وحمل شارة الكابتنية مبكراً الجمجمة الذهبية غادر الملاعب بعد (15عاماً) بلا بطاقة ملونة اختير ضمن أول جيل مثّل منتخب المملكة رسمياً في خليجي «1»

فقدت الساحة الرياضية بالمنطقة الوسطى مؤخراً احد ابرز الاسماء اللامعة التي اشتهرت وتألقت مع فريق النصر في سن مبكرة من عمرها الكروي.
انه فقيد الرياضة سعد الجوهر قائد النصر وجمجمته الذهبية في الثمانينيات الذي وافته المنية يوم الثلاثاء الماضي اثر معاناته مع المرض الذي لم يمهله طويلاً تغمده الله بواسع رحمته.
فقد نجح في حمل شارة القيادة بعد سنوات قليلة من ارتدائه القميص الأصفر نظراً لامتلاكه مقومات التفوق من سمات قيادية فذة وامكانيات فنية عالية عززت من حضوره القوي ونجاحه المطلق في الخارطة النصراوية.
* اختير ضمن أول جيل مثّل منتخب المملكة رسمياً في بطولة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390ه 1970م كما اختير ايضا لتمثيل منتخب الوسطى في دورة كأس المصيف بالطائف. واستمر في الملاعب 15 عاما فغادرها بلا بطاقة ملونة.
* الجزيرة وكعادتها في نقل الصورة عن نجوم الأمس تقدم حلقة خاصة عن حياة فقيدنا الراحل سعد الجوهر (رحمه الله) تقرؤونها في السطور التالية:
فقيد الرياضة « سعد الجوهر رحمه الله »
النجم الراحل سعد الجوهر يحمل كأس الملك الذي حققه النصر في النصف الأول من عقد التسعينيات ويظهر الأمير فيصل بن فهد رحمه الله
ضربة البداية
بدأ (فقيد الرياضة) السعودية سعد الجوهر (رحمه الله) حياته الرياضية بحي العطايف الذي كان مرتعاً لصباه ومنطلقاً لنجوميته حيث داعب (الكرة) مع ابناء الحي ومنهم سعد بن خليف وعبدالعزيز الجنوبي ومحمد بن نفيسة وفهد وعبدالعزيز (ابناء الوثلان) وذلك في النصف الثاني من الحقبة السبعينية، انتقل لفريق الشاطئ ثم تحول لفريق نمور الهلال (قبل مجيءحركة تصنيف الاندية) وقد احتوى هذا الفريق الشاب ومده بالكور والملابس الشيخ عبدالرحمن بن سعيد (كساه الله ثوب الصحة والعافية).
وبعد عدة اشهر انتقل الفريق بالقشلة وكان يتزعمه النصراوي الشهير أحمد عبدالله (البربري) حيث ضم مجموعة كبير من اللاعبين الذين سجلوا بالنصر رسمياً ومنهم عبدالله بن نزهان وعبدالله امان وعبدالرحمن بن حوبان (رحمه الله) وفيصل العسيلان عن طريق (البربري) الذي كان يعمل آنذاك في فندق اليمامة ويصرف على هذه المجموعة الشابة ويمدها بالكور والملابس.
استمرت هذه الاسماء حتى عام 1380ه حيث سجلت رسمياً بكشوفات فريق النصر بعد مجيء حركة تصنيف وادارة الاندية.
انضمامه للنصر
وجاء انضمام النجم الراحل سعد الجوهر لفريق النصر شبلاً بتأثير قوي ومباشر من ابني المختار (عبدالله، ومحمد) وهما من رواد الحركة التأسيسية لنادي النصر ومن المعاصرين للاحداث التاريخية للمسيرة الصفراء ويؤكد الفقيد في لقاء الذكريات المنشور بالجزيرة يوم الجمعة 12/8/1423ه ان ميوله كانت آنذاك هلالية باعتبار ان الهلال كان يلعب في الدرجة الأولى (الممتاز حاليا) والنصر كان مصنفاً في الدرجة الثانية.. غير ان ابني المختار نجحا في ضمه للنصر بعد ان كان قاب قوسين أو أدنى من تسجيله بكشوفات الهلال.
هؤلاء وراء بروزه!
مثل فريق النصر في الدرجة الثانية (اشبال) في حط الهجوم وتحديداً جناح أيسر ثم تحول لخط الوسط عقب استدعائه للفريق الأول.. يقول سعد الجوهر ضمن حديثه انه لا ينسى ادوار وافضال عدد من المدربين الذين اشرفوا على تدريبه في مشواره الرياضي وابرزهم عبدالرحمن الجوكر وأحمد عبدالله والثرنة وهؤلاء ساهموا في صقل موهبته ودعم قدراته الفنية البارعة.
حمل شارة القيادة مبكراً
تجلت موهبته في خط الوسط.. رغم صغر سنه في هذا النادي العريق ووجد الفرصة لتمثيله على مستوى الفريق الأول بصورة مبكرة من عمره الرياضي حيث مثله وهو ابن 16 عاماً غير ان هذا النجاح المبكر عزز حظوظه في حمل شارة القيادة النصراوية بعد سنوات قليلة من ارتداء الشعار الاصفر.
ويشير نجمنا الراحل (سعد الجوهر) في ثنايا حديثه للجزيرة الى ان حمله شارة القيادة ضاعف من مسؤوليته وأجج الحماس بداخله بصورة أكبر بيد ان مسؤولية القيادة بلا شك كانت اعظم وشرفاً في الوقت ذاته!
اختيار الهلال
سألنا فقيد الرياضة عن أول مباراة رسمية مثل بها النصر فأجاب (رحمه الله) كانت ضد الهلال عام 1384ه لقاء ضمن لقاءات الدوري كانت بالفعل مباراة صعبة باعتبار انها ضد فريق الهلال الذي كان مرصعاً بالنجوم والاسماء الرنانة التي قادته لإحراز بطولتي الموسم آنذاك كأس الملك وكأس ولي العهد ورغم قوة المواجهة فضلاً عن صغر سني لعبت واحدة من أجمل مبارياتي وقدمت مستوى اشاد به الجميع رغم خسارة النصر..!
الجمجمة الذهبية
ابرز مقومات النجاح التي ساعدته على البروز والظهور المبكر بالخارطة النصراوية الهدوء والتركيز إلى جانب قوته البدنية وفنياً القدرة على قطع الكرات من اقدام لاعبي الخصم وبراعته في احراز الاهداف بالضربات الرأسية حتى ان احدى الصحف من المنطقة الغربية اطلقت عليه لقب صاحب الجمجمة الذهبية لكثرة الاهداف التي سجلها بالرأس!!
عاصر أبرز جيلين!
عاصرت الجمجمة الذهبية ابرز جيلين مرا بتاريخ هذا النادي العريق فقد لعب (رحمه الله) مع جيل البداية والتأسيس محمد بن نفيسة وسعود ابوحيدر وعبدالله امان وناصر كرداش وعبدالرحمن بن حوبان (رحمهما الله) ورزق سالمين ومحمد بلال وميزر امان وفيصل العسيلان وناصر بن نفيسة وغيرهم ثم الجيل الذهبي الذي قاد المسيرة الصفراء للفوز بالبطولات والإنجازات المتنوعة وهم جيل خالد التركي ومبروك التركي والأمير ممدوح بن سعود ومحمد سعد العبدلي وحسن ابو عيد وناصر الجوهر وبقية الاسماء اللامعة الذين كانت تزخر بهم الخارطة النصراوية في تلك الحقبة.
«السلوك» طريق الشهرة!
ولأن السلوك القويم والاخلاق العالية تعدان نبراساً يضيء طريق الشهرة والابداع فقد كان نجمنا الراحل (سعد الجوهر) مثالياً في تعامله واخلاقياته الرفيعة مع الآخرين فعلى مدى عقد ونصف من الزمن قضاها في ميدان الركض لم ينل أي بطاقة ملونة ولم يصدر بحقه قرار ايقاف او بدر منه سوء سلوك تجاه الحكام وزملائه اللاعبين سواء في ناديه او حتى مع الاندية الاخرى فرسم لذاته صورة مثالية أبقته نجماً رائعاً ونموذجاً فريداً يحتذى به في اخلاصه وفنه واخلاقه العالية.
مشواره مع الاخضر
اما مشواره مع المنتخبات فقد انضم النجم الراحل في البداية الى منتخب الوسطى ومثله اساسياً في دورة كأس المصيف بالطائف لمنتخبات المناطق وذلك في النصف الثاني من عقد الثمانينيات ثم رشح لتمثيل منتخب المملكة ولعب في صفوفه منذ عام 1387ه حتى عام 1392ه حيث اختير ضمن أول جيل مثل منتخب المملكة رسمياً في دورة كأس الخليج الأولى بالبحرين عام 1390ه فنال بذلك شرفاً تاريخياً مع الأخضر في المنامة.
وبسبب الاصابة في الركبة لم يشارك في الدورة الثانية بالرياض عام 1392ه حيث شارك فقط في فترة التحضير والتي أقيمت بالمنطقة الغربية وقد تكفل بهذا المعسكر الأمير عبدالله الفيصل (اطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية).
تكريم جماعي
من الاشياء الجميلة في حياة فقيد الرياضة حين اقامت الادارة النصراوية برئاسة هرمها ورمزها الكبير الأمير عبدالرحمن بن سعود حفل تكريم جماعي لأبرز اللاعبين الذين خدموا المسيرة الصفراء بكل اخلاص وتفان حيث تم تكريم كل من سعد الجوهر واحمد الدنيني وناصر كرداش (رحمهم الله) وسعود العفتان وجوهر مرزوق وذلك في النصف الثاني من الحقبة التسعينية تقديراً لتضحياتهم ونجوميتهم.
«سعد» ظاهرة كروية
لم يكن (رحمه الله) نجماً عادياً بل كان يمثل ظاهرة كروية فريدة سبقت المستوى للفرق المحلية في تلك الحقبة الفارطة.. وازاء ذلك حظي بمتابعة جماهيرية عشقت فنه وأداءه المتدفق حماساً وقتالية للشعار الذي يرتديه حتى ان اغلب الاندية جماهيرية بالمنطقة الوسطى كانت تحرص كل الحرص على متابعة وحضور المباريات التي يكون الفريق الاصفر طرفاً فيها لمشاهدة نجمها المحبوب الذي احبته لأخلاقه وقتاليته قبل فنه ونجوميته عن كثب..!
رمز النصر/ (سعد) ابرز الكباتنة الذين مروا على الملاعب السعودية
تحدث صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود رئيس نادي النصر ورمزه الكبير في لقاء الذكريات الذي خص به (الجزيرة) في عددها 9906 الصادر يوم 4/8/1420ه عن النجم الفذ سعد الجوهر قائلاً: سعد الجوهر صاحب لقب الجمجمة الذهبية كان يعد من ابرز الكباتنة الذين مروا بتاريخ الكرة السعودية في شخصيته القوية وقدراته الفنية البارعة ناهيك عن سلوكه الحميد واخلاقه العالية وكذا اخلاصه لناديه واحترامه للادارة التي كانت تقدره وتتجاوب معه رغم صغر سنه لانه لا عب له وزنه وثقله في النصر.انتهى كلام رمز النصر.
وامتداداً لشهادة الأمير عبدالرحمن بن سعود يؤكد عدد من نجوم النصر السابقين على ان (الجوهر) يبقى ظاهرة كروية لا تتكرر في اخلاصها وفنها وقيادتها وانموذجاً لمدرسة مثالية تأثروا كثيرا بها.
كيف حفظ (الجوهر) النصر من الضياع؟!
يقول حارس النصر في الثمانينيات محمد بن نفيسة.. ان الكابتن سعد الجوهر رحمه الله كان يعد خلف بقاء فارس نجد في دائرة الضوء بعد ان كان قاب قوسين او ادنى من الحل والضياع بسبب الاغراءات التي حصل عليها بعض لاعبي النصر (اوائل الثمانينيات) وهم ناصر كرداش وعبدالله امان وناصر بن نفيسة من فريق اتحاد الرياض (قبل حله) حين وقعوا في كشوفاته الأمر الذي اثار حفيظة بعض لاعبي النصر فرفضوا تجديد توقيعهم نهاية الموسم عندما علموا بتوقيع الثلاثي في كشوفات الاتحاد. وطبقاً لنظام التصنيف والثثبيت في تلك الحقبة كان ينص على قيام جميع لاعبي الاندية بتجديد توقيعهم في كشوفات انديتهم اذا رغبوا البقاء مع فرقهم نهاية كل عام.. ولاصرار لاعبي النصر حيال عدم تجديد التوقيع كاد الاصفر ان يدلف نفق الحل والضياع لو لا قيام النجم الراحل سعد الجوهر باقناع زميله ناصر كرداش بحكم علاقته المتينة ومكانته الرفيعة عنده بان يبطل توقيعهم.
وبالفعل استجاب كرداش لطلب (سعد) ونجح في سحب كشوفات الاتحاد التي وقعوا عليها وتمزيقها بعيداً عن الانظار ليعود هذا الثلاثي لناديهم الاصلي ومن ثم وقعّ الجميع في كشوفات النصر في صورة بطولية جسدها الفقيد عكست بالتأكيد حبه وولاءه لفارس نجد!!.